صفحات العالم

الفيتو الأميركي يعرقل صفقة الـ«إيرباص» مع دمشق

محمد بلوط
فرنسا تبحث عن وسائل للالتفاف على «قانون محاسبة سـوريا»
الالتفاف على قانون محاسبة سوريا الأميركي أحد الخيارات الأخيرة المطروحة أمام الدبلوماسية الفرنسية للوفاء بتعهداتها إزاء دمشق، وتزويد «السورية للطيران» بطائرات «إيرباص» التي جرى توقيع مذكرة تفاهم حولها نهاية العام الماضي، والتي يمنع القانون الأميركي تنفيذها.
المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو قال لـ«السفير» إنه «يجدر بإيرباص، المصنِّعة للطائرات، أن تقول شيئا ما، وأن تحدد أين أصبحت المفاوضات، ومبدأ بيع الطائرات إلى سوريا، وما إذا كان من الممكن العثور على القطع (البديلة عن القطع الأميركية) في بلد آخر لا يشمله نظام منع التصدير إلى سوريا». قد يكون المتحدث الفرنسي قد ذهب أبعد مما أراد التعبير عنه في رده على سؤال لـ«السفير « عن موقف فرنسا من رفض الولايات المتحدة أن تجيز لـ«إيرباص» تصدير طائراتها إلى سوريا.
وكانت سوريا قد تبلغت ردا رسميا سلبيا على طلبها شراء أربع عشرة طائرة من طراز «إيرباص» في السابع عشر من الشهر الحالي، خلال زيارة وزيرة الاقتصاد الفرنسية كريستين لاغارد إلى دمشق. وأعلن وزير النقل السوري يعرب بدر أن وزارة التجارة الأميركية رفضت الطلب الفرنسي لرفع الحظر عن بيع طائرات الـ«إيرباص» إلى سوريا , وهو قرار تبلغته الشركة في أيلول الماضي، لكن ذلك لم يمنع من تمديد مذكرة التفاهم حول الصفقة حتى نهاية العام المقبل، لإتاحة الفرصة أمام «إيرباص» أن تتجاوز الفيتو الأميركي على تنفيذ الصفقة، بتقديم طلب إجازة مجددا، وأن تتلافى دفع مبالغ جزائية نظير تأخرها في التسليم، وربما أيضاً لإفساح المجال أمام الرئيس نيكولا ساركوزي للحصول على موافقة الرئيس الأميركي باراك أوباما على إتمامها.
ويمنع قانون محاسبة سوريا, الذي تبناه الكونغرس الأميركي عام 2003، الشركات الأجنبية من تصدير معدات إلى سوريا بمجرد أن تتجاوز القطع من أصل أميركي فيها نسبة العشرة في المئة.
ورغم أن دعوة المتحدث باسم الخارجية الفرنسية «إيرباص» إلى البحث عن مزوِّد آخر للقطع ذي المنشأ الأميركي لا تتضمن بحد ذاتها أي إجراء فرنسي فعلي لتجاوز الفيتو الأميركي، إلا أنها تعبّر عن ارتباك فرنسي واضح في التعامل مع قانون أميركي يحد من حرية باريس في إتمام صفقة مشروعة مع دمشق، حيث تراهن فرنسا على تطوير علاقات تجارية واقتصادية حيوية رديفا للتقارب السياسي، في الوقت الذي تفرض عليها حدود أقامها الكونغرس الأميركي، وليس البرلمان الفرنسي.
واستبعد برنار فاليرو أن «يؤثر هذا التطور على جودة الحوار مع سوريا، الذي تجلى بالزيارات المتبادلة على أعلى المستويات، والذي لن يتوقف». وكان الفرنسيون قد اقترحوا على دمشق إنشاء شركة طيران خاصة، تشتري طائرات الـ«إيرباص»، إلا أن الأميركيين استبقوا المحاولة بإعلام باريس ببقاء الفيتو, مهما تنوعت صفة الشاري السوري.
ويشكل الفيتو الأميركي على إتمام صفقة الـ«إيرباص» مع سوريا دليلا على هشاشة الانفتاح الأميركي تجاه سوريا. وكانت دمشق قد سعت إلى التخفيف من آثار هذا الفيتو عندما أعلن وزير الخارجية السورية وليد المعلم في باريس، في نهاية أيلول الماضي، أن نائبه فيصل المقداد قد زار واشنطن للبحث في آليات التخفيف من أثار هذا القانون.
وكان المعلم طلب، في آذار الماضي، من مساعد وزير الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان، خلال زيارته إلى دمشق، التدخل لإجازة الصفقة التي تعوّل عليها شركة الطيران السورية لتجديد أسطولها المؤلف من ثماني طائرات قديمة، إلا أن جهوده باءت بالفشل، كما يظهر من الفيتو الأخير ضد الصديق الفرنسي نفسه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى