صفحات ثقافية

حصاد عام 2009 الثقافي السوري

null
الكتاب ما زال مشبوها و ‘أبو الفنون’ بلا ميزانية.. الاعلام بين الرغبة في التطوير وهواجس الرقابة.. وندوة لأنطونيو غالا غاب عنها المسؤولون الداعون
دمشق – ‘القدس العربي’ – أنور بدر ما زال المشهد الثقافي السوري خلال العام المنصرم يراوح مكانه كجزء من الحالة السورية التي تصبو إلى التغيير من دون أن تتمكن من تجاوز عطالتها البنيوية في كثير من المجالات، وهي عطالة تتعلق بتعقيدات البنية السياسية وتشابك سويّات محلية وإقليمية ودولية في هذا الأمر، بحيث يتطلّب أي إجراء في مستوى ما إعادة نظر في الكثير من الثوابت التي باتت عصيّة على التغيير. منها ما هو إداري ومنها ما هو تقني ومنها ما يتعلق بالوضع المالي، ولكن الأهم والأخطر يتجلّى بإخطبوط الرقابة، الذي ما زال يخشى أي ظلال يمكن لها أن تعرّش على فضاءات البياض لوسائط الاتصال المختلفة.
ويدرك القائمون على الشأن الثقافي أنه كبنية فوقية لن تتغير إلا بتغير البنى التحتية التي تتحكم بالاقتصاد وحركة المجتمع والظلال السياسية لذلك الأمر. ومن هنا يبدو بعضهم مطمئناً إلى أنّ التغيير قادم لا محالة طال الزمن أم قصر، بينما يلهث آخرون لصنع إنجازات ولو صغيرة في ذلك المشهد الواسع، آملين أن تراكم هذه الإنجازات الصغيرة لا بُد أن يتحوّل في يوم ما إلى تغيير نوعي.
وأحب أن أشير بداية إلى ملاحظة مهمة في المستوى الإداري، حيث كان موظفو الإدارة في المواقع الثقافية أو سواها شبه مؤبدين في مواقعهم لعقود طالت كثيراً، كرئيس اتحاد الكتاب العرب ورئيس اتحاد الصحفيين السابق أيضاً وسواهما من السوابق الكثيرة. لكن يُلاحظ في العقد الأخير وجود مرونة أكبر في تغيير المديرين ورؤساء المؤسسات الثقافية والإعلامية، إلا أنّ العطالة المُشار إليها سابقاً لا زالت تحول دون الاستغناء كليّة عن هؤلاء المُبعَدين عن وظائفهم، فما زال مدير الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون ينتقل إلى المؤسسة العربية للإعلان ومدير المسارح في وزارة الثقافة يغادر إلى إدارة المعهد العالي للفنون المسرحية، بينما تذهب حنان قصاب حسن من احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية بكل انجازاتها التي ملأت الإعلام إلى ‘دار الأسد للثقافة والفنون’ أو ‘دار الأبرا’، وما زال الكثير من الإعلاميين المُبعَدين يجدون شواغر لهم في سلك الخارجية كسفراء لسورية في دول العالم.
هذه الآلية التي أقصت د. رياض نعسان آغا من التلفزيون السوري إلى سفارتنا في الإمارات العربية، عادت به وزيراً للثقافة، لكنه الآن يبدو مُرشحا قويا وبجدارة لوزارة الإعلام، فيما يكثر الحديث أنّ الدكتور محسن بلال وزير الإعلام، الذي جاء من السلك الدبلوماسي، يتأهّب الآن وبشوق كبير للعودة إلى ذلك السلك الذي حقق فيه نجاحات على مستوى أمريكا اللاتينية كقارة، والإسبانية كلغة!
الملاحظة الثانية أنّ الحراك الثقافي السوري الذي يجهد لإقصاء اليسار عن مواقع ريادته الطويلة، يُصرّ على لعبة الغزل مع أطراف ذات علاقة باليسار العربي من المثقفين، فالشاعر أحمد فؤاد نجم يبدو ضيفا مستحبا في المشهد الثقافي السوري وكذلك زياد الرحباني ومارسيل خليفة، وصولا إلى شربل روحانا، والسؤال المطروح بجدية: هل يمثل هذا السلوك غزلا حقيقيا لليسار العربي؟ أم أنه مجرد انعكاس لإعادة الاصطفافات السياسة والأيديولوجية على ضوء المتغيرات الإقليمية؟
بغض النظر عن احتمالات الأجوبة، واحتمالات التغييرات القادمة، التي قد يتفاءل البعض بها أو يتشاءم آخرون، نجد أنّ وزارة الثقافة كانت الأنشط في الفترة الأخيرة، رغم كثافة الملاحظات التي تأتي من هنا أو هناك، لكنها عجزت عن حل أهم معضلة تواجهها، متمثلة في تبعيّة أكثر من 420 مركزاً ثقافياً منتشرة في أرجاء سورية إلى وزارة الإدارة المحلية، إدارياً ومالياً، مما يجعل منصب مديرية المراكز الثقافية في الوزارة، الذي شَغر بتقاعد مجيب السوسي، غير مرغوب فيه لأحد رغم امتيازات الإدارة، لأنه أشبه بديوان المراسلات الذي لا يمتلك من قرار موضوعه شيئاً، ويعتقد الكثير من المهتمين بالشأن الثقافي، ومن بينهم الوزير شخصيا، أنّ هذه المراكز لو أحسن استغلالها ثقافياً لربما شكلت حالة استقطاب نوعية وعاملا حقيقيا لتطوير الثقافة والمجتمع، وهذه المشكلة ليست شأنا إجرائيا وليست مسألة نظرية كما تبدو للبعض، إذ تنعكس نتائجها على جميع العاملين في الحقل الثقافي، وتُمنع تلك المراكز الثقافية كلها تقريباً عن الفرق المسرحية في أغلب المحافظات، بل إنّ أحد مديري الثقافة يتساءل وببراءة يُحسد عليها: وما علاقة المسرح بالثقافة؟!
مازال الكتاب مشبوهاً في أمّة الكتاب
قد يستغرب البعض أنّ الدكتورة حنان قصّاب حسن لم تعترف بأهميّة الكتاب في نطاق أمانتها لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العام المنصرم، لكنّ هذا الأمر يبدو حالة عامة في موقف المؤسسة الثقافية الرسمية من الكتاب، باعتباره مشبوها سلفاً، مشبوها في كونه أداة للتجاوز المعرفي والثقافي، في مجتمعات تفخر بثباتها واستقرارها، كما تفخر بأنّها أمة الكتاب، قاصدة من وراء ذلك إلغاء وتهميش أي كتاب، بما في ذلك الكتاب المقصود بالعبارة السابقة، لصالح عقل تسليمي يُلغي السؤال، ويبحث في ما وراء الطبيعة عن علوم الأبراج والتنجيم فضلاً على اكتشاف الفانوس السحري، الذي يمكنه أن يُحقق كل طموحاتنا كأمّة وأفراد وصولاً إلى دحر أعداء الأمّة والدين.
ربما مشهد الكاتب الإسباني الكبير أنطونيو غالا واقفا يقرأ شعره في مكتبة الأسد بلا أي احتفاء رسمي، ورحيل الشاعر علي الجندي بصمت، يلخصان حال الثقافة السورية، حيث تحوّلت مكتبة الأسد على سبيل المثال، إلى منفى للمثقفين والإعلاميين المعاقبين، بدل أن تكون قبّلة ومحجّة المثقفين والإعلاميين في سورية والمنطقة، وتكتشف أنك ببساطة لا تستطيع تصوير أي كتاب بشكل كامل لأنّ الأنظمة النافذة لا تسمح بذلك، فكيف لو أراد باحث ما أن يُصوّر بعض المخطوطات والوثائق المهمّة في بحثه؟!
وما دامت هذه المؤسسات تعمل بعقلية الموظف الأمني، فهي أبعد ما تكون عن هاجس الثقافة والإبداع، لذلك لاحظنا أنّ إدارة مكتبة الأسد، التي تشرف على معرض الكتاب السنوي، كان في آخر اهتماماتها الإعلان عن هذه الظاهرة أو تسويقها أو حتى طبع البرشورات والإعلان عن الأنشطة الموازية في المعرض، التي تأخرت حتى اليوم الذي سبق الافتتاح، رغم أن إدارة المعرض أعادت للخزينة مبلغ (25 مليون ليرة) لقاء تأجير الستاندات في أرض المعرض، من دون أن نفكر بصرف أي شيء منه على دعم الكتاب؟! وتشجيع القراءة التي تنفق عليها الدول المتطورة الكثير من الجهد والمال. لأنها طريق صناعة المستقبل لأي شعب من الشعوب. بينما عندنا تغيب الهوية العقلانية والثقافية لمعرض الكتاب.
أمّا بخصوص الكتاب، ورغم انتشار، بل قل تكاثر دور النشر الخاصة بطريقة انشطارية، إلا أن صناعة الكتاب مازالت في الجزء الرئيسي منه بيد القطاع العام، أي الهيئة العامة للكتاب، واتحاد الكتاب العرب، فالهيئة العامة للكتاب في سورية، التي حلّت منذ سنوات قليلة محل مديرية التأليف والترجمة، انتقلت من عهدة الدكتور عبد النبي اصطيف إلى عهدة محمود عبد الواحد القادم من المؤسسة العامة للسينما، لكنه حتى الآن لم يستطع ولأسباب أغلبها موضوعي أن يطوّر من أداء الهيئةن التي يُفترض بها أن تشكل أحد أهم ديناميات العمل الثقافي وتطوير هذا العمل. فالتبدلات المستمرة في أقسام التأليف والترجمة أخضع الكثير من النشاطات للاجتزاء والمزاجية، وبالتالي غابت الخطة المدروسة لآلية العمل، ناهيك عن خطط تطوير تلك الآليات!
وإن كانت الهيئة العامة للكتاب تعتبر أهم جهة مصنعة ومسوقة للكتاب، قدمت هذا العام قائمة غير مكتملة تتضمن 104 عناوين، بينها 37 عنوانا مترجما في حقول الأدب والدراسات وسلسلة الفن السابع وعلوم أخرى، إضافة إلى 67 كتابا مؤلفا في حقول الأدب أيضا والدراسات وسلسلة آفاق ثقافية الشهرية وسلسلة الفن السابع وبعض الكتب التراثية المستعادة،إلا أن مديرية المعارض والتسويق التي حلت في الهيئة العامة للكتاب مكان مديرية المطبوعات تقول بأن لديها أكثر من أربعين عنوانا آخر في المطبعة لم تدخل في هذه القوائم رغم أن اغلبها انتهى من الطباعة.
بينما خطة اتحاد الكتاب العرب لعام 2009 تضمنت نشر 108 كتب في مختلف حقول المعرفة، طبع منها فعليا 51 كتابا فقط، ويقال إن هنالك أكثر من عشرين كتابا في المطبعة ستكون جاهزة في مطلع العام الجديد.
أبو الفنون بلا ميزانية
ربما تكون مديرية المسارح والموسيقى في سورية خير مؤشر على المرونة التي أشرنا إليها بخصوص سرعة التبدلات الإدارية، فخلال عقد واحد من الزمن تقريباً تعاقب على إدارتها خمسة مديرين، بعضهم لم يكمل الستة أشهر في منصبه، وفي الربع الأخير من هذا العام شهدنا التغير الأخيرن الذي لم يفاجئ أحدا، إذ غادرها الدكتور عجاج سليم إلى عمادة المعهد العالي للفنون المسرحيّة بدمشق، ليتسلم إدارتها السيد عماد جلول، كما طال التغيير أيضاً إدارة المسرح القومي بدمشق، فجيء بحسام عيد بدلا من كميل أبو صعب، ولا يزال المسرح القومي في طرطوس يدار بالوكالة، وقومي اللاذقية لم تحسم الصراعات فيه أو حوله، في الوقت ذاته الذي تعاني فيه مديرية المسارح من عجز يفوق 15 مليون ليرة سورية ترفض وزارة الثقافة إغلاقها. وبالتالي ما تزال هذه الثغرة تهدد أي إمكانية نشاط للعام القادم. وبشكل خاص في العام القادم سنكون على موعد مع دورة جديدة لمهرجان دمشق المسرحي، وبالتالي سنكون معنيين بإنتاج عروض جديدة لا نمتلك الحدود الدنيا من تكلفة إنتاجها.
السيد عماد جلول مضطراً لجأ إلى تخفيض بند المكافآت باعتباره الإجراء الوحيد الذي يتمكن من ممارسته. فكان أن انخفضت أجور العاملين في المسرح ما بين 40 إلى 60 بالمئه، وهي أساساً كانت قليلة. مما دفع ببعض الفنانين والفنيين إلى التذمّر وإعلان ما يشبه المقاطعة لمديرية المسارح، علماً بأن المديرية كانت قد رفعت للوزارة أكثر من مشروع يتضمن زيادة المكافآت، للحد ولو بشكل جزئي من هجرة الفنانين لخشبة المسرح باتجاه الدراما التي تدر أجورا خيالية بالنسبة لاي عمل مسرحي.
فكيف يمكن لنا وضع آليّة أو تصور للنهوض بالمسرح السوري ونحن نقدم مكافآت للمخرج دون سقف المئة ألف ليرة وللممثلين دون ذلك بينما ينتظرهم في الدراما السورية وبجهد أقل ملايين الليرات؟!
الوزارة طرحت أكثر من تصور على مديرية المسارح وعلى الفنانين لتنفيذ أعمال مسرحية وعروض وحتى مهرجانات ضمن آلية السبونسر أو الرعاية. وهي آلية يجيد استخدامها بعض الفنانين. إلا أنّ البعض الآخر يربأ بنفسه عن هذه اللعبة، إما ترفعاً أو لضعف العلاقات العامة لديه أو لانعدام الخبرات التسويقية، خاصة أن القطاع الخاص لم يمتلك بعد ثقافة السبونسر التي تدير عجلة النشاطات الثقافية في الغرب، وما زال الكثير من الممولين ينظرون للأمر بصفته منة أو حسنة تسيء إلى كرامة الفنان وعمله، ويساعد في تضخيم هذه الإشكالية غياب التشريعات الضريبية التي تشجع شركات الإنتاج والمؤسسات الإنتاجية الخاصة على صرف جزء من أرباحها في نشاطات ثقافية بدل أن تدفعها كضرائب.
مع ذلك نستطيع القول إن مديرية المسارح نجحت العام المنصرم في إقامة مهرجان بصرى الدولي للفنون الجميلة بالتعاون مع محافظة درعا، كما أقامت مهرجان ادلب للفنون الشعبية، ومهرجان الشباب المسرحي الرابع في طرطوس، بسوية جيدة، وساهمت في رعاية عدد آخر من المهرجانات المسرحية في بعض المحافظات، واختتمت نشاطاتها للعام الحالي بإقامة احتفالية مسرحية خاصة للتضامن مع احتفالية القدس عاصمة للثقافة العربية عام 2009 بعنوان’ أيام مقدسية’ تمتد من 3 ولغاية 30/12/2009 على مسرحي القباني والحمراء بدمشق. وتتضمن هذه الاحتفالية العرض الفلسطيني القادم من رام الله ‘ الأحداث الأليمة في حياة أبو حليمة’ للمخرج إسماعيل دباغ، بالإضافة إلى مجموعة من العروض هي ‘شمة زعوط’ إخراج زهير بقاعي، ‘ بيان شخصي’ تمثيل عبد الرحمن أبو القاسم، إخراج جهاد سعد، ‘المدينة المصلوبة’ تأليف الأب الياس زحلاوي وإخراج محمود خضور، ‘أفراح وجراح’ لفرقة الوعد الفلسطينية إخراج يوسف الطيب.
السينما السورية منافسات مضنية ومولات قادمة
يستطيع المرء اختزال الحالة السينمائية في سورية بالمؤسسة العامة للسينما ومهرجان دمشق السينمائي، الذي تقيمه المؤسسة، وربما يأتي على هامش ذلك إنتاج بعض الأفلام المحلية لصالح المؤسسة أو تلك الأفلام الخاصة التي بدأت تظهر في السنوات الأخيرة.
فغياب صالات السينما، وغياب الطقس السينمائي ما زالا يخيمان على المشهد السينمائي السوري، بانتظار افتتاح عدد من الصالات الصغيرة ضمن مولات التسوق، التي أصبحت تشكل طقساً سينمائياً جديداً في العالم. ولا بُد أنه سيأتي إلينا في السنوات القادمة وإن تأخر خمس سنوات أو عشر، لكن الصالة الوحيدة التي افتتحت هذا العام ‘سينما سيتي’ دمشق سابقا، مع الفيلم الاستعراضي ‘سيلينا’ للمخرج حاتم علي من إنتاج القطاع الخاص، ما زالت أسعارها غير شعبية، بسبب تطور التقنيات فيها، حتى أنّ المؤسسة العامة للسينما عجزت عن وضعها في قائمة صالات المهرجان وذلك لارتفاع التكلفة المادية، كما افتتحت هذا العام ولأوّل مرّة سينما مفتوحة في الهواء الطلق بعدما غابت عنا هذه الظاهرة منذ الربع الأول للقرن المنصرم!
أمّا المؤسسة العامة للسينما فرغم نجاحها منذ عام 2007 بتحويل مهرجان دمشق السينمائي إلى مهرجان سنوي إلا أنها ما تزال تقف عاجزة عن تدويله، فدون ذلك الطموح وبعيداً عن كل الالتزامات المادية والاشتراطات التقنية، تبقى معضلة أن تكون أفلام المسابقة جميعها عرضاً أول، أي لم يسبق لها أن عرضت حتى في المهرجانات الدولية. وهذه المعضلة تضعنا شئنا أم أبينا في حالة عجز عن المنافسة مع المهرجانات الدولية التي تشكل إغراءً لأي مخرج أو شركة إنتاج، حيث الشهرة والأضواء وفرص التسويق التي نفتقدها.
كذلك بتنا نعاني في السنوات الأخيرة من عجز آخر عن المنافسة مع المهرجانات الوليدة في المنطقة، إذ بعد أن كان مهرجان دمشق السينمائي يتألق مع مهرجاني القاهرة وقرطاج، بات عليه الآن عبء المنافسة مع مهرجانات تمتد من مراكش إلى دبي وأبو ظبي، والشارقة وصولاً إلى الفجيرة وأم القوين ولا أعرف عن باقي الإمارات التي نجحت التوظيفات المالية فيها بخلق ظواهر ثقافية، ولو كانت بلا جمهور، فكيف ننافس بمهرجان لا تتعدى ميزانيته مليون دولار أمام مهرجانات تفوق ميزانيتها الأربعين مليون دولار مثلاً؟!!
مع ذلك يؤكد محمد الأحمد المدير العام للمؤسسة العامة للسينما أنّ مهرجان دمشق السينمائي يتكئ على إرث الحالة الثقافية للبلد، مُشيراً إلى استضافة ‘أمير كوستاريكا’ هذا العام مجاناً، بينما يدفع الآخرون مبالغ طائلة ليحظوا بذلك الشرف.
