صفحات العالمما يحدث في لبنان

الحريري فاجأ حلفاءه… فضاعوا وتضاربت مواقفهم

مارون ناصيف
لم يكن من الصعب على المراقبين أن يلحظوا التمايز الفاضح الذي برز في المواقف التي صدرت عن بعض نواب تيار المستقبل وحلفائه من المسيحيين وغير المسيحيين، تعليقاً على زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى سوريا. إلا أن هذا التمايز لم يأت من لا شيء بل نتيجة عوامل عدة منها ما هو مرتبط بالحريري ومنها ما هو خارج عن إرادته وإرادة تياره السياسي.
ففي الشق المتعلق برئيس الحكومة، تؤكد المعلومات أن الحريري كان قد أوعز الى نوابه ومناصريه، كذلك الى نواب ما كان يسمى بقوى 14 آذار، أنه سيحرص على إنجاز زيارته الى العاصمة السورية بكل ما تمليه عليه مقتضيات العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إن لجهة إعلام مجلس الوزراء بالزيارة وموعدها أو لجهة تشكيل الوفد المرافق وإختيار أعضائه او حتى لناحية إطلاع المجلس على جدول أعمال الزيارة الذي سيبحث مع الرئيس السوري بشار الأسد.
لكن المفاجأة كانت أن الحريري، وبحسب المعلومات عينها، لم يلتزم لا بهذا الوعد ولا بذاك بل ذهب الى الشام على خطى من سبقوه شكلياً مع ما يحتمله ذلك من ملاحظات في الشكل والمضمون لناحية تطور العلاقات مستقبلاً بين البلدين إذ يصبح مسموحاً لكل مسؤول لبناني وفي اللحظة التي يختار ان يزور العاصمة السورية على هواه الأمر الذي يعيد الى الذاكرة مشهد المرحلة الماضية.
لذلك لم يتقبل بعض نواب المستقبل مشهد الحريري في قصر تشرين وهو يتبادل الإبتسامات والقبل مع الذي كان في الأمس القريب المتهم الأول بإغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، فسيطر عليهم الذهول والصدمة وأمضوا يومي الزيارة متعجبين.
ويكشف مصدر مطلع من حلفاء الحريري أن عدداً كبيراً من قيادات الامانة العامة لقوى 14 آذار لم يحرج من اقفال هواتفه الخلوية لعدم الرد على سيل الاتصالات التي انهالت عليه تطلب تعليقاً على الموضوع.
وللتذكير فقط، ففي هذا الإطار جاء تعليق عضو كتلة المستقبل النائب أحمد فتفت الذي إعتبر فيه أن “زيارة الحريري الى سوريا أصعب أمر سيقوم به في حياته، مشيرا الى أن الحريري مدرك لرفض بعض من شارعه لهذا الحدث…”
أما بالنسبة الى التصريحات التي لا علاقة للحريري بها، فهي التي صدرت عن مسيحييه وبشكل عشوائي. فبينما إعتبر أمين السر العام في القوات اللبنانية العميد وهبه قاطيشا أن “النيات السورية تجاه لبنان لا تزال غير سليمة خصوصاً تجاه الحكومة اللبنانية ورئيسها”، أكد عضو كتلة الكتائب النائب سامر سعاده أن “الزيارة ضرورية وتصب في مصلحة لبنان”، ولفت رئيس الدائرة الاعلامية في القوات اللبنانية نادي غصن الى أن “زيارة رئيس الحكومة الى دمشق تجسد بداية العلاقات الجديدة بين البلدين بعد الحقبة الماضية المليئة بالجراحات، آملا أن تترجم عمليا لما فيه خير للبلدين”.
كل هذه المواقف المتضاربة لمسيحيي فريق الحريري السياسي، يفسرها مصدر حريري بالخطابات الرنانة النابعة عن حال الضياع السياسي المسيطرة لدى هؤلاء الذين لم يعرفوا كيف يخرجون جمهورهم من التعبئة الإنتخابية ضد سوريا التي برزت عشية السابع من حزيران من دون أن يدركوا أن الظروف تبدلت وما كان يصلح في السنوات الأربع الماضية ولى زمنه الى غير رجعة”. ويتابع المصدر نفسه معتبراً أن هؤلاء سرعان ما سينضمون الى قطار الحريري مجدداً وهذا الأمر سيبدأ فوراً لحظة يكتشفون أن العداء لسوريا لن يضيف الى قاعدتهم الشعبية المسيحية أي مناصر أو قيمة مضافة.
في المحصلة وعلى رغم هذا الضياع السياسي داخل حلفاء الحريري، لا بد من الإقرار بأن رئيس الحكومة حسم خياره السياسي المقاوم والمنفتح على كل شرائح المجتمع اللبناني بدءاً بالرابيه ومروراً بالضاحية فوصولاً الى المختاره، لذلك فعلى مسيحييه القدامى إما ان ينضموا اليه وإما أن يختاروا التقوقع الذي يودي بهم الى الإنعزال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى