صفحات العالمنبيل الملحم

جلالة الوقت

نبيل الملحم
الوقت هو :” جنرال السياسة”، و”قائد أركانها” وبالوسع اضافة :” وبطلها المظفر”، ولنلاحظ ألعاب الوقت في الشرق الادنى، وفي الضفة السورية على وجه التحديد.
الخطوة الاولى كانت :” اغتيال الرئيس رفيق الحريري”، وبعدها، خروج الجيش السوري من لبنان، وبعدهما تشققات في الكيان اللبناني، وبعد بعدهما، قطيعة سورية – لبنانية، وصلت الى تفاصيل المشترك اللبناني السوري، بما في ذلك عرنوس الذرة المشوي على صخرة الروشة، وفي الدكوانة.
وبعد؟
بعد كل ذلك وقعت حرب تموز، ليثبت لاحقا أن الحرب كان مخططا لها مسبقا، وقبل أسر حزب الله لجنديين يستجمان قبالة سلاحه “الكاتيوشا”، وتوقيت الحرب في بعد من أبعاده جاء بعد استفراد اسرائيل بقوات حزب الله، والاطمئنان الى أن الجيش السوري بات خارج الاراضي اللبنانية بما يعني اخراجه من الحرب .. وفاز الوقت الاسرائيلي، على جبهة التوقيت هذه، وبقي (محمد زهير الصديق) ، شاهدا ملكا، ثم احيل الى شاهد متقاعد، وهو اليوم شاهد مختبئ لاتطاله لا المحكمة الدولية، ولا المحاكم اللبنانية، في قضية بنيت برمتها على أقواله، وحين يسأل واحد من مثل اللواء جميل السيد عن مصير الصديق، يصبح (كافرا) وفق التصريحات الملتهبة للناطق الدائم باسم آل الحريري، وهو نهاد المشنوق.
واليوم، يقع انفجار في العاصمة العراقية بغداد، ويطال الانفجار أبنية على صلة بالسيادة العراقية، وهما بناء وزارة الخارجية والمالية، وقبل انطفاء دخان الانفجار، يتوجه السيد نوري المالكي الى اتهام سوريا، وكان قبل الانفجار بيومين، قد وعد بـ :” علاقة استرتيجية مع سوريا”، فرقص في تصريحه هذا اكثر من الموسيقى، ولاشك أن دوي الانفجارات التي أحدثتها تصريحاته باتهام سوريا، ارتفعت شدتها عن دوي الانفجارات نفسها، فأخرج الى الشاشات العراقية شاهدا من نوع الصديق هو وسام كاظم، وعلى الغالب، فكاظم ليس سوى النسخة العراقية من الصديق السوري، كما الوقت العراقي، ليس سوى النسخة المعدلة عن الوقت اللبناني، ولهذا الكلام حيثياته ودلائله، والمرئي من الحيثيات:
-القوات الامريكية على وشك الخروج من العراق، منهكة، وخاسرة، غير أن الولايات المتحدة: مصالح، وشبكات أموال، وحضور استراتيجي في المنطقة، مايعني أنها لن تنسحب مع المارينز، فوصول الرئيس باراك أوباما الى الرئاسة الامريكية، لايعني ولا بحال من الأحوال خروج المصالح الامريكية من الشرق الاوسط، وجوهرته بغداد، فالعراق هو تقاطع النفط، مع الجغرافية السياسية، وهو العراق الموازي بحضوره التاريخي، لكل الصيغ التي :” تمنع أو تمنح”، فحين يكون العراق القوي، تكون المنطقة القوية، ويكون الخيار العربي القوي، ويكون امتدادا الى سوريا وعمقها الاستراتيجي، والمطلوب منذ نوري السعيد، مرورا بصدام حسين، وصولا الى المالكي، أن لايكون ثمة رابط سوري عراقي، كي لايكون للعراق نافذته على المتوسط كما لايكون لسوريا كتفها الحامل ونعني العراق، ولهذا فقبل خروج القوات الامريكية من العراق، لابد من اخراج المعادلة السورية – العراقية من المنطقة، فكان :
-احداث الانفجار ومن ثم المسارعة لتحميل سوريا (باروده وصواعقه).
والأبرز في الموضوع:” الوقت”.
وفي ذات الوقت، ثمة احتمال لايجب أن يغيب عن البال، فالتهديدات الاسرائلية قائمة ، وربما قادمة، وربما لن تتاخر كثيرا، فأيهود باراك يقول لقواته بأن جيشه :”تجاوز أخطاء حرب تموز”، وهو جاهز لـ:”دفن صواريح حزب الله، وهو :” سينتقم لحرب تموز”، وهو يجري مناوراته في الجولان، وهو :”على جاهزية عالية لخوض حرب جديدة”، وفوق هذا وذاك، فثمة قوة اسرائيلية فوق ظهر الدبابات الامريكية في العراق، وبين اللحظة وانسحاب القوات الامريكية من العراق قرابة نصف السنة، فماذا لو اطلقت اسرائيل حربها على لبنان؟
ماهو بحكم المؤكد أن حربا تقع في المنطقة، لن تكون خاطفة، ولا جزئية هذه المرة، وانما ستكون حربا شاملة، بما يعني، أنها ستطال الاراضي السورية، ولو حدث هذا الاحتمال، فماهو حال العراق، ان كانت القوات الامريكية ماتزال على أراضيه ؟
سؤال، ليس بالوسع التقليل من شأنه ولا اعتباره ضربا من السذاجة، وكل الاشارات تقول بأن الجيش الامريكي في العراق سيكون حاملة طائرات اسرائيلية، لضرب الشمال السوري، وثمة الكثير من الحجج في الخزان الامريكي، أولها قصة موقع ” الكبر”، وبات قميص عثمان، وثانيها مطاردة فلول :” الارهابيين”، هذا عدا احتمالات خلق مشاكل للشمال السوري تقود الى جملة من المشاكل القومية والاثنية وكذا موضوعات من نوع التداخلات القبلية بما يسمح باستئجار ألعاب القبائل على حساب حقائق الاوطان.
وهذا أيضا يأتي في اطار لعبة الوقت، فالوقت هو الجنرال، والجنرال حتى اللحظة مازال :” أمريكيا اسرائيليا”، وليس مسموحا للوقت العربي بأن يتجاوز رتبة (العريف) في وقائع السياسة الدولية، ما يدعو للقول في مخاطبة الزعامات العربية:
– أيها السادة العرفاء.
سادة عرفاء بدل أصحاب الجلالة أو السمو او السيادة.. يصح ذلك منذ انهيار الاندلس الى اليوم، واليوم ثمة واحد عليه أن لايغيب.. واحد اسمه وليم شكسبير.. منظر الوقت الاول وصاحب بندوله الممتاز:
“ماينبغي فعله، ينبغي فعله عندما ينبغي، لأن ينبغي تتبدل”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى