المعارضة السورية تأبى إلا السقوط
وصلني قبل أسبوع تقريباً على بريدي الإلكتروني دعوة لتوقيع العريضة الموجهة لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون. هذه العريضة موجهة أساساً من بعض ناشطين في مجال حقوق الإنسان وبعض الجهات أو/و الأشخاص المعارضين السوريين.
هناك منحيين أساسيين في مناقشتي لهذه العريضة، أولاً الجهة التي وصلت منها رسالة الدعوة وثانياً فحوى الدعوة.
وصلتني الدعوة من نفس البريد الالكتروني (Damasdecusa@kassars.com) الذي أرسل دعوة عامة قبل بضعة أسابيع لحضور اجتماع الجمعية العمومية لإعلان دمشق، والرسالة هذه مرسلة من قبل لجنة إعلان دمشق في أمريكا. وبالتالي فهناك عدة احتمالات للجهة التي تتبنى رسمياً العريضة الموجهة لكلينتون، فإما أن يكون ائتلاف إعلان دمشق يتبنى بشكل رسمي هذه الوثيقة ويوجهها باسمه مع آخرين لشخص وزيرة الخارجية الأمريكية وهذا الاحتمال لا يوجد أي دليل عليه لا من خلال الأسماء الموقعة ولا من خلال تبنٍ رسمي لها على موقع إعلان دمشق (النداء)، وإن صح هذا الاحتمال فهناك إشارة استفهام كبيرة جداً حول فهم أطراف إعلان دمشق لمسألة العمل الوطني المعارض. أما إن كانت الدعوة لتوقيع العريضة موجهة ومتبناة بشكل رسمي من قبل لجنة الإعلان في أمريكا فأعتقد أنه في هذه الحالة يجب أن نتساءل: ماهي آليات التنسيق بين الأمانة العامة لإعلان دمشق وبين اللجان الفرعية في باقي دول العالم؟ وإن تضارب موقفان فإلى أيهما يجب أن نركن ونناقش؟ وهنا يجب على ائتلاف إعلان دمشق العمل على توضيح ماهي طبيعة اللجان الفرعية وعلاقتها مع الإمانة العامة إن كان لازال هناك تماسك بين مكونات هذا الائتلاف. أما الاحتمال الثالث لمصدر هذه الرسالة فهو أحد الأشخاص من اللجنة الفرعية في أمريكا والذي يمتلك حق الوصول إلى البريد الالكتروني الخاصب اللجنة الفرعية وهو يوافق على هذه العريضة ويسعى إلى تعميمها على الجميع من قبله هو كشخص دون أن يمثل أي جهة كانت، وهنا يصبح من البديهي أن نطالب ونعلن انزعاجنا من هذا الخلط بين المعارضين كأفراد وبين المؤسسات المعارضة، وخاصة أني قلت فيما سبق أن أهم إنجازات إعلان دمشق هو وضع اللبنات الأولى لمأسسة عمل المعارضة السورية حتى وإن اختلفت جوهرياً مع توجهاتها وأساليب عملها.
وبغض النظر عن الجهة أو الأشخاص الذين يتبنون هذه العريضة فهم في النهاية معارضون للنظام في سوريا أرداوا توجيه رسالة إلى وزيرة الخارجية الأمريكية لحثها على الضغط على السلطات السورية من أجل احترام حقوق الإنسان! إلى من موجهة الرسالة؟ إلى وزيرة خارجية الدولة التي قتلت وسببت بمقتل مئات آلاف العراقيين وهجرت وسببت بتهجير مئات آخرى من الآلاف، وهؤلاء ليسوا أرقاماً فقط بل كل منهم حكاية إنسان، حكاية أسرة عاشت فرحها وحزنها معاً. وهذه الدولة أيضاً تدعم الكيان الإسرائيلي الذي يمارس إرهابه واحتلاله للأراضي الفلسطينية منذ أكثر من ستين عاماً، تدعمه بالسلاح والمال والإعلام والسياسة والعلم والتقنية وبكل ما أوتيت به من قوة. هذه الوزيرة ورئيسها كانا يتنافسان على من يلتزم أكثر بأمن إسرائيل عندما كانا يتسابقان إلى البيت الأبيض. هذا جزء من سياسة البيت الأبيض تجاه شعوب منطقتنا، ولا ننسى أيضاً غوانتنامو وأبو غريب وغيرها، فعن أي دعم لحقوق الإنسان في العالم الثالث تتحدثون؟ السياسة الخارجية الأمريكية تعمل وفق مصالحها القومية العليا ولا تأل جهداً في سبيل تحقيق أهدافها، فإن كانت الوسيلة الضغط على الحكومات بحجة حقوق الإنسان فسوف تفعل وإن كان السبيل في الضغط على معارضة تلك الحكومات بحجة الحفاظ على الاستقرار فسوف تفعل ذلك أيضاً. أفهل هي سذاجة سياسية من قبل بعض المعارضين السوريين أم تقديم أوراق اعتماد لسيد البيت الأبيض؟ كيف سوف تفرضون احترامكم على الغرب “إذا افترضنا” أنكم يوماً أصبحتم كتلة مؤثرة في المشهد السياسي الداخلي، وأنتم تستجدون الرحمة من مجرمي الحرب؟ نعم مجرموا حرب بنظر القانون الدولي وبنظر حقوق الإنسان وبنظر كل المواثيق والعهود الدولية وبنظر الأديان والأعراف الإنسانية.
http://thefreemen.wordpress.com/