دمشق ليست على ما يرام طفلٌ يمتهن اللواطة أسفل باب الفرج!
كان يوماًً سيئاً نذلاً منحطاً حقيراً عاهراً يشبه جميع أيامنا، يشبه جميع إنجازاتنا وأفعالنا، يقتات على هزائمنا وخيباتنا اليومية.
نهبط من الفيس بوك من العالم الافتراضي، كما يظن البعض، لنوثق مجرى نهر بردى بالصورة استعداداً ليوم الاستحقاق القادم مطلع الشهر المقبل والذي عنوناه ” لنغسل التعب عن بردى “.
لم يبق مواطناً مقيماً أو زائراً عابراً إلا وأحزنه ما يحل بنهر بردى ذلك الشريان الذي غذى المدينة لدهور سلفت واليوم يغذي هزيمتنا اليومية وسخريتنا منه.
يغذي هزيمتنا بالمدينة التي كانت لزمنٍ قريب أجمل مدن العالم وليؤكد هو الآخر أن دمشق ليست على ما يرام.
نهبط مجرى النهر بجعبتنا كل القصائد كل الأغاني وذكريات المدينة. نهبط من الفيس بوك ونعلم أن بردى هو أحد الثالوث الأقدس في الطبيعة التي نهضت المدينة منها. ثالوث تعيس بمجمله اليوم: جبل قاسيون وسهول الغوطة ونهر بردى.
يكفي للعالِم والجاهل بأسرار المدينة أن يقول دمشق ليست على ما يرام فالكل يعلم ما حلّ ويحلّ بقاسيون والغوطة وبردى. كثيرون يدركون هذا ويخرسون لا سيما من يقود دفة القرار.
نهبط من الفيس بوك لنوثق مجرى النهر فقط من قلعة دمشق حتى باب توما أي ما يشكل منطقة الحماية لموقع التراث العالمي بدمشق المحفوظ على لائحة اليونسكو منذ عام 1979 والمجاورة لسور المدينة القديمة من جهة الشمال وما عُرِفتْ في السنوات الأخيرة بمنطقة شارع الملك فيصل التي عاشت كابوس الهدم لسنوات ثلاث مضت ولا يزال!
بردى يمر ولو خجولاً هذه الأيام لا بفعل انحسار الأمطار والثلوج وحسب بل لقلة عافيتنا وبفعل جرائم ارتكبت خلال السنوات الثلاثين الأخيرة من تحويل مجرى النهر ومن سرقة مياهه ولجعله مكباً لنفايات وقاذورات من يشغلون ضفتي مجراه.
نهبط من الفيس بوك لنداري قليلاً هيبة النهر وبدايةً بالصورة الفوتوغرافية فنحن كما يؤمن البعض أشخاصاً افتراضيين لا أرض ولا مدينة ولا نهر ولا ياسمين لنا ولا تفغر في وجوهنا جراحٌ حقيقية، نحن مجرد كذبة وصغيرة معلنة.
كانت الأوساخ محتملة في مجرى النهر وكانت مخالفات البناء على سور المدينة ومجرى النهر محتملة وكان محتملاً للحظات سيرنا الأولى في مجرى النهر كل شيء بما فيها أسباب احتمالنا لمحافظة دمشق ولوزارة الثقافة وربما لجميع وزاراتنا الأبيّة.
أقول كان كل شيء محتملاً حتى فاجئنا وفاجأ كاميراتنا صراخ طفلٍ يمتهن اللواطة يجلس في ظل جسر روماني يحمل فوقه باب الفرج الذي يفضي إلى العمارة البرانية خارج السور وتحديداً إلى سوق المناخلية.
الطفل يصرخ بنا: “أوقفوا الكاميرات”! والحياة فوق في السوق وفي المدينة تسير على أكمل وجه.بينما يستأنف صراخه برجلِ يلتحف أطباق الكرتون “هيا ارتدِ ثيابك بسرعة”! ويقفز الرجل عارياً من مكانه أمام ناظرينا ليرتدي قميصه وبنطاله وهو يخاطبني: ” كنا نرتاح قليلاً ” ليعود صراخ الطفل بوجه الرجل عارياً من كل شيء ” يوم فضيحتنا “!
ليس يوماً سيمر عابراً في ذاكرتي ولا في ذاكرة صديقي فادي حسين الذي رافقني في جولتي هذه بل هو يوم لن أحسد نفسي عليه لأسباب كثيرة يبقى أبرزها ما أداوم على شرحه عن عمارة تلك المنطقة شمال سور المدينة القديمة وافتتاني بها حيث يمر بردى من أسفل أربعة جسور رومانية باستثناء الأخير وكل جسر منها يقوم عليه شارع وسوق تدلف فيها من أبواب المدينة الأربعة الفرج والفراديس والسلام وأخيراً باب توما.
حادثة الطفل الذي يمتهن اللواطة تحت الجسر الروماني الذي يعلوه باب الفرج بالتحديد وصراخه في وجوهنا جميعاً ليس إلا فصلاً من فصول الخراب في المدينة وتأكيداً على أن المدينة ليست على ما يرام.
وعد المهنا
حملة “لنغسل التعب عن بردى”
www.heartofdamascus.org