والأهم برأينا أنّ المهرجان يُشكل أهم ظاهرة في حياتنا الثقافية، تتيح لنا أن نتعرّف على المزيد من نتاجات السينما العالمية، وأن نستعيد شيئاً من ألق الطقس السينمائي الذي افتقدناه منذ أجيال.
لكن المهرجان هذا العام لم يمر من دون بعض المنغصات، وكانت في طليعتها مقاطعة بعض السينمائيين السوريين للمهرجان، ووصل الأمر إلى حد توزيع بيان على النت بهذا الخصوص.
أمّا بخصوص الإنتاج السينمائي، الذي ظلّ حكراً على المؤسسة العامة منذ عقود، فيؤكد الأحمد أنّ ميزانية المهرجان لا علاقة لها بميزانية الإنتاج، والميزانية الحالية لا تكفي لإنتاج أكثر من فيلمين، لكن ما يجب العمل عليه هو تشجيع القطاع الخاص على الإنتاج، وظاهرة الإنتاج المشترك ما بين هذا القطاع ومؤسسة السينما، حيث قامت عدة تجارب ناجحة حتى تاريخه.
لكننا بالمقابل نجد أنّ تجارب الإنتاج الخاص في سورية ما زالت دون الاعتراف الرسمي بها، ففيلم ‘الليل الطويل’ من إخراج حاتم علي، عن نص للمخرج هيثم حقي نال عدداَ من الجوائز العالمية، لكنه لم يحظ بشرف المشاركة في مهرجان دمشق السينمائي ولم يُعرض في الصالات العامة أيضاً، كذلك فيلم ‘نصف ملغ نيكوتين’ للمخرج ‘محمد عبد العزيز’ الذي نال جائزة مؤخراً في مهرجان ‘باري’ الإيطالي.
ولكن بعيداً عن كل هذه الإشكالات سيبقى الإنتاج السينمائي الخاص مرهوناً ليس باعتراف المؤسسة العامة به، بل هو مرهون بافتتاح المولات الجديدة، وصالات العرض الكثيرة، التي تؤمن ريعيّة مالية للجهة المنتجة تمكنها من الربح وزيادة الإنتاج وصولاً إلى المنافسة.
الدراما السورية في أول ملتقى لها
لأول مرة في سورية لم يقتصر المشهد الدرامي السوري على الأعمال التلفزيونية التي قُدمت في الدورة الرمضانية فقط، إذ أطلت علينا في هذا المشهد قناة ‘سورية دراما’ التي حملت مشروعاً طموحاً لا يقتصر على إعادة تقديم الإرث الدرامي السوري، بل تصبو إلى الدخول في لعبة الإنتاج والتسويق معاً.
لكن الحدث الأهم تمثل في ملتقى الدراما السورية الذي عقد في السابع من كانون الأول (ديسمبر) واستمر لثلاثة أيام، وربما يكون هذا الملتقى من أهم المفاصل في تاريخ الحركة الدرامية التي ظهرت مع بدايات البث التلفزيوني عام 1960م.
وإن كانت الدعوة إلى هذا الملتقى قد جاءت من الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون والمؤسسة العربية للإعلان بالتعاون مع لجنة صناعة السينما والتلفزيون، إلا أنه بدا كملتقى تشاركي دُعي إليه الكثير من الفنانين والمنتجين والمخرجين والكتاب والنقاد والإعلاميين برعاية من السيد وزير الإعلام، وقد توزعت أعمال الملتقى على ست جلسات خلصت إلى ورقة عمل شملت عدداً من التوصيات المهمة في مسيرة الصناعة الدرامية وحمايتها، ومن أهم هذه التوصيات الدعوة إلى إنشاء مؤسسة حكومية متخصصة في الإنتاج الدرامي ومستقلة عن الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وضرورة إنشاء مركز وطني سمعي بصري للمساهمة في دعم الإنتاج الفني ودعم وبلورة دور القطاع الخاص في عملية الإنتاج والتوزيع وصولاً إلى العرض، والتأكيد على أهمية إيجاد اتحاد للمنتجين السوريين كشريك حقيقي للإنتاج الحكومي، وضرورة دخول رؤوس الأموال الوطنية وكذلك المصارف في عملية التمويل، وتطوير آليات العمل في القطاع العام، وإيجاد بنية قانونية أكثر مرونة فيما يتعلق بالأجور وآلية العمل، ورفع ثمن عرض الأعمال الدرامية على أقنية التلفزيون السوري حسب جودتها، والعمل على إيجاد وإنشاء أكاديميات للفنون الدرامية لتكون رافداً أساسياً لتطوير الإنتاج الدرامي مستقبلاً. وهناك عدد من التوصيات الأخرى قد تكون بذات الأهمية أو أقل قليلاً، لكن السؤال: هل يمكن أن تتحول هذه الاقتراحات أو التوصيات إلى منهاج عمل في المستقبل القريب؟ كما أكد الدكتور محسن بلال في الجلسة الافتتاحية لهذا الملتقى، حين قال: نحن على استعداد لتقديم كل ما يُطلب لخدمة الدراما في سبيل الارتقاء بها لتصبح صناعة، مشيراً إلى وجود مشاريع وخطط لإحداث مؤسسة عامة للدراما السورية. أم أن هذه التوصيات سيطويها النسيان وتضيع في أروقة الروتين والبيروقراطية، كما حصل للعديد من التوصيات والمطالب التي صدرت عن اجتماعات وتوجهات سابقة؟!
