“نظام تشغيل الشبكة”.. بدلا من “نظام تشغيل المكتب”: كي تصبح الإنترنت أكثر فائدة وموثوقية
شبكة الإنترنت سوف تعمل، في يوم ليس ببعيد، كنظام تشغيل بدلا من قيامها حاليا بجمعها لمواقع مختلفة لا علاقة بينها. ومع «نظام تشغيل الشبكة»، أو «من الشبكة» Web OS، ستقوم تطبيقاتها بالاتصال مع بعضها بعضا، عندما تبادر إلى استخدام خدمات وتطبيقات مرة واحدة، لتتمكن بكل سهولة بعدها، من دعم المعلومات والبيانات من موقع إلى آخر. وفي مثل هذه النموذج لا يحتاج المستخدمون إلى تطبيقات سطح المكتب بتاتا. وقد شرع بعض المستخدمين سلفا بالدخول إلى هذا العالم عن طريق تشغيل بطاقات متعددة للمواقع في المتصفح الذي يختارونه، وعن طريق استخدام مواصفات ومقاييس معينة لعملية تسجيل ودخول واحدة، بما في ذلك مواصفات OAuth (وهو بروتوكول مفتوح للاتصالات الموثوقة المأمونة) وOpenID (بروتوكول للتحقق من الهوية يسهل الدخول إلى عدة تطبيقات).
وفكرة «نظام الشبكة» ليس جديدا. ففي عام 2006 قامت YouOS بتقديم منصة لتطبيقات الشبكة، لكن المطورين لم يتمكنوا من إيجاد غرض محدد لاستخدامها، أو للانتفاع منها. وذكر أحد المعلقين آنذاك واسمه ماكسكلين، أنه راغب في تطبيقات سريعة وملائمة، حيثما يكون نظام التشغيل ذاته غير مناسب. وفي عام 2002 كتب أستاذ التقنيات تيم أوريلي، عن نظام تشغيل الشبكة متوقعا تواصلا متبادلا لأفضل التطبيقات.
وفي السنوات العشر الماضية، شملت المحاولات مشروع «الخطة 9» من «مختبرات بيل»، ونظام التشغيل «ماي ويب أو إس». لكن كلاهما لم يحقق أي نجاح تجاري. فأغلبية الأشياء التي لم تتطرق إليها هذه المشاريع، هي الرمز الأساسي المبطن، وهو التواصل بين التطبيقات، بغض النظر عن موقع الشبكة الذي يستخدمونه. لكن المقاييس والمواصفات الجديدة مثل OAuth وOpenID وOpenSocial شرعت تمهد الطريق لمزيد من نظم تشغيل الشبكة الناجحة، التي من شأنها أن تجعل العمليات الكومبيوترية على الشبكة أكثر صمودا ومتانة.
* نظام شبكي
* ما هو نظام تشغيل الشبكة؟ يبدو أن الكثير من الشركات والمشاريع مفتوحة المصدر تحاول حاليا تشييد نظام تشغيل شبكة فعلي بحيث يمكن تخزين المعلومات وفتح المواقع المفضلة، وإليكم بعض الأمثلة:
* قامت EyeOS بتشييد تطبيقات تحاكي، أو تصف، ما هو موجود في نظامي تشغيل «ماك» Mac OS X أو «ويندوز»، مع وجود آلة حسابية، ومشغل للوسائط المتعددة، وتقويم يومي، فضلا عن مجموعة إنتاجية أساسية. وبذلك يمكن ترتيب الشبكة، وممارسة الألعاب، وترتيب تطبيقات الفريق الثالث. وتقوم EyeOS بتركيب كل ذلك على خادم للشبكة، أو بإمكانية الوصول إلى الخادم العام.
* نظام تشغيل الشبكة السحابي icloud Web OS هو مثال آخر مثير يتعلق بنقل نموذج سطح المكتب إلى الشبكة. ويكون لنظام التشغيل شريط جانبي للآليات المختلفة، ومرفق للتراسل الفوري مشيد داخله، مع مجموعة لإرسال الأوامر السريعة. وهو نظام تشغيل قوي بمجموعة إنتاجية، وقدرة تخزينية للملفات بأساس سحابي، مع ما يشابه نظام «ويندوز إكس بي» على صعيدي المظهر، والتعامل.
