الدعارة العلنية
شيروان منان
شدتني أغنية وتلقيت صفعة حارة من مطربٍ يسمى ( عدنان الجبوري ) وهو يشدو بأغنية اسمها ( حرامي ) حرمت عليه عيشته / ويقبل صاحبته الرخيصة أكثر من مرة خلال الفيديو كلاب/ لم تشدني الأغنية لأن المطرب من الفئة التاسعة عشرة لسلم الأغاني الهابطة / وليس لأن دمه سميك وكثيف أكثر من أصنص الزئبق / ولا لأن الأغنية تروج للدعارة العلنية / بل لأنه نجح في إشعال النار في دمي/ وهو يغني أغنيته الرخيصة بلحنٍ للمطربة الكردية ( كولستان ) والتي كانت ولازالت أغنياتها وأغنيات ( شيفان ) تثير فيني البكاء وتنقب عن ذكريات الماضي بكل أشجانه / تلك الأغنيات الطليَّة التي تربت عليها أجيال من شعبنا الكردي في كل مكان/ فكيف لهذا الرخيص وأمثاله أن يشوهوها / حتى لو أن بعضهم يتفضل بكتابة / لحن من التراث الكردي/ إن مثل هذا العمل لا يقل شأناً عن تحويل النشيد الوطني السوري لأغنية راقصة تهتز عليها الأرداف/ فهل يقبل الجبوري وأمثاله ومخابرات نظامه ذلك/ ما لا تقلبه على نفسك يجب أن لا تقبله على غيرك / فإن أمثال الجبوري سيبقون في سلم مغني الكباريهات والعالم السفلي / ولو وصل صوت أحدهم حتى عربات البليلة وعربات الهريسة المكشوفة / وسائقي الشاحنات والسرافيس/ وبسطات المعروك والمطاعم والكازينوهات في كل مكان.
من جهة أخرى مؤلمة أكثر من الأولى/ علينا أن ندرك هذا الطاعون المتفشي بين جيل الشباب وهو يستمع لهذه الأغاني الهابطة ويدبك عليها حتى يكاد بعضهم أن يكسر عنقه من كثرة القفز والهز/ وسأحلل ذلك بشكل مختصر من جهةٍ باراسيكولوجية / لأنك لو أتيت بأية أغنية أو أي لحنٍ في العالم / مهما كنت تكرهه/ ومهما كانت رداءة الأغنية / فمجرد أن تستمع أكثر من مئة مرة لذات الأغنية ستجد نفسك تدندن ألحانها بعد حين/ وذلك لأن اللحن أو الأغنية ترسخت في عقلك الباطن/ لذلك نحن نسمح لأنفسنا / أن نسمع تلك الأغاني الهابطة في الشوراع/ في المحلات / في وسائل النقل / في كل موبيلات الشباب والبنات / في الأعراس/ في المطاعم / في التلفاز/ في الراديو/ في المنام/ وأثناء الحمام/ لذلك إن تلك الأغاني لا تحمل أي مضمون ولا أية رسالة وإن لم تكن كذلك لما اضطروا للجوء إلى التراث الكردي وسرقة ألحانه حتى تتجمل الأغنية على حساب غيرها / ولما اضطروا أيضاً أن يزرعوا نساءً من باب الأستوديو حتى ذقن المغني/ ليروجوا للأغنية / فتجد أن بعض المشاهدين يتابعون حركة الطقس والجسد / فيصبح مدندناً ومدمناً بعد مدة / وعلى الآباء قبل الأمهات أن يمنعوا مثل هذا الطاعون بالانتشار/ أنا شخصياً رميت كاسيتاً لابنتي وهشمته أمام صديقاتها لأنه يحمل مثل تلك الأغاني وقاطعتها لعدة أيام / وأدركت ما أعني وجاءت لتعتذر/ وعندما أركب المكيرو لا أسمح لتلك الأغاني أن تدار طيلة الرحلة ليفرض علي السائق ذلك الذوق السيئ طوال الطريق/ وعندما أحضر عرساً / أرحل فوراً عندما يبدؤون بتلك الأغاني/ وفي مرةٍ قام معي أربعة حضور مع عائلاتهم/ ولا أدعوك أن تفعل مثلما أفعل/ ولكن لا تسمح لأحد أن يفرض عليك شيئاً / أياً كان / فلديك تراثاً وتاريخاً يشبع منه الشرق الأوسط كله قيم ومبادئ وأخلاق/ فلا تسمح لأحد أن يتحكم بقراراتك / لأنك لو تحكمت وتمرنت على الأمورالصغرى ستهون عليك الأمورالكبرى/ عليك أن تختار ما تحب أو ما تريد / وإلا ستختار مرغماً ما لا تحب وما لاتريد/ كما يحدث معي ومعك ومعنا اليوم بدءاً من السلطة حتى شاويش الشرطة.
– عفرين
خاص – صفحات سورية –