التشكيل السوري
لا زال النشاط التشكيلي هو الأكثف حضوراً في المشهد الثقافي السوري، دراسة وإنتاجاً، عرضاً وتسويقاً، وقد توسعت الحدود الأكاديمية لدراسة الفنون الجميلة في سورية خارج إطار جامعة دمشق، فأصبحت لدينا كليات جديدة في حلب وفي مدينة السويداء، كما افتتحت بعض الجامعات الخاصة أبوابها لهذا الاختصاص، إضافة لمعاهد الفنون التطبيقية التي تنتشر في أكثر من محافظة سورية، وكذلك معاهد الفنون التشكيلية التي تقيم دورات للأطفال والهواة، وكلها تفسح المجال لأعداد متزايدة من دارسي وهواة الفنون التشكيلية لخوض هذه المغامرة، إذ يبقى الإبداع مسألة شخصية ما بين الهواية والاحتراف، حتى أن عدد الفنانين التشكيليين في سورية وفي مختلف الاختصاصات يفوق بالمعنى النسبي كل ما نشهده في دول الجوار، وربما يشجع على ذلك أن الفن التشكيلي ما يزال الأكثر حرية بين الفنون الأخرى، وأقلها خضوعاً للرقابة، من دون أن ننفي وجودها.
هذه الحالة انعكست في حجم الإنتاج الفني الذي يكاد يفيض عن قدرة السوق المحلية على استيعابه كصالات عرض، أو سوق تصريف، مما يشجع على افتتاح المزيد من صالات العرض والغاليريات تلك التي لا ننفي عنها الهاجس الفني، لكنها بالضرورة تعكس حالة تسويقية تزامنت في الأعوام الأخيرة مع طفرة في أسعار اللوحات، والتي يُعتقد أنها طفرة تتعدى القدرة الشرائية للمواطن السوري، ونجد أسبابها في السوق الخليجية، وبعض أسماء المحترف التشكيلي السوري استطاعت أن تلج السوق العالمية، وهو ما يبرر هجرة الكثير من الفنانين باتجاه الفضاءات الأوروبية الأكثر حرية بالضرورة.
بينما المؤسسات الرسمية في الداخل ما زالت عاجزة عن ضبط إيقاع الحركة المتسارعة في هذا المعترك، فمديرية الفنون الجميلة في وزارة الثقافة تنظر بريبة وعجز إلى أعداد الغاليريات المتزايدة في كل عام، وبعضها لم يحصل على ترخيص في هذا الشأن، وهي منذ عامين تجهد لوضع ضوابط لهذا العمل من دون جدوى، وبالتالي ما زالت تكتفي بالمعرض السنوي الذي توزع على معرضين الأول باسم الربيع، والثاني هو معرض الخريف الذي افتتح مؤخراً.
مع أنها ولسنوات تواجه بكثير من الضجيج والتذمر الذي يصدره الفنانون، بخصوص انتقاء الأعمال والسوية الفنية، وصولاً إلى اقتناء الوزارة لأعمال من المعرض، لكن الأهم هو القطيعة التي تجاوزت غياب التنسيق بين المديرية واتحاد الفنانين التشكيليين.
هذا الاتحاد الذي ولد عام 2004 من رحم نقابة الفنانين التشكيليين بالقانون رقم (55) ما زال وليداً خديجاً، يعيش في الحاضنة، إذ تنص المادة 68 من قانون تشكيله على أن النظام الداخلي للاتحاد والنظام المالي يصدران بقرار من وزير الثقافة خلال مدة أقصاها ستة أشهر من تاريخ صدور هذا القانون، الذي مرّ على صدوره خمس سنوات من دون أن يصدر الوزير النظام المالي للاتحاد، وهو سبب كافٍ لعرقلة العمل بالنظام الداخلي الذي صدر حقيقة.
بالطبع هذه المسألة الروتينية يترتب عليها تأخر انعقاد المؤتمر العام، وعدم تفعيل الجمعيات التخصصية داخل الاتحاد، وغياب الانتخابات الديمقراطية، وغياب المساعدات المالية، وتجاهل فكرة الرواتب التقاعدية للفنانين التشكيليين أسوة بزملائهم في باقي الاتحادات.
وبعض الفنانين يتحدث عن بيروقراطية قيادة الاتحاد، وعدم مبادرتها أو ضغطها على المستوى السياسي لإصدار النظام المالي أو لعقد مؤتمر للاتحاد، لكن البعض الآخر يشير إلى ما هو أخطر بخصوص فعالية هذه القيادة ومسؤوليتها حيال تحريك واستثمار صالة الشعب وصالة الرواق العربي بطريقة تُفعل المحترف التشكيلي السوري، أسوة بما تشهده الغاليريات الخاصة.