* يركز سطح المكتب «لوسيد ديسكتوب» Lucid Desktop على الشبكات الاجتماعية، مع وجود تغذية لـ«تويتر» مشيدة ضمنه، إضافة إلى خدمة «آر إس إس» لتعقب آخر المدونات، ومع ذلك فهناك قدرات المشاركة بالموسيقى والمستندات الخاصة بنظم التشغيل الأخرى للشبكات. وكأساس، يقوم نظام التشغيل عادة بالتحكم بوظائف المدخلات والمخرجات، أي ما الذي يحصل عندما تقوم مثلا بوصل لوحة مفاتيح «يو إس بي» إلى جهاز كومبيوتر «بي سي»، أو نسخ ملفات من قرص صلب إلى آخر. لكن، في هذه الأيام، تذهب نظم التشغيل مثل «ويندوز فيستا»، و«ماك Mac OS X»، و«أبيونتو لينوكس» بعيدا إلى ما وراء هذه المهام الأساسية، لمعالجة أمكنة الذاكرة المخصصة للتطبيقات، مثل «وورد» و«فوتوشوب»، وكثير من المهام والعمليات الأخرى.
واليوم يقوم أغلبية مستخدمي الشبكة بالتسجيل أو الدخول إلى كل موقع بمفرده، بحيث نادرا ما يجري تبادل المعلومات بين التطبيقات المختلفة. فمن نواح كثيرة لا تزال الشبكة تعمل كما كانت تفعل في عام 1998 عندما كانت المواقع لا تتواصل بشكل جيد الواحدة مع الأخرى، أو تتشارك بالبيانات. ففي نظام تشغيل الشبكة تعمل التطبيقات على الشبكة كما لو أنها تفعل ذلك على سطح المكتب موفرة في ذلك تبادلا لا ينقطع من البيانات والمعلومات بين التطبيقات على المواقع المختلفة، ومؤمنة بروتوكولات أمنية راسخة مع الدعم اللازم من مزودي الخدمة السحابية، بدلا من جهاز الكومبيوتر إلى الأماكن السحابية هذه.
على أي حال يتفق غالبية الخبراء أن نموذج سطح المكتب التقليدي لا يمكن ترجمته جيدا إلى الشبكة نظرا إلى وجود آلاف من تطبيقات الشبكة. وبدلا من ذلك فإن نظام تشغيل الشبكة هو أكثر ما يتعلق بالعمل المتبادل والمشترك بين هذه التطبيقات.
* مقاييس ومواصفات جديدة
* يبدو أننا ما زلنا في المراحل الأولى من معرفة كيفية عمل نظام تشغيل الشبكة، كما يقول كريس ميسينا، المستشار والخبير بمواصفات الشبكة، في حديث لمجلة «كومبيوتر وورلد» الإلكترونية، «فالأسلوب الوحيد الذي يمكن أن يعمل عليه هذا النظام هو الحصول على مواصفات صناعية واسعة بغية القيام بالمهمة الصعبة للتشغيل المتبادل». ويضيف: «لكننا قطعنا شوطا واسعا زيادة على تركيبات HTML الحالية، التي هي شبكة من المستندات. لكنها شرعت تظهر تقادمها وسنها الكبير». وجرى توقع ظهور بروتوكولات حول المشاركة بالوثائق. ويوجد حاليا تحول من البرمجيات التي أساسها سطح المكتب إلى التعاون المشترك. ومثال على ذلك، كما يقول، إن المميزات الفريدة لوثائق «غوغل» Google Docs هو قدرتها على تبادل الدردشات والنصوص المكتوبة في الزمن الحقيقي، مع التشارك مع أي شخص بغض النظر عن المنصة الموجود عليها.
ويضيف ميسينا، أن أحد الأمثلة على كيفية تحول الشبكة إلى وسيلة تعاونية كبيرة هو في مجموعة iWork 09 من «أبل» التي تمتلك «لائحة لمهام المشاركة»Share menu التي تشجع الأشخاص على تحميل المحاضرات والشروح على «يوتيوب دوت كوم». وقال إن «لائحة مهام الملفات» File menu سيكون البند الأول الذي سيختفي في تطبيق سطح المكتب التقليدي.
وبإيجاز يقول ميسينا، إن نظام تشغيل الشبكة هو الذي يتعلق بالتعاون والمشاركة على نطاق واسع، وأن نموذج سطح المكتب العادي لا يروج للمشاركة بالمعلومات بين المستخدمين والتطبيقات، نظرا لأن المعلومات غالبا ما تكون مقيدة أو محصورة بالمستخدمين في أقراصهم الصلبة. ومع نظام تشغيل الشبكة لا يوجد القرص الصلب C الذي هو نموذج جيد على صعيد تسهيل تركيب الأجهزة وتبسيطها، لكنه يمثل تحديا لدى زيارة مواقع لتحرير الصور، مثل «بيكنيك دوت كوم»، أو «فوتوشوب دوت كوم» لتحميلها بالصور. إذ لا يوجد هنا بروتوكول أمني مشترك خاص ببث الصور ونقلها من مكان التخزين على الشبكة مثل Box.net، لأن غالبية تطبيقات الشبكة تطالبك بالتحميل من قرصك المحلي. من هنا فإن وجود مواصفات جديدة مثل OpenID وOAuth قد تساعد على حل هذه المشكلة. لكن طريقة التصفح على الشبكة قد شرعت تتغير بشكل كبير مع زيادة اعتمادنا على تطبيقاتها، بدلا من تطبيقات سطح المكتب. أي بعبارة أخرى يقول ميسينا، إنه بسبب قيام الشبكة بإغراقنا بالمعلومات والبيانات، فإن طباعة أوامر قصيرة، أو استخدام الإشارات والعلامات المعينة قد تكون وسيلة جيدة للحصول على إنتاج أفضل.
ومن التغييرات الأخرى تلك التي تتعلق بالسياق من خلال التعاون مع المواقع الأخرى. فـ«ستوك تويتس» هو موقع يؤمن وسيلة لتعقب أسهم البورصة عن طريق استخدام علامات الـ«هاش» الموجودة عادة على لوحة أرقام الهاتف، مع استخدام «تويتر» كخط أوامر، أو توجيه. فاستخدام علامة الدولار $ للإشارة إلى الأسهم، من شأنه أن ينتج سيلا من المعلومات من «تويتر» تتعلق بأسهم «أبل» فقط. ولكن إذا استخدمت تركيبا لرسالة مباشرة مثل @datajunkies’s datajunkies $goog فإنك قد تتسلم رسالة جوابية من «تويتر» عن أسعار أسهم «غوغل» في الزمن الحقيقي. ويقول خبير التسويق بيتر كوربيت، إن خطوط الأوامر باتت مرغوبة مجددا في موقع مثل «تويتر». ومن الأمثلة الأخرى المعروفة عن نظام تشغيل الشبكة هو كيفية قيام تطبيقات «غوغل» بالعمل سوية بشكل سلس. فلدى تلقيك ملف «بي دي إف» عن طريق «جي مايل» على سبيل المثال، يمكنك النظر إليه وتصفحه من داخل وثائق «غوغل» من دون أي تحويل. لكن المهم هنا هو أنه على الرغم من أن تطبيقات «غوغل» تبدو وأنها تعمل كما لو أنها جزء من نظام تشغيل الشبكة، إلا أن «غوغل» ذاتها تنظر إلى هذا العمل المشترك والمتبادل كـ«منصة شبكة»، حيث تتحد المواقع المختلفة بمظهر وشعور مشترك، وفي التشارك بالبيانات، وليس كمؤشر مبكر لنظام تشغيل. وفي الواقع تتخذ «موزيلا» أيضا موقفا مؤيدا وهو أن نظام تشغيل سطح المكتب سيظل موجودا بشكل أو بأخر. فهي و«غوغل» لا تملكان النية لإدارة ذاكرات «يو إس بي»، أو التحكم بالأماكن المخصصة للذاكرة عن طريق متصفحاتهما، كما ذكر مديرا المؤسستين.
ويفضل أزا راسكين، من مختبرات «موزيلا» في ماونتن فيو، في ولاية كاليفورنيا مصطلح «الشبكة كمنصة» بدلا من «نظام تشغيل الشبكة»، لكون مواصفات الشبكة ومقاييسها المفتوحة مع امتداداتها وتوسعاتها موجودة سلفا، لكن المواصفات الأمنية لا تزال تتطور. وهي تشبه مسألة تسليم اسم المستخدم وعنوان بريده الإلكتروني للوصول إلى موقع في الشبكة، مثل تسليم محل للبقالة مفاتيح سيارتك ومنزلك في الوقت الذي ترغب في شراء زجاجة حليب فقط. لكن مع ذلك يتفق الخبراء على القول على أنه عندما تنضج فكرة «نظام تشغيل الشبكة» وتتطور إلى أكثر مما نتعرف عليه اليوم، تكون الفوائد على أساس استخدام الشبكة بصورة أكثر كفاءة وموثوقية، مما يعني زوال دور سطح المكتب التقليدي.
الشرق الاوسط