هل توجد أحزاب وحياة سياسية في سورية؟
عمران كيالي
إن توصيفا صحيحا للواقع يؤدي إلى نتائج أكثر دقة, لذلك سأبدأ بالسؤال التالي: هل توجد أحزاب, أو حياة سياسية, في سوريا؟ من الضروري للإجابة على هذا السؤال أن تكون لدينا صورة واضحة عن ماهية الحزب السياسي
بسرعة نقول, إن شروط الحزب تكمن في:
– برنامج متفق عليه يعتمد نتيجة حوار واسع بين كوادر وأعضاء جاؤوا بشكل طوعي, تجمعهم أهداف ومصالح مشتركة, برنامج قادر على رؤية الواقع بحركته.
– نظام داخلي متفق عليه, ينظم آلية تشكل الهيئات والمكاتب واللجان من الكوادر الفاعلة, حسب الأداء وليس الولاء, وعلى قاعدة شركاء لا أجراء, كما ينظم آلية عمل المنظمات في جميع الأحوال.
– وسائل إعلام ولغة إرسال هي صلة الوصل بين الفكرة والمتلقي, قادرة على تقديم التحليل السياسي العلمي على كل المستويات العالمية والإقليمية والمحلية وهنا يكمن الفن في العمل السياسي.
– جماهير تزداد اقترابا من الحزب وبرنامجه كلما ازداد أداء الحزب واقعية, وكلما ازداد اهتمامه بمصالح المجتمع, خاصة الطبقات والفئات التي يمثلها.
إذا فالجواب على وجود أو عدم وجود أحزاب سياسية في المجتمع المعني,هو في الجواب على من تنطبق عليه الصفات المذكورة أعلاه!!
إذا اعتبرنا, تجاوزا, أن المجموعات والفصائل الموجودة حاليا هي أحزاب, وقد تجاوز عددها الستين جهة وفريقا, فسوف نستنتج أننا في بلد ديمقراطي, وكل ما يقال عن الاستبداد هو افتراء على الآخرين!!
ما العمل إذا؟ وكيف يتم التغيير إذا لم تكن الأداة/ الحزب / موجودة؟
وهل الظروف الآنية تستدعي وجود حزب موحد الإرادة والعمل، مؤدلج باتجاه وحيد, أم ائتلاف وطني واسع؟
هذه, وأسئلة أخرى أراها جديرة بأن تناقش.
لكن, وبالتأكيد, فإن ما تقدم لا يغلق الباب على أي مشروع وحدوي, سواء أكان ضيقا ضمن إيديولوجيا واحدة, أو واسعا ضمن الإطار الوطني العام. بهذا نكون قد وصلنا إلى زبدة الكلام, وهي:
شروط العملية التوحيدية:
–لا وحدة بدون موحدين: هناك بالضرورة كوادر قادرة وتتمتع بلياقة ديمقراطية تؤهلها للاعتراف ليس فقط بالاختلاف بل بضرورته, هذه الكوادر لديها القدوة الحسنة والمثل بسعة الصدر, والفهم الاستثنائي للمرحلة وضروراتها, وواقع المجتمع وحاجاته. – الديمقراطية كمدخل على الصعيدين( صعيد الحياة الداخلية للحزب وعلى المستوى الوطني) حيث أن فاقد الشيء لا يعطيه.
ا-لإقلال من الثوابت وصولا إلى برنامج الحد الأدنى, بمعنى إفساح المجال أمام العمل السياسي بالتحرك وفق المعطيات والمستجدات, حتى لا يسبق الواقع ويكون عينا له. – اعتماد آليات تفكير وممارسة جديدة تتناسب مع الظروف الموضوعية, الزمان, المكان.
– إيجاد لغة إرسال واضحة تتناسب مع الذهنية السائدة في المجتمع خاصة لدى الشباب.
أخيرا, لا أدعي أنني قلت كل شيء, فالحوار ما زال مفتوحا, والعمليات التوحيدية لا تزال في بداياتها, ونحن لسنا أشعريين حتى نغلق باب الاجتهاد.
”إن المساهمة الناشطة واقعياً بكل الأحداث، والموقف العملي واقعياً لكل أعضاء تنظيم ما، لا يحصلان إلا بوضع كل الشخصية في اللعبة. ليس إلا عندما يصبح الفعل داخل كل التجمع العمل الشخصي المركزي لكل فرد يساهم فيه، أن يتمكن الفصل بين حق وواجب أن يضمحل“
جورج لوكاش: ”ملاحظات منهجية عن قضية التنظيم “ / كتاب ”التاريخ والوعي الطبقي“
جريدة سياسية يصدرها تجمع اليسار الماركسي قي سوريا /تيم