صفحات سورية

ايجابية أوباما تجاه سوريا.. الى توقف ؟

null
تشاطرت” سوريا بشار الاسد على المملكة العربية السعودية قبل اسابيع عندما نجحت في استدراجها الى التزام اقناع فريق 14 آذار اللبناني بتسوية للأزمة الحكومية تكرس عودتها “وصياً” على لبنان او متدخلاً فاعلاً في حياته السياسية من دون ان تقدم اليها اي مقابل سواء في لبنان عبر حلفائها او في الموضوع الايراني. هذا “التشاطر” لم يبلغ نهايته السعيدة كما يعرف اللبنانيون والعرب والعالم لأن الحلفاء اللبنانيين للمملكة ابلغوا اليها عجزهم عن السير في التزام كهذا رغم استمرار ترحيبهم بدورها ومساعيها مع سوريا، ولأن مصر والولايات المتحدة اقنعتاها بأن التصرف السوري كان مناورة لتحقيق أهداف متنوعة. طبعاً غضبت المملكة من رد فعل حلفائها في لبنان، لكنها ادركت انها اخطأت بالتسرع، فعادت الى سياسة التريث مع استمرار الاستعداد للبحث مع سوريا في الموضوع اللبناني وموضوعات اخرى وكذلك مع استمرار التحوط لعدم الوقوع في الاستدراج الذي وقعت فيه سابقاً. وقد ادى ذلك وفقاً لكثيرين من متابعي العلاقة السعودية – اللبنانية – السورية الى عودة سوريا الى الضغط على لبنان الحليف للمملكة بواسطة لبنان غير الحليف لها أو المخاصم لها. كما مارست ولا تزال تمارس عليه ضغطاً مباشراً عبر اعلامها الذي يوحي انها هي الآن من تريد مقابلاً متعدداً من السعودية قد يكون ابرزه متعلقاً بـ”المحكمة الخاصة بلبنان”. وقد بدا ذلك واضحاً من خلال عودة حلفاء سوريا في لبنان او الناطقين باسمها فيه الى موضوع المحكمة في تصريحاتهم الاعلامية بعد طول تجاهل !
هل اقتصر “تشاطر” سوريا في الموضوع اللبناني على المملكة العربية السعودية؟
كلا، يجيب متابعون اميركيون للعلاقة بين دمشق وواشنطن وللاوضاع في لبنان والمنطقة عموماً. ففي الموضوع نفسه “تشاطرت” سوريا ايضاً على الولايات المتحدة ورئيسها الجديد باراك اوباما الذي اعتمد بعد انتخابه سياسة الحوار لا القوة العسكرية مع الذين لبلاده خلافات اساسية معهم مثل سوريا بشار الاسد بغية حل كل الخلافات معها. و”تشاطرت” ايضاً على اوروبا وخصوصاً فرنسا نيكولا ساركوزي الذي اعلن اكثر من مرة مباشرة وعبر وزير خارجيته برنار كوشنير اكتشافه هذا “التشاطر” ولكنه ابدى رغم ذلك ميلاً الى تجاهل “تشاطرها” وانتظار التزام ما منها يذلل الصعوبات في لبنان.
اما التشاطر فكان بمحاولة اقناع واشنطن واستطراداً باريس بأن دمشق قررت سياسة جديدة حيال لبنان قوامها الاعتراف به دولة سيدة ومستقلة. وترجمت ذلك باعتماد تمثيل ديبلوماسي مع لبنان وبارسال سفير الى عاصمته بيروت. وكان ايضاً بمحاولة اقناع واشنطن ايضاً بأن فوز 14 آذا في الانتخابات النيابية الاخيرة كان نتيجة قرارها عدم التدخل في الانتخابات وفي لبنان عموماً. لكن ما حصل بعد الانتخابات كشف “التشاطر” السوري وخصوصاً منذ بدأت محاولات تأليف حكومة لبنانية جديدة.
وهنا تساءل المتابعون الاميركيون انفسهم اذا كانت سوريا واصلت “تشاطرها” مع اميركا اوباما في العراق ايضاً حين اوحت قبل الحوار الذي بدأته الاخيرة معها وبعد بدئه تقديم مساعدة الى واشنطن في العراق تتلخص بمراقبة اكثر ضبطاً وفاعلية للحدود السورية – العراقية وتالياً خفض او ربما منع تسلل الارهابيين والسلاح الى العراق عبر اراضيها ومنع اقامة قادتهم على ارضها او على الاقل تقييد تحركاتهم. ذلك ان ما حصل في المدة الاخيرة من تفجيرات رهيبة في العراق واتهامات عراقية لسوريا بالمسؤولية غير المباشرة عنها ومن سحب كل منهما سفيرها لدى الاخرى دفع كثيرين الى القول إن حكام سوريا لا يزالون غير جديين في الموضوع العراقي إما لأنهم لا يريدون ذلك أو لأنهم لا يستطيعونه لاسباب اقليمية عدة. طبعاً طرحت هذه التساؤلات داخل ادارة اوباما، لكن رد فعلها الذي تمثل بدعوة دمشق وبغداد الى التحاور لحل هذه المشكلات قد يكون اشارة الى اعتقاد عندها ان هناك فريقاً معيناً يريد إحباط التقارب السوري – الاميركي.
في أي حال، ورغم التردد الاميركي على الاقل حتى الآن في العودة الى الاتهامات السابقة لسوريا في الموضوع العراقي، فإن المتابعين الاميركيين انفسهم يقولون، ومعهم موظفون اميركيون كبار، إن على سوريا ان تختار في صورة نهائية. فهي لا تستطيع ان تستمر في تسهيل عبور السلاح والمسلحين والارهابيين عبر حدودها الى العراق وان تتوقع في الوقت نفسه تحسين علاقتها بأميركا. ويقولون ايضاً إنها لا تستطيع ان تعيد اخضاع لبنان من جديد وان تتوقع في الوقت نفسه علاقات افضل بينها وبين اميركا. فرئيس الاخيرة باراك اوباما اظهر حسن نية كبيراً تجاه سوريا عندما قرر تخلي بلاده عن بعض من العقوبات التي كانت فرضتها عليها وقرر اعادة السفير الاميركي الى دمشق بعد سحبه منها قبل سنوات.
ويقولون اخيراً إن اوباما لم يحصل عملياً على اي شيء في مقابل ذلك باستثناء “التشاطر” طبعاً. ويستنتجون من ذلك ان التصرف السوري المشار اليه ربما يدفع اوباما وادارته الى “تجميد” (Pause) تحركه الايجابي تجاه سوريا، وان هذا التوقف قد يستمر وقتاً طويلاً طويلاً.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى