ضياع بين الماضي والحاضر

جيهان المللي
نحن شعب نطالب ونموت من أجل الحريه لكن علينا أولا أن نحرر أنفسنا من الأنا العليا التي تعيق تفكيرنا بالقضيه
أعلم بأنه من الصعب علينا تقبل الحقيقة المره  لاسيما ان حب العظمة و الأنا العليا التي تربينا عليها وشمت في قلوبنا وجرت في عروقنا كالدم تأصلت في جيناتنا فكنا للأسف وما زلنا نورثها لأجيالنا لتفتك بهم,  و كالسرطان البطيء تشوه وتأكل كل نضوج أو وعي قومي يولد في داخلهم,  وبذلك نكون قد قتلنا كل بذور التطور الفكري لجيل سيكون بعدنا مسؤولين عن  القضيه,  ربما يعتقد البعض أني أحاول ألغاء الماضي لكني أكتب ثانية لأوضح بأننا جميعا وأنا أولكم أعتز وأفتخر بأجدادي (زعماء ويران شهر) لكن وقوفي على الأطلال و تشبثي بها سيجردني من التفكير بأن أكون أمرأه كرديه حره تحلم بوطن ذو هويه تريد العيش بكرامة وأنسانيه.
الأخ الطبيب بنكين حاجو, قرأت مقالتك التاريخيه الرائعة بقسميه عن جدك حاجو, استوقفتني بعض الأفكار التي طرحت العديد من الأسئلة, التي لم أرى لها جواباً مقنعاً, فقررت الكتابه عل وعسى ان ارى جواباً شافياً عندك. بداية أود أن أنوه بأن تعليقي هذا ليس هجوماً أو أستهانة بنضال أجدادك رحمهم الله , انما هو طرح لمشكلة اجتماعية فكرية لشعب يحتوي مجموعة من المثقفين واشباه المثقفين يتبنون هذه الأفكار التي تعيق مسيرة النضال السياسي لهذه الأمة, كما انه عتاب و أسف على طبيب كردي من المفترض أن يكون قدوة لعائلته وللجيل الذي يليه.

إذا نظرنا الى المجتمع الكردي الأن بنظرة واقعية نكتشف بأن  قادة شعبنا مازالوا يتخبطون للحفاظ على الكرسي والسلطة,  بينما الشعب يبحث عن لقمة العيش البسيطة, رغم كل التطورات والأنفتاح والوعي القومي والحرية الفكريه والمستويات الثقافية العالية التي وصلنا إليها الأن ونحن قد تخطينا القرن العشرين, ما زلنا أمة مشتته ضائعة تحكمنا عاداتنا وافكارنا العشائرية الضيقه. فما بالك وانت تعود الى الوراء 70 عاماً وتنظر الى هذا المجتمع الذي كان الوعي القومي و الأجتماعي فيه لايتجاوز حد المحافظة على الممتلكات الشخصية من القرى والأراضي او تعزيز لنفوذ وسيطرة العشيرة, وذلك بزيادة النسل وتطبيق الشريعة الأسلاميه بالزواج من أربع نساء. هل ياترى من المنطقي بان الجد المحترم المولود في تلك الحقبة التاريخية المظلمة,  الأمي و الهارب من تركيا بظروف غامضة ولأسباب مجهولة يملك هذا الوعي القومي ليفكر في بناء دولة كردية( بل كردستان كما تدعي) ؟ !!  الأخ بنكين إذا كنا فعلاً مؤرخينً ذو ذمة و ضمير يجب أن لا نتناسى بأن  تك الفتره ضمت العديد من الشخصيات المؤثره مثل الأمير البوطاني صاحب نشر اول بذور الروح القومية الكردية في سوريا ذو الثقافة العالية, كما أنك لم تذكر اسم اي من المناضلين او القادة الذين شاركوا في ثورة الشيخ سعيد والتجئوا الى سوريا, فقد كان لهم تأثير كبيرعلى المجتمع . والغريب ان مستنداتك التاريخية اعتمدت فقط على يوميات الشاعر جكرخوين لتسلط الضوء على النقاط الأيجابيه في هذه اليوميات دون ان تتطرق الى الجوانب السلبية التي ذكرت عن حاجو في تلك اليوميات. . أخي العزيز ان التاريخ لا يكتب لشخص واحد وينسى الأخرين؟!!
كوننا شعب مضطهد أجتماعياً وثقافياً وأقتصادياً وسياسياً كان السبب في إتاحة الفرصة لذوي النفوس الضعيفة بيننا بأن يبيع ضميره وتاريخه ومبادئه للحصول على مركز أو قطعة أرض أو مبلغ هزيل من النقود, فيكونوا مصدر دعاية وتمويه للحقائق التاريخية  لمصلحة عائلة على حساب أخرى,  وبأسم العيب والعشائرية أغلقنا كل الأبواب أمام المؤرخين الشرفاء اصحاب المبادئ  وليس المصالح ,  لكتابة التاريخ الحقيقي   بأسلوب أكاديمي يتناول تاريخ هذه المنطقة  وشخصياتها الوطنية المناضلة.
انت المثقف الواعي السياسي تكتب عن امجاد اجدادك وتقضي ساعات وساعات في التفكير والبحث لتجعل من حاجو بطلاً قومياً لم يكرره التاريخ الكردي, فماذا ستكتب عن الألاف من النساء والرجال الأكراد المعتقلين في سجون سوريا وتركيا وايران الذين تهتك اعراضهم وتغتصب بناتهم وتشرد اولادهم, كم سيكفيك من السطور لتروي معانات الأمهات والأطفال المشردين الذين حسرتهم سروال يغطي جسدهم في العيد, اين انت واين هي عائلتك من الفقر والجوع الذي يعانيه شعبنا الكردي في القامشلي ام انكم مختصون فقط بأنفاق اموال سوسيال  أوربي على الدعاية وشراء العقارت والذهب.
يؤلمني ان تكون صفوة المجتمع الكردي تتبنى هذه الأفكار البالية التي كانت السبب في ادراجنا في نهاية قائمة الشعوب المتخلفة. إذا كنت وطنياً وكردياً فعلاً اين انت من كل هذه المصائب وماذا فعلت لقضيتك سوى الوقوف على اطلال تاريخ اجدادك لتنبش في القبور بحثاً عن اي شىء يغطي فشلك السياسي, فنصيحتي لك يا أخي كأمرأة كردية تعيش في الجزيرة أن تحفظ ما بقي لك من ماء وجهك ودع التاريخ يصحح ماتدعيه تشويهاً للحقائق, ويكتب عن امجاد اجدادك إذا كانت فعلاً موجودة, وإن لم تكن فالأجدر بك ان تبحث عن شيء أخر يرضي الأنا العليا في ذاتك, هناك مثل كردي يقول الغجر (قراجي) هم فقط من يصفون انفسهم وانت باسلوبك هذا فتحت الباب لكل من هب ودب لتجعل المرحوم سيرة على كل لسان. ارجوك ياأخي ان تحافظ على ما تبقى من الحرمة لأجدادك وكفاك نبش في القبور ودع الماضي مستور, وتذكر انت وشريحتك من المثقفين الموجودون في اوروبا بأن الجيل القادم هو امانة في اعناقكم وبحاجة الى عمل شاق وتفكير سليم ينتشله من الضياع مابين الكردية والأوروبية والأنا العليا .
خاص – صفحات سورية –