الخطر الكوري
ساطع نور الدين
مرة اخرى، تضع كوريا الشمالية كلاً من إيران وسوريا ولبنان في دائرة الخطر، وتفرض عليهم الدخول في اختبار جديد لنوايا الادارة الاميركية وإرادتها، لا يستبعد خيار الوقوف على حافة الحرب، المحرمة حتى الآن في الشرق الآسيوي، والمحتملة في اي لحظة على الجبهات الآسيوية الغربية.
التجارب النووية والصاروخية الاخيرة التي اجرتها كوريا الشمالية الاسبوع الماضي، لم تكن من النوع الذي يندرج في سياق التفاوض المتعثر بين الدول الكبرى وبين تلك الدولة الشيوعية المعزولة والمحاصرة، والتي اصبحت قوة نووية من دون اي التباس، وتجبر بقية دول العالم لا سيما جيرانها الأقوياء مثل الصين وروسيا واليابان على الاعتراف بمكانتها الدولية الجديدة والتعاطي معها على هذا الأساس.
لم تكن تلك التجارب خبراً ساراً لبيجين او طوكيو او موسكو، او طبعاً الشطر الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية الذي وضع في حالة استنفار عسكرية قصوى، لمواجهة ما يعده الرأس المريض الذي يحكم كوريا الشمالية، الرئيس كيم ايل جونغ وما اذا كان يستعد لتسليم مفاتيح السلطة والقنبلة النووية الى نجله الاصغر كما يقال، ام انه يخطط بالفعل لإشعال ذلك الحريق الآسيوي الكبير الذي طالما هدد به، منذ ان تحولت بلاده الى محجر يعيش سكانه على حافة الجوع.
التجارب كانت اكبر وأخطر من ان توضع في اطار عملية انتقال السلطة بين الأب والإبن في بيونغ يانغ، لكنها كانت اقرب الى نداء استغاثة الى دول الجوار ومعهم الاميركيين بشكل خاص للتفاوض على شروط فك العزلة عن كوريا الشمالية وتزويد شعبها بمستلزمات البقاء، والإقرار بشرعية حكم النجل الاصغر للرئيس كيم جونغ ايل، الذي لا يعرف عنه سوى انه اقل معرفة وحكمة من والده، الذي لم يثبت حتى الآن انه كان حكيماً.
ليس امام العالم سوى خيار من اثنين، اما ان يحرق كوريا الشمالية ويعرض جيرانها جميعاً لمخاطر مثل هذا الحريق، او ان يسلم بانضمامها الى النادي النووي، مع ما يعنيه ذلك من احتمال تسرب القنبلة الى دول تتوق الى اقتنائها او حتى الى تنظيمات مستعدة لشرائها بأي ثمن. العقوبات الدولية اثبتت فشلها ولم تفلح في إقناع الكوريين الشماليين بمقايضة صحن الأرز الذي يزداد ندرة على موائدهم، مع برنامجهم النووي والصاروخي الذي يزداد رسوخاً وتطوراً.. كما يتحول الى خيار استراتيجي لا بديل له.
هو الاختبار العملي الاول لإدارة الرئيس باراك اوباما التي يتوجه اليها الكوريون الشماليون بالنداء والتحدي، والتي يفترض ان تقرر بسرعة ما اذا كانت ستجلس الى طاولة المفاوضات، كما تنوي ان تفعل مع ايران وسوريا، ام انها ستحيي فكرة المواجهة مع ذلك «المحور الشرير» الممتد من بيونغ يانغ الى طهران الى دمشق وصولاً حتى الضاحية الجنوبية لبيروت، الذي يخضع لمعايير واحدة، ويعتمد وجهة نظر تكاد تكون منسقة سلفاً، عنوانها اختبار مدى استـــعداد اميركا للاعتراف بهزيمة السياسة التي انتهجها الرئيس السابق جورج بوش، والبدء في التغيير
السفير