موقف إخواني متخاذل ..!
عبدالرحمن سعد العرابي
البيان الصادر عن جماعة الإخوان المسلمين المصرية بشأن الانتهاك الإجرامي لحدود المملكة من قبل عصابة المتسللين أبان بكل وضوح وبدون أي لبس وفي رابعة النهار الموقف الحقيقي للجماعة من المملكة.
لا يوجد في قواميس اللغة أقل تعبيراً من كلمة (متخاذل) لوصف الموقف الإخواني فكل مفردات ودلالات وسطور «البيان» تشير إلى ذلك وتؤكده. ومن أوتي بصيرة عقل وقلب يعرف أن المعتدي هم عصابة إجرامية مدفوعة الأجر وعميلة لقوة إقليمية أرادت بانتهاكها لحدود المملكة إثارة المملكة وزعزعة استقرارها خاصة في موسم الحج الذي تنشغل فيه كل الأطياف الحكومية في خدمة ضيوف الرحمن.
كما أن كل ذي بصيرة في عقله وقلبه يعلم ويعرف ويدرك أن المعتدى عليه هو المملكة العربية السعودية وهي دولة اتسمت في سياستها الخارجية بعدم التدخل في شؤون الدول أو انتهاك سيادتها وحقوق شعوبها، بل إن التاريخ السعودي المعاصر يؤكد سعي المملكة الدؤوب إلى حل الخلافات وفض النزاعات خاصة بين الأشقاء العرب والمسلمين، وانظروا حواليكم لتتأكدوا.
ولكن المملكة وفي ذات الوقت الذي (تسالم) فيه الجميع عدا إسرائيل فإنها لن تقبل أبداً أن يتعدى أحد على حدودها أو ينتهك سيادتها فحينها تتحول إلى (كاسر) يصعب توقع أفعاله. فأرض المملكة مقدسة وحمايتها واجب ولن تسمح المملكة لأي كان أن يدنس هذه التربة وهذه الأرض، ولذا فحينما تصدت للمتسللين إنما هي تردعهم عن (غيهم) وتصدهم عن تحقيق الأجندات الأخرى المعروفة والمكشوفة.
وبيان الإخوان المسلمين رغم كل هذه الحقائق الواضحة وضوح الشمس يلف ويدور ويدس السم في العسل ففي الوقت الذي يؤكد حق المملكة في الدفاع عن أرضها يلومها على (الاستدراج) إلى دخول معركة هي بين أطراف يمنية وكأن الانتهاك الإجرامي لحدود المملكة تم داخل اليمن وكأن المتسللين تسللوا بإجرامهم إلى أراضٍ يمنية؟!.. والأدهى أن البيان يطالب المملكة (بوقف) القتال حقناً للدماء وحفاظاً على الأبرياء. فأي حق هذا وأي حفاظ هذا والمعتدون انتهكوا كل ذلك ودمروا وقتلوا وشردوا الأهالي وسكان الحدود الجنوبية من أراضي المملكة وعاثوا فساداً وبغياً وعدواناً.
في هكذا حال كان من المفروض إن كانت جماعة الإخوان المسلمين صادقة في دعواها بحقن الدماء والحفاظ على الأبرياء أن (تستنكر) بقوة الاعتداء على المملكة وأن تطالب المسلمين كافة بالوقوف إلى جانبها لإحقاق الحق ولردع المعتدين ولضمان الاستقرار والأمن. أما أن يطالب البيان علماء وفقهاء العالم الإسلامي إلى (مناشدة) المملكة بإيقاف الحرب والمعتدون على أراضيها فهذه (فرية) تأبى القوانين والأعراف والدساتير والأخوة الإسلامية القبول بها إطلاقاً.
وإن كان بيان الإخوان المسلمين (تضليلي) فهو ليس سوى بيان صريح على (وصولية) الفكر الإخواني وعلى (نكثهم) للعهود والمواثيق التي يوضحها بجلاء تاريخهم داخل مصر وخارجها. فهم جماعة وصولية بكل معنى الكلمة اتخذوا من الدين (ستاراً) لتحقيق أهدافهم السياسية والوصول إلى الحكم والسيطرة المطلقة على كل مفاصل الحياة في المجتمع كما أثبتت أحداث مصر والجزائر والأردن والكويت وسوريا وغيرها.
من حقنا هنا في هذه الأرض المباركة أن (نمن) على جماعة الإخوان المسلمين المصرية لأن هذه التربة الطاهرة احتضنتهم حينما طردوا وكستهم بعد أن جردوا من كل شيء وأطعمتهم بعد أن هاموا في الأرض جياعاً. وفي ظل هكذا حقائق نتوقع كلنا هنا في المملكة أن تكون ردة فعل الإخوان المسلمين رداً للجميل واعترافاً بالفضل لا أن تكون نكراناً للجميل ووصولية بمثل ما أبان عنه بيان الجماعة الأخير الصادر يوم الأحد 8 نوفمبر والمنشور على موقع الجماعة على الإنترنت. وحالنا مع هذه الجماعة خير ما ينطبق عليه قول الشاعر:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا