انفجار يهز الأمن السوري
كريس فيليبس
الانفجار الذي مزق حافلة الحجاج الإيرانيين في دمشق و الذي أدى إلى مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل, سوف يرسل موجات اهتزاز كبيرة على امتداد سوريا. حتى وقت متأخر كان السوريون معتادين على رؤية مثل هذه الانفجارات على شاشات التلفاز و ليس في شوارع مدنهم, و التي يعتبرونها نقطة استقرار نادرة في الشرق الأوسط.
إن الانفجار سوف يذكر السوريين بالهجوم الذي حصل في سبتمبر الماضي و اغتيال عماد مغنية في عام 2008. إن كل هذه الأمور تضيف إحساسا متزايدا بأن دمشق لم تعد في مأمن من المجازر التي تحصل بشكل مستمر في الجارتين العراق و لبنان.
و مع ذلك فإن الظروف التي تحيط بالانفجار الأخير غير معروفة لحد الآن, و مع وصف المسئولين لهذا الحادث على أنه حصل نتيجة لانفجار إطار الحافلة و وجود تقارير تشير الى أن سبب ما حدث هو وجود عبوة من الغاز في بضائع أحد المسافرين, فإن أصابع الاتهام في الشارع سوف تشير بشكل مباشر إلى جماعات سنية إسلامية. إن عدد السكان الشيعة قليل جدا, و يشكل ما يقرب من 13% من سكان سوريا, و أغلبهم من الأقلية العلوية غير المتدينة, و مع ذلك فقد حصل الإنفجار في أحد مناطق الشيعة القليلة في دمشق, بقرب مقام السيدة زينب. و مع حصول انفجار في نفس المنطقة السنة الماضية, فإن المشتبه بهم المفترضين سوف يكونون الجماعات المتأثرة بالقاعدة و التي تحاول إثارة الفتنة ما بين المجتمع السني و المجتمع الشيعي في سوريا. إن حقيقة أن من قتل هم من الحجاج الشيعة يدعم فكرة ان المسلحين السنة هم المسئولون – و قد تكون نوع من إرسال الرسائل ضد سوريا- و التي تعتبر حليفة لإيران وذلك مع وجود سعيد جليلي كبير المفاوضين الإيرانيين في الملف النووي في دمشق من أجل إجراء محادثات هناك.
ومع ذلك فإن توقيت الهجوم غريب و لا يعكس نجاح سوريا الأخير في العلاقات الدولية. إن الانفجارات التي حصلت عام 2008 كان يشتبه فيها بوجود علاقة لها مع السعودية أو مع جماعة المستقبل التابعة لسعد الحريري في لبنان و ذلك عندما كان للرئيس السوري بشار الأسد علاقات سيئة مع كلا الجانبين. ومع عودة المياه إلى مجاريها مع الرياض و التي توجت بزيارة الملك عبد الله إلى دمشق مؤخرا, و تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة مع وجود عناصر موالية لسوريا فيها فإن دوافع الداعمين الخارجيين للمسلحين الإسلاميين قد انخفضت.
و يبدو على الأرجح أن هؤلاء المسلحين موجودون في الداخل, و يعملون بشكل مستقل عن الداعمين الخارجيين السابقين. و قد يدعم هذا الافتراض طبيعة الهجوم منخفضة التقنية. إن هناك عنصر من القدرية هنا, و ذلك إذا أخذنا التساهل الذي كانت تقوم به سوريا تجاه حركة مثل هذه الجماعات تجاه الحدود العراقية من أجل القتال إلى جانب المتمردين هناك. إن دمشق قد تجد الآن أنها قد فتحت صندوق المسلحين الإسلاميين الذين يتساءلون عن تحالف سوريا مع إيران الشيعية و عن محاولات التقارب مع الغرب على حد سواء.
على الرغم من الدمار, فإن نظام البعث يمكن أن يستخدم الانفجارات مثل الذي حصل لصالحه على المدى القصير. إن بإمكانه أن يصور نفسه على أنه ضحية لذلك النوع من الإرهاب الذي تمارسه القاعدة ضد القوى الغربية و ذلك في محاولاته الرامية إلى العودة إلى المجتمع الدولي. و في نفس الوقت, فإن بإمكانه استخدام تهديد الهجمات المستقبلية من أجل تبرير قبضته القوية على شعبه, و دعم الحضور الأمني و العمل على خنق المعارضة بشكل أكبر.
على المدى الطويل, فإن لدى النظام مشاكل متطورة.و سواء ما إذا ثبت أن هذا الانفجار ناجم عن هجوم إرهابي أم لا, فإن التصور بأن نهجه المتمثل بأن الحكم بقبضة من الحديد يمكن أن يحمي المدنيين من مذابح كتلك الموجودة لدى الجيران يتعرض حاليا للتحدي. إن الجماعات المسلحة الداخلية موجودة, و هي قادرة على العمل. ثلاثة انفجارات إضافة إلى غارة إسرائيل على منشأة المفاعل النووي المشتبه بها عام 2007 و هجوم الولايات المتحدة على الحدودية الشرقية انطلاقا من العراق في نهاية عام 2008 يطرح ادعاء نظام البعث بوجود “استقرار مستبد” للتساؤل.
ومع الأخذ بعين الاعتبار بأن الحكم التقليدي بالقوة لم يثبت أي تكيف مع المناخ الجديد , فإن على الأسد أن ينظر إلى نهج التطوير التدريجي أو أن يتوجه إلى الحكم بالتوافق.
الجارديان
ترجمة : قسم الترجمة في مركز الشرق العربي