كتاب ” ما يقوله الولد الهاذي ” لمحمد المطرود، يحلق ليقول : لن أعود أبداً إلى ما كنت
* محمد بيجو
بعد مجموعتين شعريتين ” ثمار العاصفة 1997″ , و ” سيرة بئر 2005 ” , أصدر الشاعر السوري محمد المطرود مجموعته الشعرية الثالثة بعنوان ” ما يقوله الولد الهاذي ” دار الرائي 2009 ).
القصائد متفاوتة في شهقاتها وامتدادها حيث عبرت تحت رحمة العناوين الأساسية أولاً ومن ثم حملت لها ما يميزها من اسم مثل ( نص الخديعة ) , مقسّم ست حركات, كل حركة منها لها صورة مغايرة أو عنوان فرعي كـ (النص والأنثى والعاشق …. ).
لغة أنيقة مغطاة برونق الفصاحة, يكتب بها محمد المطرود قصائد مجموعته, فيقود القارئ كمرشد إلى عوالم الشعر, للدوران قدر المستطاع حول الحالة واكتشاف الجديد في الأمكنة والأزمنة القديمة وبيان السر في العلاقات بينها, كأنه يفتح الأبواب المغلقة في وجه الخيال بثقة طافحة من دون أن يأخذ الإذن من أي شيء .
عالياً, أبعد مما نراه , كأنه طائر يحوم على المكان والزمان ملتقطا ببصره , بصر الصقر , ما يريد من مواقف غابرة وزمن لم يعد زمننا, راسما حدودا لجغرافيا قلقة وحائرة في أن تكون أو تختفي. أمكنة حساسة يقترب منها الشاعر, متحلقا فوق شخصيات كانت له معها قصص وحكايات أو مواجهات وحب يأخذ من نبضه القديم طاقة لشعره وروحه معا .
صور ذهنية وأخرى حسية, وبعضها حائرة تماما في أن تميل إلى هذه أو إلى تلك , حاول المطرود في كل منها أن يستجمعها تحت ظلال البناء الفني, كجنين خلق من تزاوج عناصر الصور الشعرية مع تجارب واقعية. كأنه يتناسى بعضا من حواسه في بناء بعض صوره في فضاءات من النوع الذي نعرف ونجهل في آن واحد.
يظهر المطرود كغواص وصياد جيد, على يمينه ضفة النثر, وعلى شماله الشعر, يقترب من هذه الضفة بخطوة ليبتعد عنها بخطوة تماثلها, حاملا أثقال المعنى ليجعل اللغة حائرة في أن تكون صريحة أم مبطنة في إجفالاتها, فيحررها من القيود هياما بها, ويعشق الإنسان فيجسده شعرا, ويتألم لألم اللغة والإنسان معا, متوسلا بالاثنين مساعدته للتخلص من شيء خفي ومرعب يظل يتنقل بين صفحات المجموعة يربك الشاعر ويدفعه إلى ( الرغبة في خوف محتوم) .
قارئ النصوص ليس حراً, ذلك أن المطرود لم يترك له مساحات وفراغات ليملأها كما يشاء, بل على العكس من ذلك يقدم صورا متكاملة متينة وعالية كهرم في نص متكامل, بعيدا عن ساحات المغالات والتقعّر.
يجعل خيال القارئ كائناً يجوب عالما مفتوحا على أسرار الجمال, يتفاعل ويؤثر فيه ليخرج بمعتقدات ومواقف جديدة تجاه محيطه بعد الانتهاء من القراءة.
مجموعة آلام وهواجس ورهبة الموقف والخوف من الخوض في تفاصيله كاملة والاكتفاء بالإشارة إلى يريد قوله أو فعله, وعلى القارئ في حالة كهذه اقتفاء أثر الألم وشم عطر الأنثى المعشوقة التي لا يصرح الشاعر بالكثير من أمرها خجلا من الحياة ومن جغرافيا المكان الذي يعيش فيه. وكلما ابتعد القارئ عن الشاعر ومكانه تغيرت قراءاته ومعرفته بالنص المطرودي بمعان تنمو في ذاكرته ليتجلى في عالم الشعر مع الغامض اللامرئي حياتيا
أعلن المطرود موهبته بتلقائية التعبير عن الموقف, بحس نادر وأصيل, متفردا في الأسلوبية والأدوات الشعرية الناضجة التي تنسج الشعر وتؤصل نهجا شعريا يوحي أن ثمة غيوم فرح جديدة تمر بهدوء في سماء الشعر .
وينهي ( الولد الهاذي ) أقواله بعبارة :
( أعرف والمكيدة هذه أحاطتني … بأني لن أعود إلى ما كنت … أبداً )
النهار
الى لاخ محمد المطرود ارجو ارسال اميلك الى اخوك حامد الزوبعي ولك الشكر والتقدير وللمنتدى تحياتي
انا اميلي موجود عندك حاليا ##LEON.H.ALZOBAI@HOTMAIL .COM