العادة السيئة ذاتها ! أحداث الرحيبة
هيئة تحرير موقع اعلان دمشق
لا تكاد مشكلة تظهر في سوريا، على أية خلفية كانت، واستدعت تدخل القوى الأمنية على تعددها، إلا وكان هناك ضحايا وجرحى وسجون ومآس ٍ. السبب في ذلك بات السوريون يعرفونه تماما، إنها العادات السيئة التي نشأت عليها الأجهزة الأمنية، ألا وهي، استدعاء الحلول الأمنية، لمعالجة الأمور الطارئة، مستفيدة من تأبيد حالة الطوارئ والأحكام العرفية، التي تربص على صدر الشعب السوري منذ قرابة النصف قرن. وهو أيضا يعكس نمطاً في التفكير الأمني، يستبطن ازدراءً للناس والقانون، واسترخاصاً لدمائهم ومصائرهم على قاعدة بائسة، يكررها قادة الأجهزة الأمنية ” إن هذا الشعب لا يفهم إلا لغة القوة” وهذا ما حصل في القامشلي وصيدنايا وغيرها كثير.
نهاية الأسبوع الفائت وعلى مدى يومين، ساد التوتر والعنف مدينة الرحيبة، التي تقع شمال شرق دمشق، وتبعد عنها خمسون كيلو مترا ً، وسقط خلال المواجهات ضحايا وجرحى، على خلفية هدم مخالفات بناء، في دولة سمتها الشائعة، المخالفة في البناء، وهي حالة يشجعها و يستديمها منهج الفساد والإفساد، وحالة الفقر التي تلف الشعب السوري، ولا أحد يعرف حجم الأذى الذي سيلحق بأهالي المدينة بعد أن سيطرت القوى الأمنية على الوضع.
ما دام القانون لا يلقى الاحترام الذي يستحقه، سواء من قبل الأجهزة التي يفترض بها حماية القانون والسهر عليه، ولا من قبل المواطنين الذين تتملكهم “بحكم التجربة الطويلة ” شكوك عميقة حول عدالته وعموميته. الأمر الذي يجعل ما حصل في الرحيبة قابلا ً للتكرار، وإن تنوعت الأسباب.
المعالجات الأمنية لم تقدم حلولاً في الماضي، ولن تستطيع تقديمها في المستقبل، وهي سوف تزيد الطين بلة، وستضعف من هيبة القانون في نظر الناس، وهذا مدخل خطير للفوضى، التي لا تحتاجها سوريا.
كما أن القوانين الاستثنائية التي توفر حصانة من الملاحقة القضائية، للعناصر الأمنية، فيما يرتكبونه بحق الناس من جرائم تطال حياتهم أو ممتلكاتهم، تشكل مدخلاً آخر لمفاقمة العنف في المجتمع والاستهتار بالقانون.
إن حصانة سوريا يضمنها طرد العنف خارج المجتمع السوري، وتعززها القناعة والاحترام التي ينظر بها المواطنون للقانون، الذي ينظم علاقاتهم ويضمن حقوقهم ويحدد واجباتهم، من هنا فإن وضع حد نهائي للمعالجات الأمنية، وفتح تحقيق جاد حول ما حصل، ونشر نتائجه ومحاسبة من تسببوا بسقوط ضحايا، من عناصر الأجهزة الأمنية كانوا أو من الأهالي، وإحالتهم للقضاء، يشكل خطوة أولى وضرورية على طريق الخروج من سطوة العادات السيئة والفهم السطحي.