تقرير للإتحاد الأوروبي تتجاهله وسائل الإعلام: حقائق مروعة عن تلاعب القطاع الصيدلي بالحياة
إغناثيو رامونيت
باريس-وكالة انتر بريس سيرفس, نوفمبر (آي بي إس) – كشف تقرير للمفوضية الأوروبية بشأن خروقات صناعة المنتجات الصيدلية لقوانين المنافسة، عن حقائق مروعة وتشعبات واسعة وأحاييل متواصلة لمنع وصول أدوية فعالة إلي الأسواق، ضمن تجاوزات أخري.
فقد بين التقرير، الذي تجاهلته وسائل الإعلام منذ صدوره في الثامن من يوليو الماضي، أن شركات المنتجات الصيدلية لا تلتزم بقوانين تنظيم المنافسة، يل وتستعين بكافة أنواع التكتيات المستترة للحيلولة دون تسويق الأدوية الأكثر فعالية، وخاصة تلك النوعية الأرخص كثيرا.
فيؤدي تعطيل وصول الأدوية النوعية إلي المرضي، إلي رفع التكاليف المالية لا للمرضي فحسب، وإنما لبرامج الرعاية الصحية الحكومية ودافعي الضرائب أيضا… وكل هذا لتوفير الحجج لأنصار خصخصة خدمات الرعاية الصحية.
فمن الجدير بالذكر أن الأدوية النوعية تطابق تماما الأدوية الأخري التي تنتجها كبري الشركات الصيدلية الإحكتارية، من حيث المكونات النشطة والجرعات والسلامة والفعالية.
كذلك أن قوانين البراءات السارية تمنح شركات المنتجات الصيدلية فترة عشر سنوات للإنفراد بإنتاج دواء بعينه. وبإنقضاء هذه الفترة، تجيز القوانين للآخرين حق إنتاج الأدوية التي تعرف بإسم الأدوية النوعية، التي تقل تكلفتها بنسبة 40 في المائة.
ومن الجدير بالذكر أيضا أن منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة وغالبية الحكومات، تشجع علي إستخدام الأدرية النوعية، لأن تكاليفها الأقل تتيح المزيد من فرص الحصول عليها لصالح الأهالي المعرضين للأمراض.
لكن كبري شركات المنتجات الصناعية تخصص 90 في المائة من أبحاث إنتاج أدوية جديدة “لأمراض الأغنياء” التي تصيب مجرد 10 في المائة في سكان العالم. ومن ثم، فإن هدفها هو تأخير، بكافة الوسائل الممكنة، تاريخ إنتهاء سريان البراءات التي تملكها.
وتجدر الإشارة إلي أن تجارة الأدوية العالمية تقدر بنحو 700 مليار يورو، تتحكم درزينة من كبري الشركات في نصفها. ويحقق القطاع الصيدلي أرباحا تتجاوز مكاسب قطاع الصناعات العسكرية. فمقابل كل يورو واحد تنفقه علي إنتاج دواء معروفا تحصل علي ألف يورو من مبيعاته.
هذه المبالغ الضخمة تعطي المسماة بيغ فارما Big Pharma المكونة من Bayer, GlaxoSmithKline (GSK), Merk-Novartis, Pfizer, Roche, and Sanofi-Aventis، نفوذا ماليا جبارا تستخدمه بصورة خاصة في القضاء علي منتجي الأدوية النوعية صغيري الحجم، عبر قضايا قضائية تكلفهم ملايين الدولارات.
كذلك فتتواجد جماعات الضغط (اللوبي) التابعة للشركات الصيدلية بصورة دائمة في مكتب البراءات الأوروبي ومقره ميونيخ، حيث لا تتوقف عن العمل علي تعطيل أي ترخيص يمكن منحه لبيع أدوية نوعية.
كما تشن حملات مضللة ضد الأدوية النوعية لبث المخاوف بين المرضي. فيقول تقرير الإتحاد الأوروبي أن نتيجه ذلك هو إضطرار المواطنين للإنتظار طيلة سبعة أشهر إضافية في المتوسط، للحصول علي الأدوية النوعية.
فتسبب ذلك في الخمس سنوات الأخيرة، في إضطرار المستهلكين إلي إنفاق نحو 3 مليارات غير لازمة، وزيادة بنسبة 20 في تكاليف النظم الصحية العامة.
لا حدود لصناعة المنتجات الصيدلية. فقد كان لها يدا في الإنقلاب الأخير ضد مانويل ثيلايا، رئيس هندوراس التي تستورد كل إحتياجاتها من الأدوية، أغلبها من إنتاج “بيغ فارما”.
فمنذ إنضمام هندوراس لنظام “البا” (البديل البوليفاري لشعوب أميركا) في أغسطس 2008، تفاوض ثيلايا حول إتفاقية تجارية مع كوبا لإستيراد أدوية نوعية كوبية، لخفض الإنفاق في مستشفيات هندوراس العامة.
إضافة إلي ذلك، إلتزم قادة دول نظام “البا” أثناء قمة الأرض في يونيو من العام الماضي “بمراجعة مفهوم حقوق الملكية”، ما ينطوي علي تحدي لنظام البراءات الصيدلية بصورة خاصة.
هذان الحدثان، اللذان يمسان مباشرة بمصالح “بيغ فارما”، حملا الشركات الصيدلية العالمية العملاقة علي دعم الحركة التي أطاحت يالرئيس ثيلايا في إنقلاب 28 يونيو الماضي.
وعلي نمط مماثل، يقع الرئيس باراك أوباما تحت وطأة ضغوط القطاع الصيدلي في مساعيه لتعديل نظام الرعاية الصحية الحالي الذي يحرم 47 مليون أمريكي من العناية الصحية.
ولا غرو، فالأرقام مذهلة -يمثل حجم الإنفاق علي الرعاية الصحية في الولايات المتحدة 18 في المائة من ناتجها القومي الإجمالي- وتتحكم فيها جماعات ضغط جبارة ذات مصالح خاصة ضخمة تشملكبري شركات التأمين، والمستشفيات والعيادات الخاصة، بالإضافة إلي “بيغ فارما”، وليس أي منها علي أدني إستعداد لخسارة مزاياها الهائلة.
وبالتالي، وبممارسة الضغوط علي وسائل الإعلام والحزب الجمهوري، تنفق الشركات المذكورة مئات الملايين من الدولارات علي شن حملات مضللة ضد التعديل الضروري اللازم لنظام الرعاية الصحية (آي بي
شبكة العلمانيين العرب