ماذا يجري بين واشنطن ودمشق؟
ساطع نور الدين
لغز جديد اضيف الى ألغاز عدة يحاول اللبنانيون عبثا فك رموزها: ما الذي يجري بين سوريا واميركا؟ والى اين وصل الحوار الامني والسياسي الذي يدور بين البلدين تحت شعار «الانخراط» مع خصوم اميركا الذي رفعه الرئيس باراك اوباما، والذي انتج انفتاحا سعوديا على دمشق لا تزال تفاصيله ونتائجه تقع ايضا في باب الغيب.
ثمة انباء عديدة، يحتاج معظمها الى تدقيق، تفيد ان الرياض تجري هذه الايام مراجعة لقرارها المفاجئ الذي اتخذه الملك السعودي عبد الله في قمة الكويت الاقتصادية العربية مطلع هذا العام بالانفتاح على دمشق. وهي خطوة لم تفرضها عطلة الصيف التي اخرجت المسؤولين السعوديين من ديارهم الى بلاد الاصطياف، كما يشاع حاليا في بيروت، بقدر ما فرضتها وقائع اخرى اهمها نصيحة اميركية بعدم الاستعجال في الذهاب الى العاصمة السورية، فضلا عن نصيحة مصرية مماثلة.. وقد لقيت النصيحتان صداهما الايجابي في الرياض بعد الاضطرابات التي شهدتها ايران في اعقاب انتخاباتها الرئاسية، والتي ساهمت في كشف ضعف النظام الايراني وبالتالي اهتزاز المحور السوري الايراني الذي كانت واشنطن ودول الاعتدال العربي تعتبر تفكيكه هدفا رئيسيا لجهودها السياسية.
حتى الآن جرت ثلاث جولات حوار بين دمشق وواشنطن، سبقها التزام سوري بالشروط التي وضعها الاميركيون، وأهمها التهدئة في لبنان ووقف التدخل في شؤونه الداخلية الى حد ان السفير السوري في بيروت يلزم مكتبه ولا يغادره حتى للمناسبات الاجتماعية ويترك لسفراء لبنانيين لسوريا مهمة نقل مواقفها ووجهات نظرها.. وثانيها التهدئة في فلسطين التي اعلنتها قيادة حركة حماس من دمشق ولا تزال تلتزم بوقف اطلاق الصواريخ من غزة وتبدي استعدادها لقبول حل الدولتين وحضور اي مؤتمر دولي للسلام.
في المقابل، لم تلتزم واشنطن حتى اللحظة بأي من الشروط المسبقة للحوار، لا سيما منها الشروع في رفع العقوبات على سوريا والغاء قرار الكونغرس محاسبتها، واكتفت باعلان عزمها اعادة السفير الاميركي الى دمشق، واختارت لهذا المنصب اسما ملتبسا هو السفير السابق في اسرائيل ومصر دانيال كريتزر الذي يكرهه الاسرائيليون ولا يثقون به، بعدما كانت قد كلفت دبلوماسيا اميركيا خبيرا بالشؤون السورية، هو فريدريك هوف بادارة الحوار معها، وبمرافقة المبعوث الاميركي جورج ميتشل اثناء زيارته الى سوريا في حزيران الماضي.
الحوار الثنائي ما زال يجري في سياق واضح ومحدد: اقتنعت دمشق بأن لبنان وفلسطين لم يعودا مختبرين لنفوذها الحصري. وسلمت بان مفاوضات السلام مع اسرائيل لن تستأنف الا اذا نجح اوباما في اقناع حكومة بنيامين نتنياهو بانعقاد المؤتمر الدولي الموعود. لكن السر يبقى في العراق الذي كان حاضرا منذ اللحظة الاولى لاستئناف الحوار، وكان بندا رئيسيا على جدول اعمال الجلسة الاخيرة قبل ايام، وما تخللها من حديث عن لوائح مطلوبين!
لا يمكن الجزم في ما اذا كان هذا الحوار يتقدم او يتعثر. يمكن التكهن بمشاعر سورية اميركية متبادلة ادنى بكثير من التوقعات. وهو ما تحاول بيروت فك رموزه.
السفير