اعتذار بعدما تعذّر الانفتاح على سوريا؟
جورج علم
إنها مناسبة للتأمل والتفكير، اعتذار وفق ما يقول كتاب الطائف، على ان يكمل رئيس الجمهوريّة المهمة، لكن على أساس العودة إلى البدء، استشارات نيابيّة ملزمة، وتسميّة، والأرجح إعادة التكليف. لكن ما لا يقوله الكتاب هو الأقوى بفعل الممارسة، وهو الذي عطّل التأليف، وأملى الاعتذار.
هذا الأقوى يستدعي التفكير لاستخلاص العبر، فلا الاعتذار يشكّل هزيمة للأكثريّة ولا انتصاراً للأقليّة، بل إن الأكثريّة والأقليّة قد فشلتا في إنتاج حكومة «صنعت في لبنان»، وليس مضموناً أن ينجح الرهان مرّة جديدة إلاّ إذا تعاقد الأكثريّون مع الأقلييّن على تعطيل طواحين الخارج «الشغّالة» في بيروت، وبقوّة، إلى حد أنها طحنت كل الوساطات.
وإبرام مثل هذا العقد ممكن إذا ما اقتنع «وكلاء الخارج» بأن ليس هناك من ممرّ آخر خارج الحوار والتوافق، وكلّ خروج عنه يعني التوغّل أكثر في متاهات الأزمة، ويأتي الاعتذار ليؤكد على أمرين، أما ان الحوار كان الغائب الأكبر، وكانت الاجتماعات مجرد محطات ربما كانت مطلوبة لتسويق الشروط المستوردة والمعلّبة، او أن التوافق قد أصبح مستحيلاً، وهذا يعني العودة سريعاً الى خطوط التماس، وهذا احتمال وارد طالما أن كلاماً أكثريّاً تزامن مع الاعتذار، وأكدّ على أن إعادة التكليف سيؤدي الى الانقلاب على صيغة 15 ـ 10 ـ 5، وعلى عودة الأكثرييّن لاحتلال مقاعد الثلثين المرحرحين في التشكيلة الجديدة، فيما يأتي الردّ فوراً، بأن الأقليّة لن تقبل بأقل من الثلث الضامن او المعطّل.
ثمة من يحاول أن يضيء شمعة وسط هذا الظلام، وان يبني على الاعتذار بعض الأمل، ويحاول ان يرى فيه مدخلاً للرهان على أربعة: عامل الوقت، وهناك متسع منه، لا بل هناك مدى جديد للاتصال والحوار والتقارب والتفاهم. ثم هناك المحاولة للخروج من 15 ـ 10 ـ 5 الى حكومة الأقطاب، أو الى حكومة مصغّرة، وهناك محاولة للخروج من لعبة الشروط والشروط المضادة خصوصاً ما يتعلق بعقدتي الأسماء وتوزيع الحقائب، وهناك الرهان أكثر على الكتاب بدلاً من الكيديات، والانسياب وراء الاصطفافات الفئويّة والطائفيّة.
إلاّ أن الضالعين بعلم الفلك السياسي اللبناني يرصدون المتغيرات العربيّة ـ إلإقليميّة ـ الدوليّة، طالما ان الرئيس المكلف استنزف عامل الوقت وأمضى 70 يوماً من دون أن يتمكن من الوصول الى تشكيلة تحظى بمشاركة المعارضة، وتشبث بمعادلة 15 ـ 10 ـ 5، كبديل عن الثلث الضامن او المعطّل، ودخل الحوار للتخفيف من لعبة الشروط قبل ان تتحول الى لعبة استنزاف، ووجد نفسه في نهاية المطاف مربكاً مرتين: مرّة عندما رمى الكرة في مرمى رئاسة الجمهوريّة، وقدّم الى الرئيس العماد ميشال سليمان التشكيلة ـ الأزمة، وتلتها الثانيّة بالاعتذار، فهل ستقود إعادة التكليف الى التأليف أم الاعتذار؟
وتأتي الإجابة من الوسط الدبلوماسي «إن معادلة س. س. نجحت في إخراج توليفة التكليف، لكنها لم تنجح في إخراج توليفة التأليف بعدما عادت الولايات المتحدة بالتنسيق والتعاون مع إسرائيل، ومحور عربي فاعل الى ممارسة سياسة الحجر على سوريا في محاولة لعزلها، وفرض سلسلة من الشروط عليها، وإذا كانت معادلة «لا زيارة إلى دمشق، يعني لا حكومة»، فهل يكون الاعتذار محاولة لخلط الأوراق لكن بمواصفات واستدراج عروض جديدين ؟!».
السفير