علماني في وسط اسلامي اين المفر …؟
مصطفى حقي
النظرية بين الواقع والعاطفة تتباين صعوداً وهبوطاً ، كثير من المنظرين يتصدون لمسألة العلمانية والإسلام ويبنون أراءهم الغارقة في العاطفة والبعيدة عن الواقع …؟ كيف لمسلم ثقافته علمانية ويعيش بين المسلمين من زوجة وأولاد وأقرباء وجوار وأصدقاء كلهم مسلمين ، أن يقف ويقول أنا لست مسلم لأني علماني واتبعوني …! ويسأل آخر …: طيب ماذا يمكنك أن تفعل في هكذا وسط يكفر العلمانية بمجرد الذكر …؟ والرد .. أن العلمانية ليس قتال بل هو إفهام ، هو رقي ثقافي بمفهوم إنساني هو لايعادي الأديان هو يحث على العدالة الاجتماعية ومساواة كافة أفراد الوطن الواحد في الحقوق والواجبات وبمعزل عن دينه وقوميته ولونه .. العلمانية تعني الحرية في إبداء الرأي والمعتقد واحترام والاعتراف بالآخر ..ونبذ الطائفية البغيضة في الدين الواحد والتوحد في ظلال مواطنة الأرض الأم … العلماني لا يرفع سيفاً بل يشرع قلمه ويحاور بديمقراطية … ميدان الفكر العلماني هو في مجتمعه في الشرق الأوسط والبلاد العربية والإسلامية وليس في أوروبا أو أمريكا .. كيف تريدون من العلماني أن ينكر إسلامه علناً ويدعو إلى فكرِهِ بين الذين أنكرهم ومن خارج مجتمعه الأم .. ميدان الحوار العقلاني يتسع للأطراف كافة ..والإسلام ميدان اجتهادي واسع فيما يخص المعاملات وكل شؤون المجتمع اليومية والمستقبلية ، ألم يقل علي بن أبي طالب عن القرآن انه حمّال أوجه ، فالإسلامي المتزمت يفسر الآية بضيق نظرته وثقافته الدينية ويكثر من الممنوعات والتكفير ليبقى الإسلام في حيز ضيق لا مستقبل فيه والمسلم المتنور يفسرها بوسع ثقافته لينطلق إلى المستقبل المتصاعد بانفتاح الشعوب على بعضها ونشر فكره العصري ، الاسلام في شقه المعاملاتي قابل للتطور وفق القواعد الفقهية الكلية ، تبدل الأحكام بتبدل الأزمان ، لا ضرر ولا ضرار في الإسلام ، الضرورات تبيح المحظورات .. والمطلب العلماني وإن كانت كلمة العلمانية تزعج البعض وآخر يعتبرها كفراًَ يمكن تبديل هذه الكلمة بالعدالة بالإنصاف بالرحمة أو بالمساواة أو أي تعبير يفيد الإنتقال إلى الحياة الأفضل اجتماعياً حضارياً .. ويعاتبني أحدهم بذكري للخالق لأكثر من مرة في مقالي السابق عن العلمانية .. والذي هو وفق النظرية المادية استمرار للمادة ولا وجود لخالق ، أقول للأخ لنفرض جدلاً أن النظرية الماركسية صحيحة مع ان النتيجة قابلة لجدل مطول لن ينتهي ..؟ المهم كيف ستقنع أكثر من 90% من المسلمين أن المخلوقات خُلِقَت من العدم ولا صانع لها .. هل تريد ياأخ أن تُدَرِس هؤلاء الفلسفة الماركسية وهم بالمجمل أميون ثقافياً وحتى المتعلمين منهم ويحملون شهادة الدكترة مثلاً .. لو كانت هذه الشعوب تدرك الفلسفة المادية لَحُلّت المشكلة ولما كنا بحاجة إلى هذا الحوار …؟ العلمانية رسالة حضارية مستقبلية لهذه الشعوب النائمة والتي يجب إيقاظها من ثباتها والنزول إلى ميدان العمل وترك مالله لله وما لقيصر لقيصر .. لقد أصبحنا في مخلفات الشعوب المتقدمة في كافة المجالات ونحن مسلحين بالتوكل القدري وليس أكثر .. يجب تحريك تلك العقول الغافية ، وعلى الحكومات تحديث البرامج الدراسية ووضع كثير من التعاليم المخالفة للتطور دينية كانت أم مدنية على رف التاريخ الآفل ونشر تعاليم الحرية واحترام الآخرين والاعتراف بالآخر .. كيف سنبني مجتمعاً متحضراً ونعاقب المرأة لارتدائها بنطالاً.. وهل من نص يحرم ذلك .. وهل كان في بداية الإسلام ما يسمى بالبنطال أو الجاكيت أو ربطة العنق .. أم أنواع كثيرة من الأحذية الحديثة.. والنظارات الشمسية التي تزيد كثيراً من النساء سحراً وبهاءً … عهد امرأة الكيس الأسود المقمم المهمش وهي تتدحرج خلف الرجل المشورب في طريقه الحتمي إلى الزوال … في الدولة المدنية ستمشي المرأة المسلمة إلى جانب الرجل بثيابها المختارة من قبلها وبقناعتها الشخصية وبدون أي ضغط أو إكراه ، إن مسيرة العلمانية في مواكبة الدولة المدنية العصرية وبموافقة شاملة وخارج المطلق والمثالية والهيمنة الأصولية هو الخيار وإلا فالصمت .. وهذا مستحيل فلا بدّ للكلمة العصرية الأخلاقية في بعدها الإنساني أن تتجاوز سدود المنع والشجب وحتى التكفير ومن الكاتب سهيل أحمد بهجت في متن مقاله المنشور في الحوار التمس ما يناسب ؟ : إن العلمانية لا شأن لها بما يتعلق ببحث الإنسان عن المطلق و المثالية، لأن وظيفتها ببساطة هي إيجاد حيز الحرية المطلوب للعقل في التكيف مع المستجد من الأشياء و الظروف المحيطة بالإنسان، فالعلمانية جاءت كارتقاء طبيعي و كأحد خيارين لا ثالث لهما، فإما البقاء في إطار المجتمعات المغلقة و التقليدية أو التقدم باتجاه التطور و العقلانية و منظومة الحقوق الفردية، بالتالي لا طريق ثالث ( انتهى) قد يكون لكاتب آخر اعتراض ولا يوافق للعلماني أن يضع يده بيد المسلم للارتقاء بعلمانيته ؟ إذاً أين نضع يدنا … بإنسان قادم من المريخ .. !؟ والمسألة لم تزل حوارية ولنتحاور بحرية وعلمانية …