صفحات العالمما يحدث في لبنان

أي مدى لانعكاس القمة على لبنان حكومياً وسياسياً ؟

روزانا بومنصف
“دفعة أولى” مريحة إقليمياً ودولياً من غير الحساب الأميركي
حكومة او لا حكومة على اثر القمة السعودية السورية؟ تلك هي المسألة بالنسبة الى غالبية السياسيين الذين يتفاعلون مع الحدث العربي من زاوية الاستحقاق المباشر المطروح على جدول يومياتهم، وهو تأليف الحكومة الاولى بعد الانتخابات النيابية في حزيران الماضي.
لكن كثرا يعتقدون ان الزيارة الملكية السعودية للعاصمة السورية مفيدة للطرفين المعنيين على صعد عدة، ومفيدة اكثر لدمشق، وثمة آمال في ان تنعكس اجواؤها ايجابا بما يمكن ان يخفف وطأة الانقسامات العربية – العربية على الداخل اللبناني، كما لا يخفف استخدام لبنان ساحة للتضييق او للضغط من اجل الحصول على مطالب او تنازلات من الخارج او من المحور المقابل لما اعتبر في الاعوام الماضية المحور السوري – الايراني. وتريح عودة العلاقات السعودية السورية الى طبيعتها بعض الدول الغربية التي وجدت نفسها في مناسبات او محطات متعددة في وضع صعب في تقنين علاقاتها بسوريا وطبيعة انفتاحها عليها بما ينسجم الى حد كبير والعلاقات مع المملكة السعودية، على ما حصل بالنسبة الى باريس التي واجهت موقفا سعوديا صعبا نتيجة انفتاحها على سوريا في توقيت لم يكن مناسبا، ان على صعيد العلاقات الثنائية او على صعيد الوضع في المنطقة. فهذا الانفتاح، وان حصل، فانه لم يشهد تطورا او تقدما تبعا لذلك، وكان عليه ان يكون محدود الهامش ومشروطا ايضا، والبعض يقول “مكربجا” اذا صح التعبير، من جهتين على الاقل، اميركية وعربية، اي سعودية – مصرية على رغم الابواب التي فتحتها دول عربية اخرى كقطر مثلا امام سوريا لدى دول اوروبية كانت متشددة معها ايضا.
كذلك تفتح عودة هذه العلاقات نافذة للتفاهم الاقليمي، وتقول مصادر معنية انها تترقب مؤشرات من هذا النوع على الخط السوري – المصري في وقت قريب. ولا تعتقد المصادر نفسها ان التقارب السعودي – السوري كان يمكن ترجمته على هذا النحو، اي في زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز، في ظل عدم رضى اميركي على سوريا على غرار ما كان عليه الوضع في السابق، بل ان ثمة من يعتبر ان ذلك يمكن اعتباره دفعة اولى مشجعة، لكن من غير الحساب الاميركي، باعتبار ان المدى الذي ذهبت اليه المملكة في التفاوض في الموضوع اللبناني مع سوريا في تموز الماضي اثار حفيظة الولايات المتحدة وعدم ارتياحها الى ذلك.
لكن اذا كان ثمة ايجابية مباشرة بالنسبة الى لبنان وسائر الملفات الاخرى في المنطقة لهذا التقارب، فهي تكتسب ابعادها من واقع استبعاد الدول الكبرى او نأي هذه الدول او بعضها بنفسها عن الاضطلاع مباشرة باي دور في الازمة اللبنانية، في الوقت الذي لا يمكن تجاهل الابعاد الدولية لكل ما يحصل في هذا الاطار. فكون الدول العربية المؤثرة هي التي تتفاعل في ما بينها يخفف كثيرا من اي توتر او استفزاز اضافي، خصوصا ان لا دور او تدخلا اميركيا برز في اي مرحلة، والدور الفرنسي مر مرور الكرام. وتاليا يفترض بالمصالحة العربية – العربية ان تسهل الحلول من حيث المبدأ، اذ ان هذا التقارب، وان كانت بدأت فصوله قبل اشهر فانه نضج الى حد ما في ضوء التطور على صعيد الملف الايراني النووي والمفاوضات التي فتحت بين ايران والدول الغربية الكبرى والمانيا. ولذلك فان الاسئلة التي تثار بالنسبة الى المتابعين والمعولين بقوة على التقارب السعودي – السوري وما تم خلاله من اتفاقات او تفاهمات، هي: هل تسري مفاعيل هذا التقارب على تأليف الحكومة اللبنانية فتسهل ولادتها؟ وفي حال حصول ذلك، هل يقتصر على موضوع الحكومة لتبدأ بعد وقت قصير مرحلة جديدة من الابتزاز التي تحتاج الى تدخل آخر ووساطات اخرى في مراحل لاحقة، او هو تقارب من النوع التأسيسي بحيث يكفل للوضع اللبناني هدنة طويلة بعض الشيء؟ وهل يمكن ان يستفيد اللبنانيون من مفاعيل هذا التقارب اذا كان عميقا وجديا من اجل ارساء القاعدة لعقد اجتماعي جديد وفق ما توحي بعض المشاورات التي اجراها الرئيس المكلف، ام ان ما حصل في المشاورات كان من ضرورات المرحلة، وهو ككلام الليل الذي يمحوه النهار؟
هذه الاسئلة يطرحها معنيون على قاعدة الاعتقاد ان لا تغيير في الاهداف الاستراتيجية السورية ودور لبنان في اطار هذه الاستراتيجية. وعلى اهمية الزيارة الملكية السعودية لدمشق وما يمكن ان تعنيه بالنسبة الى النظام السوري، فان هذا التطور لا يرقى الى اكثر من التكتيك الذي يمكن ان يؤثر او ان يكون فاعلا على المدى القصير، اذ ان اي شيء اقل من صفقة كبيرة لن يغير دور لبنان الاقليمي في المنظور السوري – الايراني وفق اعتقاد كثيرين ينظرون الى القمة السعودية – السورية باهتمام وبحذر وبمقدار اقل من التفاؤل مما يشيعه بعض الافرقاء. ويعتبر هؤلاء انه عند اي خطر يتم استشعاره على الوضع الاستراتيجي الذي تتم رؤية لبنان من خلاله، فثمة محاولة ستحصل لحماية الدور الذي ينتدب للبنان في هذا الاطار، خصوصا في حال تابعت اسرائيل السياسة الخارجية لحكومة رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو التي تثير حساسية الادارة الاميركية وغضبها، فكيف بالدول العربية المطالبة بتنازلات من اجل مساعدة عملية السلام على الانطلاق؟
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى