صفحات الناس

المواطن وقانون السير الجديد

null

مية الرحبي

كمواطنة صالحة ملتزمة بالقوانين، رغم أن تلك القوانين والقرارات الملحقة بها تجردني في كثير من الأحيان من صفة المواطنة بتهمة كوني امرأة، رغم ذلك قررت الالتزام بقانون المرور الجديد،

والتكفير عن تخلفي في عدم تطبيق قواعد السلامة في سيارتي، وسارعت بالذهاب إلى السوق لشراء ما يستلزم السيارة من أدوات ( مثلث، مطفأة حريق، حقيبة اسعاف اولي)، لاكتشف أن تلك المواد فقدت من الأسواق وارتفع سعرها أضعافا، بفضل تجارنا الأشاوس الذين لا تفوتهم شاردة أو واردة لاستغلال أي قانون أو قرار حكومي يصدر لصالحهم. وكلما ازداد عدد المحلات التي ردتني خائبة كلما ازداد اصراري على سؤال كافة المحلات المختصة، ربما لمتابعة رصد الظاهرة، أو لمعرفتي أن عدم امتلاكي هذه المواد هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن أن ” يصطادني” بها شرطيو المرور المتربصون والشامتون بالمواطنين دائما، كوني لا أخالف قانون السير عادة، ولم تحرر لي اي مخالفة فيما سبق( ليس لكوني بارعة في الرشوة، وياللعجب، بل لأني حذرة في السياقة)، المهم بعد الطواف على عشرات المحلات، تمكنت من الحصول بجهد جهيد على مثلث السلامة، الذي اشترتيته بضعف ثمنه، في حين رفضت شراء مطفأة الحريق التي بلغ سعرها 1300 ليرة في المحل الوحيد الذي وجدتها فيه.

أما الطامة الطبرى، فهي مهزلة حقائب الاسعاف الأولية ، فكوني أدرّس مادة الاسعاف الأولي لطلاب جامعيين فانا أعرف تماما ما الذي يجب أن تحويه تلك الحقيبة، والتي رأيت احد المحلات وقد نشر العشرات منها على الأرض وأحدهم يضع في كل منها قليلا من القطن والشاش ومقص دون مراعاة لأي من القواعد المتبعة في تحضير تلك الحقائب. ثم ما فائدة حقيبة الاسعاف الأولي، ما دام السائق ليس لديه اي فكرة عن استخدام حتى تلك المواد البائسة التي تحويها، وذلك يقود لفكرة ننادي بها منذ زمن وهو نشر ثقافة الاسعاف الأولي في بلادنا عن طريق دورات في المدارس والجامعات وأماكن العمل ووسائل الاعلام.

إن تداعيات قانون السير الجديد، يقودنا إلى مفهوم الاصلاح الاداري ككل، فهل حل أي مشكلة في البلد يمكن أن تقتصر على تشديد العقوبات على المواطنين ونشر عبارات التهديد والوعيد بحقهم مثل ” قد اعذر من أنذر”، وكأن هناك ثأرا مقيما بين المواطن والحكومة؟ أم بتحري أسباب المشكلة وعلاجها، وهنا تأتي في مقدمة المسائل التي تحتاج للعلاج مسألة تعزيز البنية التحتية، التي يمكن أن تحل الكثير من مشاكل المرور ( مواقف سيارات، اشارات مرور صحيحة..الخ)، فكيف يمكن معاقبة المارة في حال عبورهم من غير الأماكن المخصصة لمرور المشاة ما دامت ممرات المشاة تبعد عن بعضها مسافات كبيرة، والسائقين لا يلتزمون بأولوية مرور المشاة على تلك الممرات؟؟؟، وكذلك تشديد شروط الحصول على الشهادة، والتي نعرف جميعا الأساليب الملتوية التي يتبعها البعض لنيلها، وهل فكر السادة المسؤولون في قسم المرور بحل معضلة الرشوى المتفشية بين عناصرهم، فرد الفعل الأولي لكل مواطن عند سماعه بقانون السير الجديد كان واحدا” ازدادت التسعيرة“!!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى