بيان إلى الرأي العام: إعلان دمشق وعد يتجدد وأمل يكبر
يصادف السادس عشرمن تشرين الأول الجاري، الذكرى الرابعة لانطلاقة إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي في سورية مدشناً ذروة لحراك سياسي نوعي، غطى السنوات الخمس التي سبقته من تاريخ سورية ما بعد عام 2000 .
كان إعلان دمشق ائتلافاً لقوى وطنية ديمقراطية، أحزاباً وهيئات مجتمع مدني وشخصيات مستقلة. قوميون ويساريون وليبراليون وإسلاميون ديمقراطيون، عرب وأكراد وآثوريون، جمعهم هدف التغيير الوطني الديمقراطي والانتقال بسورية من دولة الاستبداد والتسلط إلى دولة الحق والقانون والمواطنة . لقد كان مشروعاً لحرية سورية والشعب السوري، طارحاً شكلاً وفهماً جديدين لمعنى المعارضة الوطنية الديمقراطية وأساليب عملها وأدائها السياسي في ظل نظام استبدادي، استمر بحكم قانون الطوارىء والأحكام العرفية والحلول الأمنية والقمع .
سنوات أربع على انطلاقة الإعلان، كانت مليئة بالنجاحات والتضحيات والضغط الأمني ، عانى خلالها نشطاء الإعلان وأنصاره السجون والملاحقات والفصل من العمل. وقدم حتى الآن كوكبتين من نشطائه وقياداته قرابين من أجل الحرية، مازال معظمهم يقبعون في سجون النظام .أولاهما: الاعتقالات التي تلت إعلان دمشق/ بيروت، وثانيهما : تلك التي أعقبت انعقاد المجلس الوطني في دورته الأولى. ومثلما لاقى الإعلان ترحيباً وقبولاً وانتشاراً داخل سورية وخارجها، عانى ولاشك قدراً من التحديات والصعوبات، تعود في جزء منها إلى طبيعة الإعلان ذاته . لأن ائتلافاً عريضاً كهذا يحتاج إلى مناخ أفضل وحوار أعمق وأكثر هدوءاً، كيما يمكن تجاوز سلبيات ورواسب التجارب السياسية السابقة.
إننا على ثقة أن إعلان دمشق، وعلى رغم المصاعب التي يواجهها، قد رسخ في وجدان السوريين وفي حياتهم السياسية على ضيقها، وبات يمثل أملاً نحو الحرية لا يمكن تجاهله . وقد تجاوز الإعلان في سنواته الأربع على قصرها مرحلة الدعوة والتعريف بمشروعه وخطه السياسي، بعد انعقاد المجلس الوطني وانتخاب هيئاته، إلى حالة المأسسة واكتمال هيئاته التنظيمية . فلجانه باتت تغطي كافة المحافظات السورية وأغلبية دول أوروبا وأمريكا الشمالية . وهناك أمانة مؤقتة للخارج ، تدير عمل الإعلان تمهيداً لعقد المجلس الوطني للخارج واستكمال هيئاته. ولعل الإنجاز الأبرز الذي حققه الإعلان خدمة لمشروع التغيير، أنه كان الحركة التي استطاعت لأول مرة في تاريخ سورية وضع المعارضة السورية في دائرة ومتابعة واهتمام المجتمعات العربية والقوى المعارضة فيها ، وكافة المهتمين بالشأن السوري وقضايا الحرية وحقوق الإنسان في العالم . لقد أضحى الإعلان حقيقة راهنة وواعدة في الواقع السوري .
ومع ذلك يبقى على الإعلان أن يواجه التحديات القائمة، والتي تتركز في كسب المزيد من الديمقراطيين والمؤمنين بالديمقراطية حلاً ناجعاً لمشاكلنا التي فاقمها الاستبداد فالمشروع الديمقراطي لا ينجزه إلا ديمقراطيون، وهؤلاء هم الضمانة ألا تنزلق الدعوة الديمقراطية إلى مجرد شعارات وأيديولوجيا، كما انتهت إليه حال الدعوات القومية والاشتراكية وغيرها، تلك التي انتهت إلى حالات وأنظمة استبدادية، أو تصالحت مع الاستبداد وبررته، عندما غابت عنها محورية الإنسان المواطن وأهميته من حيث هو إنسان قبل أي توصيف آخر، ومواطن في دولة تحترم القانون الذي تدعي حمايته.
لا نشك أن طلاب التغيير في سورية باتوا يمثلون أغلبية هذا الشعب. ودائرة المستفيدين من فساد النظام والحريصين على استمراره راحت تضيق يوماً بعد يوم . لقد أضحى نظاماً يمثل الماضي الذي لا يحبه السوريون، ويعتبرونه سبباً لشقائهم وفقرهم وغموض مستقبلهم . لكن التغيير شيء والتغيير الديمقراطي شيء آخر. ومن البداهة أن يأخذ التغيير سمة الذين ينجزونه . والديمقراطيون في سورية وإعلان دمشق في المقدمة منهم ، حريصون أن يفضي مشروعهم للتغيير فكراً وممارسة وأساليب عمل إلى دولة حق وقانون ومواطنة. وأن يفتح آفاقاً لتنمية سورية وتقدمها وتمتين وحدتها الوطنية، كي تأخذ دورها الإيجابي والبنّاء في محيطها وفي العالم، تعلي من شأن الإنسان وقيم العدل والحرية والسلم في العالم، وتحترم القانون الدولي والشرعية الدولية وتلتزم بهما، وتنبذ العنف في العلاقات الدولية، وتحرص على مصالح شعبها وحقوقه المشروعة.
وبهذه المناسبة، فإن إعلان دمشق ونشطائه ومؤيديه وهم كثر في سورية وخارجها، يتوجهون بدعوة مفتوحة ومسؤولة إلى الشعب السوري ونخبه السياسية والثقافية والاقتصادية على تنوع مرجعياتها الفكرية، من أجل الحوار لإغناء مشروع التغيير الوطني الديمقراطي ودفعه قدمأ . وهذه النخب مدعوة إلى حسم خياراتها والانحياز لصالح الحركة الديمقراطية ومشروعها التغييري، الذي بات خياراً مؤكداً للشعب السوري صاحب المصلحة في التغيير وعماده منطلقاً ومآلاً .
عاشت سورية حرة وديمقراطية
الحرية لكل سجناء الرأي في سورية
16 / 10 / 2009