الظاهرة الأميز هذا العام كانت في معرض ‘ دمشق باريس’ رؤى مشتركة، الذي ضمّ أكثر من مئة فنان ممن يقيمون في سورية أو فرنسا، للتعبير عن رؤية كل منهم في موقعه إلى المدينة الأخرى، بما تشكله من ثقل في الوجدان الثقافي والتراث الحضاري وانعكاس ذلك في ذاكرة ورؤية الفنانين.
الظاهرة الثانية تجلت في إقامة ملتقى دمشق الدولي للنحت ما بين 26 تشرين الثاني وكانون الأول في أرض معرض دمشق الدولي القديم على ضفة بردى، بهدف إنتاج أعمال نحتية غايتها تزيين مدينة دمشق، وإشغال الفراغات العامة في ساحتها وحدائقها، وقد سبق في العام المنصرم إقامة ملتقى نحتي بنفس المواصفات، كنا نأمل أن يتحول إلى سنوي، لكن هذا الملتقى الجديد لم يأخذ صفة الاستمرارية للملتقى السابق، الذي وزع الأعمال الناتجة عنه في حدائق دار الأوبرا وتفرعات ساحة الأمويين، مع ملاحظة أن هذه الأعمال الجميلة افتقرت إلى بطاقات تعريف نحاسية باسم الفنان والمناسبة وتاريخ الانجاز، وهي مسألة نأمل ألا تتكرر في هذا الملتقى.
الإعلام السوري وهاجس الرقابة الإعلامية
يبدو أن الإعلام السوري ما زال يتحرك في المساحة الضيقة ما بين الرغبة في التطوير وهواجس الرقابة الإعلامية، بحيث يتناهى عزم هذه المزدوجة رياضياً إلى الصفر، لأن الخوف من تحرير الإعلام ما زال يقتل كل المبادرات الإيجابية باتجاه تطويره، من دون أن نتجاهل الكثير من التفاصيل التي يمكن تسجيلها على ضفتي المعادلة.
فالإعلام الخاص الذي انتعش منذ سنوات قليلة حتى وصلت عدد الرخص الممنوحة من قبل وزارة الإعلام وبموجب موافقات أمنية إلى قرابة 160 ترخيصاً، وهو رقم يكاد يبشر بالخير، إلا أن قراءة سريعة لتفاصيل التراخيص الممنوحة تجد أنها تتمحور في مجالي المطبوعات الإعلانية من جهة ومطبوعات المنوعات والرياضة، مع الإشارة إلى تضمن تلك المنوعات بنداً ثقافياً. لكننا نكتشف في كل الحالات الملموسة أنه لا يرتقي إلى مستوى الثقافة الحقيقية، باعتبارها فعلاً مولداً للتطور. كذلك يمكن ملاحظة كثافة في المطبوعات أو التراخيص الاقتصادية، وهي الأفضل حتى تاريخه في مجال الإعلام الخاص في سورية. مقابل غياب شبه كامل للصحف والمجلات السياسية، باستثناءات قليلة لتراخيص ممنوحة لأحزاب الجبهة، إضافة لمجلة ‘أبيض وأسود’ وصحيفة ‘الوطن’ وهو استثناء يؤكد القاعدة من جهة، ويضطر تلك الصحف للعمل تحت سقف الإعلام الرسمي عموماً من جهة ثانية.
وإذا خرجنا من إطار الصحافة الورقية باتجاه الإعلام المسموع والمرئي فإن الملاحظة السابقة تبدو أوضح، بحيث كل التراخيص الممنوحة لإذاعات FM هي إذاعة منوعات فقط. تبدأ بالأغاني ولا تنتهي عند الأبراج ونصائح للسيدات في حقول التجميل والأزياء والمطبخ أيضاً. وإن كانت هذه الصيغة لا تناسب الفضائيات التلفزيونية، وربما تكون الإشاعات التي ترددت حول الخلاف مع فضائية ‘الشام’ التي انطلقت قبل سنوات من كنف التلفزيون السوري، أنها تجرأت في لحظة ما وأذاعت نشرة أخبار عامة بما يخالف الترخيص الممنوح لها، فأوقفت المحطة عن العمل، وهرب صاحب الترخيص ‘أكرم الجندي’ إلى مصر حيث عاود البث من المنطقة الحرة في أرض الكنانة بذات الاسم. بينما لا يزال القضاء السوري يلاحقه بقيمة قرض حصل عليه من المصارف الرسمية بضمانات وهمية، بلغت قيمته مع الفوائد حوالي مليار ليرة سورية حتى تاريخه. محطة ‘الدنيا’ هي الوحيدة التي استمرت مع تراجع نسبي في الفترة الأخيرة، واكب جملة من المتغيرات الإدارية المعقدة في هيكليتها، وتبقى الملاحظة أنها قناة تقوم على تغطية النشاطات الاجتماعية والثقافية بينما تخبو في حقل السياسة ونشرات الأخبار التي لا تتجاوز مصادر وكالة الأنباء الرسمية السورية ‘سانا’ وصياغات التلفزيون الرسمي.
أما محطة ‘المشرق’ التي انطلقت أساساً من المنطقة الحرة في دبي فهي تتعرض لمضايقات شتى لعمل طواقمها الفنية ضمن سورية، بالتزامن مع تردي علاقات الإدارة البيروقراطية فيها، والتي تعبر عن طبيعة رأس المال الذي لا يحترم الإعلاميين والمعدين وطواقم الفنيين، الذين فصلوا إما بقرار يتناسب وتقليص مستوى البرامج التي تمنح أية محطة هويتها، لصالح شراء برامج جاهزة ومسلسلات درامية قديمة، تملأ الوقت بأقل كلفة ممكنة.
وبالمقابل نلاحظ أن الإعلام الرسمي أطلق هذا العام إضاءتين مهمتين، الأولى في مجال الصحافة الورقية حيث أصدرت صحيفة تشرين اليومية سلسلة مهمة من الملاحق المستقلة، في الأشهر الأخيرة إثر تسلم الإعلامية سميرة مسالمة رئاسة تحريرها، وقد امتدت هذه الملاحق من الرياضة إلى الاقتصاد، ومن ملحق الدراما إلى ملحق أبواب الثقافي، ونجحت مسالمة في توظيف كادر مختص في كل ملحق، فتسلم خليل صويلح إدارة تحرير ملحق أبواب، وأسند ملحق الدراما إلى الزميل ماهر منصور، مع هوامش سمحت لهما بتقديم صحافة متميزة في هذه المجالات.
الإضاءة الثانية المهمة تمثلت في إطلاق فضائية سورية ‘سورية دراما’، التي نعتقد أنها ولدت بضغط من الأزمات التي تحيط بالدراما السورية أكثر مما كانت هاجساً إعلامياً، مع ذلك استطاعت هذه الفضائية أن تتميز بإطلالتها وباللوغو والفواصل التي اشتغلت عليها، ومنحت هوية بصرية متميزة لهذه القناة الوليدة، حتى أنها حققت أعلى نسبة متابعة خلال أشهر قليلة وفق بعض الاستطلاعات المحلية.
لكن الأهم من ذلك هو ما يتسرب منذ مدة حول مشروع دمج هذه القناة بمديرية الإنتاج التلفزيوني لخلق مؤسسة مستقلة مالياً وإدارياً لا تكتفي بالبث والترويج، بل تكون عنصراً فاعلاً في عملية الإنتاج والإشراف على الإنتاج عموماً، وتستطيع أن تلعب دوراً في عمليات التسويق وإعادة توزيع الدراما السورية بما يكفل انتشارها بعيداً عن الأزمات الموسمية الطارئة. فهل يتحقق ذلك أم نبقى في مساحة استعادة الأعمال الرمضانية لكل عام وإعادة بث إرثنا الدرامي القديم الذي كدنا ننساه؟!
بالانتقال خطوة أخرى باتجاه الإعلام الإلكتروني، الذي يشكل مستقبل الإعلام الحقيقي في العالم، ومستقبل الإعلام الديمقراطي والحر كما يؤكد خبراء النت في العالم، حيث نكتشف ثقل المعضلة الحقيقية، فرغم أن المؤسسة العامة للاتصالات والجمعية المعلوماتية السورية وحتى شركتي الاتصالات المحمول ‘سيرياتيل’ و’ MTN ‘ أطلقت جميعاً خدمة الانترنيت السريع في الربع الأخير من هذا العام، وأصبح بإمكان الأفراد والمؤسسات الحصول على بوابا ‘ ADSL’ سريعة، إلا أن حالة الرهاب من المجهول دفعت لإفراغ هذه الخطوة من محتواها الإيجابي، بحيث ما زالت الرقابة على الانترنيت هي الأساس في العمل، وهذه الرقابة تمتد من حجب مواقع الكثير من الصحف العربية ومن مخدمات الانترنيت العالمية، إلى مراقبة وحجب أسماء وعناوين كثيرة، حتى أننا نعاني كثيراً من إمكانية الوصول إلى البريد الشخصي أحياناً، أو إمكانية فتح بعض المواقع الحكومية أو الرسمية في سورية، رغم أن الخدمة السابقة مأجورة وتتقاضى عليها تلك الجهات مبالغ ليست قليلة في ميزانية المواطن السوري. وهي إشكالية تبدو في حالة استعصاء مستمر، لأنها تلخص أزمة هذا النظام في الكثير من المستويات الإنتاجية والفكرية، فالرغبة في التطوير وشعارات التطوير مسألة لا تتوقف على النوايا الحسنة عند البعض.
القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى