كفى…….أعيدوا لنا جنسيتنا
محي الدين عيسو – لافا محمد
ما بين الوطن والوطن اختاروا الوطن، فهم المجردين الذين لم ولن يعترفوا بحدود يشوه توحد جغرافيته ولا يخافون ألألغام التي وضعت بين مواطنيه، إنهم الذين ولدوا في وطن توارثوا عبقه وفصول تاريخه وملامح حلم غده، هم الكورد المجردين عن كافة حقوقهم سوى حق الموت فيه ومن اجله، هيهات أن يصادروا تخمة الحب فيهم بقرار أو مرسوم، هل نسكت ونداوي موتنا اليومي برتابة الانتظار الغودوي، لو تعلق الأمر بقضية شخصية لكان في الأمر وجهة نظر، إنها قضية مواطنين سوريين تجاوز عددهم أل 300 ألف حالة ، يستيقظ كل يوم الواحد منهم على كابوس اسمه المجرد والمكتوم، مفردات كابوسه مخيفة لا يدركها إلا من جرد من هويته الوطنية وتم نفيه خارج حدود كوكبنا الأرضي ومنعه من الظهور كي لا يشوه قواعد اللغة، لغة سياستهم وسياسة لغتهم، هم بقايا أشباح من وجهة نظر البعض، ولكنهم كبقية البشر يحبون ولكنهم لا يكرهون، كبقية البشر يولدون ولأكثر من مرة يموتون، إنهم بشر وان تم تجريدهم من الانتماء لآدميتهم وحقوقهم بمرسوم رسم صورة رمادية لسوريا التي كانت وتبقى أغنية الجميع ، نغنيها بلغتنا الكوردية، باللهجة السورية ( سوريا في القلب وما المرسوم والإحصاء إلا تشويه للوحة سنرسمها جميعا وبدون خوف).
قد لا يدرك البعض من المواطنين السوريين وغير السوريين المعاناة الشديدة التي يتعرض لها الأكراد المجردون من الجنسية السورية بموجب الإحصاء الاستثنائي لعام 1962، ولا حجم الجريمة المرتكبة بحقهم، وبحق هذا الوطن جراء سياسة التمييز المطبقة بحقهم منذ قرابة الخمس عقود من الزمن، وربما لا يعلم آخرون بأن هناك أناس قد ولدوا وماتوا وهم يحلمون بحمل الهوية السورية والتمتع بكامل حقوقهم الإنسانية كسائر المواطنين السوريين،ولكن الذي يدرك الحقيقة المُرة فإنه يحمل المسؤولية السياسية، والإنسانية والأخلاقية ، الجهات التي أصدرت هذا المرسوم وقامت بالإحصاء الالغائي، يُحمل من يعمل على إبقاء هذا الجرح الذي يمتد بمساحة وعمق الوطن، السلطة و أحزاب ألمعارضة ألكردية التي لم ترتقي لمستوى الحدث والمعانات فهي مازالت مدمنة على تشتتها على صعيد العمل والخطاب السياسي، أما الأحزاب العربية فالأمر بالنسبة لها كقضية متعلقة بشعب يعيش في مجاهل التاريخ ووطن غير مكتشف.
كيف لأحزاب كردية تدعي بأنها تمثل الواجهة السياسية للشعب الكردي لا تستطيع أن تحرك قيد أنملة هذه القضية التي ملت من الكتابات والنداءات والمناشدات، كيف لها أن تنال ثقة شارعها، وان يقترب منها المثقفون والكتاب والصحفيون وهي بعيدة كل البعد عن معاناة الناس وهمومهم وشجونهم، كيف لها أن تحقق الحقوق القومية المشروعة التي تطالب بها منذ أكثر من نصف قرن، وهي لا تستطيع أن تؤثر على القرار السياسي في حل قضية وطنية يجمع الجميع على ضرورة حلها ألا وهي قضية المجردين من الجنسية السورية؟
المماطلة من الجهات الرسمية أو الخطأ التاريخي على حد تعبير الآخرين وعدم ارتقاء الأحزاب السورية ( الكوردية والعربية ) لحل هذه المعانات جعل المجردين في حالة التجريد المتوارث ووراثة الألم والحزن الذي يولد الأحزان.
طرح قضية عمرها سبع وأربعون عاماً من الحرمان، لا يمثل تكرارا للحديث، لان ضحاياه يتكاثرون ويولدون بلا حقوق، هل ولدنا أحرارا كما قال سيدنا عمر ، إني اشك في ذلك من أول مولود ولد مجردا لآخر مولود يُجرد، اشك في ذلك حينما أرى مواطنا على فراش الموت ويحتاج إلى علاج خارج القطر تمنعه قرارات أمنية، وجامعيون أنهوا دراستهم ليدخلوا سوق البطالة لأنهم بلا ورقة مواطنة ، أشخاص يحلمون بركوب الطائرة لإكمال مشوار العلاج أو الدراسة أو المشاركة من اجل بناء سوريا .
ملف المجردين، كُدس فوقه غبار الزمن واللامبالاة، لا أحد يقوم بتحريكه رغم إن الكل وبلا استثناء يقر بأحقية هؤلاء المجردين من الجنسية والحصول على حقوقهم والتمتع بكامل مواطنيتهم، بدءا من تصريح السيد رئيس الجمهورية خلال زيارته عام 2002 إلى محافظة الحسكة، وتأكيده بان الأكراد مواطنون سوريون، ويحق لهم ما يحق لغيرهم، وإن الإحصاء الاستثنائي خطأ ارتكب، وإن الاستمرار فيه خطا أكبر، وتصريحاته خلال لقائه قناة الجزيرة بعيد أحداث القامشلي 2004 بأن القومية الكردية جزء أساسي من النسيج الوطني السوري والتاريخ السوري، ولا بد من حل مسألة الإحصاء الاستثنائي، كذلك استقبال السيدة د. نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية وفداً من قيادة الحركة الكردية في سورية، تبعتها بلقاء وفد من المثقفين الكرد، وبحثت معهم مسالة الإحصاء، وتم التوافق حول الإجراءات اللازمة لحلها، كما أنه في كل المناسبات الحزبية والاحتفالات الحزبية والندوات والمحاضرات التي تجرى في المراكز الثقافية والتي يتم فيها التطرق إلى القضية الكردية وبالأخص قضية المجردين من الجنسية السوري يقال دائما وأبداً أن الموضوع قاب قوسين أو أدنى والحل سيأتي في القريب العاجل والمسألة فنية بحتة.
أين الحل يا سادة؟ ومتى ستنتهون من الامور الفنية؟ وتضعون الحل لجرح ما زال ينزف ألماً ومعاناةً حتى هذه اللحظة من هذا الزمن البائس الذي حكم علينا بالانتظار ربما لنصف قرن آخر لتصحوا ضمائركم من غيبوبتها، وتعيدوا الحقوق لأصحابها.
من يدلني على الحقيقة، فرئيس الجمهورية ضد المرسوم والإحصاء والتجريد ، شخصيات مهمة وأحزاب الوطن لهم نفس الموقف … الكل ضد تجريد الكورد ، الكل يحاول أبعاد أصابع اتهام الضحايا عنه… انظر في وجوه الضحايا وارى من لم يتحرك على هذا الصعيد جزء من المعادلة .
خلاصة الحديث ( أوربا مقبلة على إصدار الجنسية الأوربية الموحدة، وبلدان فيها مواطنين من الدرجة الثانية ، أما نحن فمازلنا نحلم بالمواطنة ).