التفاوض السوري الإسرائيلي

سلام الجولان أضغاث أحلام

null

سعد محيو

هل أزفت لحظة السلام بين سوريا و”إسرائيل”؟ كلا. لا الآن، ولا غداً، ولا حتى السنة المقبلة.

فإيهود أولمرت لا يريد أن يعيد هضبة الجولان ومعها مياه طبريا وحدود 4 يونيو/ حزيران إلى سوريا. وحتى لو أراد فهو لا يستطيع، دونه في ذلك معارضة ثلثي “الإسرائيليين” لهذه الخطوة، وغالبية النواب في كاديما والليكود والأحزاب الدينية وحتى في حزب العمل.

والرئيس بشار الأسد، وبرغم أنه يريد بالطبع تحرير الهضبة المحتلة، لن يقبل لا الآن ولا غداً ولا بعد سنة أن يكون ثمن ذلك بيع جلد إيران، ورأس حزب الله، وقلب حماس، (وهذه شروط تل أبيب)، لأن هذا سيدّمر كل مداميك الدور الإقليمي السوري المستقل، وسيجعل دمشق مجرد جرم يدور في الفلك “الإسرائيلي.

ثم أن صفقة السلام صعبة في هذ المرحلة لأن إدارة بوش ترفضها وتعتبرها “استرضاء” لنظام (سوريا) تريد عزله وخنقه.

الآن، وطالما الصورة على هذا النحو، علام التفاوض في اسطنبول، وأين هو هذا “الاختراق التاريخي” الذي تحدث عنه أولمرت؟

الاختراق التاريخي قد يكون موجوداً، لكن ليس في ذلك الطريق المؤدي إلى سلام الجولان، بل في “الأوتوستراد الدولي” الذي يخدم المصالح الآنية والمتوسطة للثلاثي التركي والسوري و”الإسرائيلي.

فأردوغان، الذي تفتقت فكرة هذا الحوار عن “ذهنه الخلاق” في فبراير/ شباط 2007 خلال اجتماع مغلق بينه وبين وأولمرت، رأى في إطلاق هذه المبادرة مناورة دبلوماسية حاذقة ستضع يهود “إسرائيل” وأمريكا، وبالتالي واشنطن، في سلته، في خضم معاركه الداخلية الصعبة مع المؤسسة العسكرية العلمانية التركية.

وأولمرت وافق فوراً على المبادرة لأنه رأى فيها فرصاً “غير جولانية” عدة: محاولة توتير الأجواء بين دمشق وطهران؛ تحسين الأوضاع الأمنية في الجبهة “الإسرائيلية” الشمالية التي تضعضعت بعد حرب 2006؛ الضغط على المسار التفاوضي الفلسطيني؛ وأخيراً، خلق البلبلة في صفوف حلفاء دمشق الذين يرفعون شعار المقاومة المسلحة ضد “إسرائيل.

اما الرئيس الأسد، فكان له في الغالب هدفان يتيمان: كسر العزلة الخانقة التي يفرضها البوشيون وبعض العرب عليه منذ العام ،2005 (إضافة إلى توفير أجواء أفضل لحوارات لاحقة مع الإدارة الأمريكية المقبلة)، وتحسين مواقع النفوذ الإقليمية السورية في المشرق العربي، خاصة في لبنان.

كما هو واضح، العديد من هذه الأهداف سهل التحقق، على عكس السلام السوري – “الإسرائيلي” الصعب. وقد جاءت أحداث العام 2008 لتعزز فرص التحقق. فأولمرت وقع في فخ الفساد والتحقيقات القضائية، وبات في حاجة ماسة إلى إنجاز دبلوماسي خارجي ما لوقف تداعي مواقعه الداخلية. والأسد بات أشد توجساً الآن مما كان قبل سنة، من ان يقوم بوش بمغامرة عسكرية ما ضد سوريا (أو إيران) قبل نهاية عهده. هذا في حين أن أردوغان جنى سريعاً، ولا يزال، ثمار مبادرته في شكل وقفة يهودية أمريكية داعمة له بقوة في الكونجرس.

إنها لعبة “ربح- ربح” للجميع. اما السلام في الجولان، فسيكون عليه إما انتظار إدارة أمريكية جديدة بعد أشهر، أو حرب جديدة (وأخيرة) تشنها إدارة بوش بعد أسابيع.

الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى