زين الشاميصفحات سورية

أيها اللبنانيون … خذوا حكوماتنا العربية كلها واستريحوا

null
زين الشامي
أشعر بأسف شديد على أشقائي اللبنانيين الذين يصحون وينامون على أخبار الحكومة المتعثرة منذ أشهر دون أن تبصر النور، فيما نحن في كل الدول العربية لدينا حكوماتنا، ان شعوري يشبه تماماً شعور طفل يمتلك هدية أو لعبة أو «ساندويش» فلافل فيما شقيقه أو صديقه يقف بجانبه خالي اليدين من دون أي لعبة أو طعام. لكن حين أمعنت التفكير، قلت وما الفارق بيني وبين شقيقي اللبناني، هو ينام آخر الليل مقهوراً متشائماً من أخبار الحكومة وأنا مثله تماماً أنام مقهوراً متشائماً من عجز الحكومة عن حل أي مشكلة، عنده بطالة، وعندنا بطالة، عنده فساد وعندنا فساد، معدلات الفقراء في ازدياد في لبنان، ونحن مثله رغم وجود الحكومة.
أيضاً، هو من دون حكومة لم يتلق بعد جرعة من لقاح انفلونزا الخنازير ونحن كذلك حيث حكومتنا أوصت شركات دواء عالمية على كميات من اللقاحات وهي ما زالت في الطريق إلينا، هو يقف على أبواب السفارات بانتظار الفيزا، ونحن أيضاً ورغم وجود حكومة، ما زلنا ننتظر على أبواب السفارات بانتظار الفرج القريب.
أمعنت التفكير أكثر لدرجة أني اكتشفت أن وضعه من دون حكومة أفضل بكثير من وضعي مع وجود الحكومة، فهو يستطيع أن يصرخ ويشتم وينتقد وينفّس عما في نفسه من قهر، فيما أنا لا أستطيع مع وجود الحكومة أن آتي ببنت شفة كما يقولون، هو يستطيع أن يمارس حقه في السهر حتى الصباح والتجمع في الشوارع والتحدث بالسياسة فيما أنا لا أستطيع أن أسهر إلى ما بعد العاشرة ليلاً بسبب قانون الطوارئ. أيضاً هو يستطيع من دون حكومة أن يتدبر أمره ويجد ملهى ليلياً ليسهر فيه فيما أنا مع راتبي القليل جداً الذي تعطيني إياه الحكومة، لا أستطيع حتى أن آخذ زوجتي وأولادي إلى مطعم عادي ولو مرة في الشهر.
أيضاً هو يستطيع أن «يقاوم» إسرائيل متى أراد ولا يحتاج إلى قرار من الحكومة، فيما أنا لا أستطيع لأن كل شيء يحتاج إلى موافقة أمنية. هو يستطيع أن يقيم عرساً ويطلق الرصاص في الهواء حتى الصباح فيما أنا احتاج إلى تلك الموافقة. هو ومن دون حكومة يستطيع أن يبني و ينشئ فرناً للمناقيش، أما أنا فلا أستطيع لأني أحتاج إلى موافقات كل الوزارات والمؤسسات الأمنية، هو يستطيع أن يسافر متى أراد إلى أي دولة في العالم، أما أنا فأحتاج إلى موافقات عدة وأخضع إلى الكثير من الأسئلة والأجوبة قبل أن أحصل عليها، هذا إذا لم أكن ممنوعاً من السفر أصلاً.
مع وجودي في دولة فيها حكومة مؤلفة من ثلاثين وزارة، لك يا شقيقي اللبناني أن تتخيل كم هو حجم الهدر اليومي في وزاراتنا وفي قطاع السيارات تحديداً حيث تُستخدم تلك السيارات وسائقوها لكل شيء ما عدا خدمة المواطن، ولك أن تتخيل حجم استهلاك المحروقات، والبنزين، والماء، والتكييف، والشاي والقهوة والعصير كل يوم في تلك الوزارات. أما أنتم من دون حكومة فلا تضطرون إلى تفليس الخزينة جراء هذه المصاريف اليومية.
صدقني أنه ورغم وجود الحكومة، فما زالت الكثير من نوافذ مدارسنا محطمة وتنتظر ميزانية من وزارة التربية حتى يتم إصلاحها، ومع الحكومة ما زال أطفالنا يتعرضون للبرد لأن المدافئ في صفوفهم بلا مازوت.
صدقني أنه ورغم وجود الحكومة، فما زلنا، نمارس الفساد والرشوة وبمعدلات أكبر، فشرطي المرور التابع لوزارة الداخلية ما زال مستمرا في تلقي الرشوة، وذلك الموظف في القصر العدلي التابع لوزارة العدل، لن يوقع أوراقك أو يختمها دون أن تدفع له وترشيه، كما أننا ورغم وجود الحكومة، مازلنا نقف في طوابير أمام محطات المحروقات لنأخذ حصتنا القليلة من المازوت لنتمكن من التدفئة في فصل الشتاء.
ماذا أحدثك وماذا أخبرك عن الحكومة، صدقني أيها الشقيق، ورغم أن حكومتنا مستقرة وثابتة مثل الأهرامات وتمثال أبو الهول في مصر، فإنني لا أميز وزير الأوقاف عن وزير الثقافة، ولا أعرف ما الفرق بين وزيرة الشؤون الاجتماعية ووزير الدفاع، كما أني أنسى بين الحين والآخر اسم رئيس الوزارء نفسه رغم أني أعرف أنه سمين مع كرش وجاهة يسبقه أينما حلّ وجال.
أيها اللبناني الشقيق والعزيز، إذا كنت تريد حكومة أو تحلم بحكومة، فخذ حكوماتنا العربية كلها ببلاش وصدقني أن لا شيء سيتغير لا عندنا ولا عندكم، أما سمعت بالمثل القائل: «قالوا ان سمعان أشهر إسلامه، قلنا، لم ينقص المسيحيون ولم يزدد عدد المسلمين».
كاتب سوري
الراي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى