تركيا 2009: جيّد جداً في السلوك الإقليمي وصفر في السلوك الداخلي
هوشنك أوسي
يحيل الكثير من المحللين والمراقبين، حضور وتنامي وتغلغل النفوذ التركي في الشرق الأوسط، ومحيطها الإقليمي، إلى فترة حكم حزب العدالة والتنمية، وزعيم الحزب، ورئيس الحكومة؛ رجب طيّب أردوغان، وإلى “عبقريّة” وزير خارجيّته، أحمد داوود أوغلو، ونظريّته؛ “صفر في مشاكل تركيا مع جيرانها”. وفي هذه الإحالة، الكثير من الصواب. ولكن، هذا الطرح، وعلى صوابيته، يغفل أن اندفاع تركيا نحو تصفير مشاكلها مع محيطها، هو مؤشِّر دامغ على أنَّها هي التي كانت وراء تلك المشاكل!. ما ترتَّب عليها، أن تبادر إلى مفاتحة الجيران، بنيّها تصفير المشاكل، وانفتاحها عليهم!. بمعنى، انفتاح تركيا على جيرانها، وإلقاء خطوات استراتيجيّة جدّ هامّة في هذا الاتجاه، ينطوي، من جملة ما ينطوي، على اعتراف ضمني، برغبة تركيا في تلافي وتصحيح أخطاءها مع جيرانها. وفي هذا، جسارة سياسيَّة وفكريَّة وأخلاقيَّة، ما بعدها جسارة، تسجَّل لأردوغان وداوود أوغلو!. وبل لنذهب أبعد من الجانب الأخلاقي، في اكتشاف تركيا، فجأةً!، أنّها دولة شرق أوسطيَّة، وتنبُّهها لـ”ذنوبها”، أو أقلَّه، أخطاءها مع الجيران، إلى منطقة “الذكاء الحادّ”، لأردوغان وداوود أوغلو، بتصفير المشاكل، وتحويل أمكان هذه الأصفار، إلى منصَّات انطلاق نحو ما يمكن تسميته بـ”عمليّة الاستشراء السياسي والاقتصادي والإعلامي والثقافي” التركي في العالم العربي، وانتهاز تركيا لهذه اللحظة التاريخيّة الهامَّة، واستثمارها نقاط الوهن والضعف والتضعضع والارتباك والقلق في العالم العربي. ويمكن تلخيص هذه النقاط، في التالي:
1 الانقسام العربي الحادّ، حول العلاقة مع أميركا وإسرائيل. وانسداد عمليّة السلام.
2 قلق وخوف مصر والسعوديّة ودول الخليج، من استشراء وتفشّي النفوذ الإيراني في العراق وسورية ولبنان وفلسطين واليمن والبحرين ومصر. وأخذ هذا النفوذ مناحي متفجِّرة في أماكن عربيّة متعددة. ابتدأت بحرب تموز في لبنان، ومرّة بالحرب على غزّة، واستمرّت إلى خليّة “حزب الله” في مصر، ووصلت لحرب الحثويين في اليمن. والآتي، كان أعظم. ما اجبر العرب، على استدعاء النفوذ التركي، وبل التهافت عليه، بغية إحداث نوع من التوازن، يمكنه ضبط التغلغل الإيراني، إنْ فشلَ في تقويضه أو حسره أو لجمه!.
3 الانقسام الحادّ بين “فتح” و”حماس”، والاصطفاف العربيّ حيال هذا الانقسام.
المسألة أبعد من استيقاظ تركيا ذات يوم، واكتشافها أنّها دولة شرق أوسطيَّة، وإسلاميَّة، وسعيها لتفعيل هذا الدور، “خدمةً للمصالح العربيَّة”، كما يشاء حشد كبير من المحللين والمثقفين العرب تفسيره، وتقديم المبررات والمسوِّغات للدور التركي في الشرق، دون الغوص في خلفيّاته ودوافعه!. وغني عن البيان، أن تركيا، وحتّى على عهد السلطنة، كان دورها وتعاطيها مع العالم العربي، هو منفعي، براغماتي، مرتدياً لبوس المبادئ والشعارات والأخلاقيّات. وكانت كفّة المصالح والمنافع التركيَّة هي الراحجة، في تعاطيها مع العرب. واستمر هذا التعاطي مع قطبيّ العالم العربي، الرياض والقاهرة، حتّى نهاية الحقبة العثمانيّة، وبداية العهد الجمهوري، وصولاً لما قبل مجيء حزب العدالة والتنمية على سدّة الحكم، سنة 2002. أنقرة، وقبلها الأستانة (اسطنبول)، كانت دوماً تريد الانقاض على الثقل الديني والسياسي للسعوديّة ومصر، وتنظر الى هاتين الدولتين بقلق، وتسعى لسحب البساط مجدداً من تحت أقدام هاتين العاصميتين العربيتين الإسلاميتين، كترار للسيناريو الذي قامت به، إبان الحكم العثماني، وتجريد القاهرة والحجاز من أي وزن ديني وسياسي في العالم العربي والإسلامي، وتوجيه الانظار نحو اسطنبول، عبر نقل عاصمة الخلافة الى هناك!. وأيّ متابع للسلوك التركي حاليّاً، كيف له أن يقفز أو يتغافل عن هذه الحقائق والمعطيات التاريخيّة في السلوك التركي السلبي مع محيطه العربي؟!. وعليه، لمّا تزل، فكرة تجريد محور الرياض _ القاهرة، من دوره السياسي والاستراتيجي الوازن، على صعيد القيم الإسلاميّة، والليبراليّة، والاعتدال…، في إدارة المصالح العربيّة، لمّا تزل هذه الفكرة، حاضرة، وبقوّة، في فكر وسعي “العثمانيين الجدد”!. وما يعطي حافزاً للدور التركي المتنامي حاليّاً، علاقاته الاستراتيجيّة مع تل ابيب وواشنطن، من جهة، والقلق والخوف العربي من النفوذ الإيراني، والخشية من أن يتعزز ذلك النفوذ بالنووي!. والحال هذه، ليس من المجازفة القول: إن الطبقة الحاكمة في تركيا حاليَّاً، هي نسخة محدَّثة، وعصريَّة، عن جماعة “الاتحاد الترقِّي”، بأدوات، سلسة وناعمة، وأبرزها، العزف على وتر العواطف، واستدراج الشارع العربي الى كمائنه، بإظهار أنقرة، أكثر فلسطينيَّة من الضفّة العربيَّة، وأكثر عروبة من الرياض والقاهرة وعمّان!. ولو كانت أنقرة جادّة، وصميميّة في اندفاعها مع العالم العربي، لكانت خفَّضت من حجم تعاونها وتحالفها الاستراتيجي مع إسرائيل، ولم تكتفي بالجانب الشعاراتي، وإرسال المعونات الإنسانيّة إلى غزّة!. يكفيها، منع جزء من صفقات شراء الاسلحة مع إسرائيل، أو منع تدريب الطيران الاسرائيلي في سماء ولاية قونية التركيَّة!. إذ أن الطيران الإسرائيلي، أين له يتدرَّب، مع ضيق المجال الجوي الفلسطيني، هل في سماء القاهرة ام في سماء الرياض؟!. وحتّى في مسألة إرسال المعونات الإنسانيّة إلى غزّة، (قافلة شريان الحياة)، سعت أنقرة لإحراج القاهرة، وإظاهرها كمعرقل ومعطِّل، وتقديم نفسها كميسِّر ومسهِّيل، وتبييض صفحتها، على حساب “تلويث” صفحة القاهرة!. ومن الغرابة أن يتغافل الاعلاميون والمثقفون والمحللون العرب عن بواطن الدور التركي، وينبرهون ويشيدون بظاهره!.
لا شكّ أن نسبة كبير من الدهاء والذكاء التركي، تعود إلى الوهن والتضعضع والانقسام العربي، والرهبة والقلق مما تخبِّئه طهران لدول الخليج والعالم العربي عموماً. ولا شكَّ أن تركيا، قد خطت خطوات استراتيجيّة في الشرق الأوسط، والعالم العربي، في مسعى إعادة ترتيب الأوراق، وإعادة تعزيز وانتشار نفوذها في المنطقة. وعقدت مجلس تعاون استراتيجي مع سورية والعراق، وعلاقاتها الاستراتيجيّة بإسرائيل، لا ولم ولن يعكِّرها التراشق بالتصريحات بين أنقرة وتل ابيب. على العكس من ذلك، ربما تكون تلك الصريحات، المصطنعة والمفتعلة، هدفها زيادة منسوب “صدقيّة” أردوغان، في تعاطفه مع محنة الفسلطينيين، لدى العرب. على اعتبار أن الكثير من العرب، يأخذ بأقوال تركيا، ويتجاهل أفعالها، ويرفض النظر إلى تاريخها القريب جداً، ويأخذ بما هو آني!. إيّا يكن، لقد حقق رئيس الدبلوماسيّة التركيَّة، و”صقر العثمانيين الجدد”، أحمد داوود أوغلو، نجاحاً باهراً في هذا المسعى. ولئن طموحات رجب طيب أردوغان، تتعدّى رئاسة الوزارة، الى النوم في قصر تشانكايا الرئاسي، فليس من المستبعدّ ان نجد داوود أوغلو، رئيساً للوزارة، وزعيماً لحزب العدالة والتنمية، في حال تحقيق أردوغان حلمه في الجلوس على كرسي رئاسة الجمهوريّة، في السنوات القليلة القادمة!. وفي المؤتمر الأخير، لحزب العدالة والتنمية، في خريف 2009، خلع داوود أوغلو “جلباب” الاستقلاليَّة، وانتسب لقيادة حزب العدالة والتنمية.
خصّ داوود أوغلو صحيفة “الحياة” بمقالٍ هامّ، في آخر يوم من 2009، حمل عنوان: “الجوار المستقر يسمح لتركيا بالازدهار… بسلام”. وليس خافياً، لماذا اختار داوود أوغلو هذا المنبر النخبوي الهامّ “الحياة”، ليطلّ على العالم العربي والإسلامي، في هذا اليوم الهامّ. والحقّ أن مقال داوود أوغلو، وعلى أهميّته، كان بمثابة جردة حساب، او استعراض للمنجز التركي، في محيطها الإقليمي لسنة 2009. فركِّز على الحصاد التركي إقليميّاً، وتجاهل الحصاد التركي داخليّاً. وإلى ذلك، ومن الأهميّة بمكان، لفت عناية القارئ العربي، وسعادة الوزير للنقاط التاليَّة:
يقول داوود أوغلو في مقاله: “ساهمت تركيا على نحو فاعل في فرض الأمن والاستقرار والازدهار في عدد كبير من البلدان”. الأمن والاستقرار والازدهار، لا يُفرض فرضاً. بل يتحقق، عبر الخطط الشاملة، والبرامج التنمويّة الدقيقة، والسياسات المرنة والليّنة، وتكاملها وتفاعلها، بشكل ممنهج.
ويضيف داوود أغلو: “وفي السنوات الماضية، برزت تركيا على أنها باعث على الاستقرار. وتعزّز دورها هذا بفضل الإصلاحات الداخلية التي أجرتها وكفاءاتها الاقتصادية المتنامية”. وتأكيداً على نجاح حكومة أردوغان، على صعيد الاصلاحات الداخليّة، كمدخل لنجاح سياساتها الخارجيَّة، نورد ما جاء في التقرير السنوي لمنظمة حقوق الإنسان التركيَّة “İHD”، لعام 2009، حيث جاء فيه: “في سنة 2009، مقتل 18 شخصاً، أغلبهم أكراد، في حوادث، قيّدت ضدّ مجهول. قُتل 39 شخص، معظمهم اكراد، نتيجة التعذيب في المعتقلات، او لتعرضهم الى امراض قاتلة، نتيجة التعذيب وسوء المعاملة. حكمت المحاكم التركيَّة بالسجن لـ772 سنة، على 177 مواطناً كرديَّاً في البلاد، على خلفيَّة نشاطات سياسيَّة ودعوتهم الى حلّ القضيَّة الكرديَّة، بشكل ديمقراطي عادل. قتلت قوى الأمن والاستخبارات التركيَّة 6 أشخاص، وجرحت 856 آخرين، واعتقلت 12976 مواطناً كرديَّاً، اثناء قمعها للمظاهرات السلميّة الكرديّة. و61 جندي تركي، و6 من عناصر حماة القرى “ميليشيا كرديّة، متعاملة مع الجيش التركي”، و66 مقاتلاً كرديّاً، و4 مدنيين، فقدوا حياتهم، في الصدامات المسلّحة، بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني. تنظر المحاكم التركيَّة في دعوى مرفوعة بحقّ 18859 مواطن، على خلفيّات سياسيّة، اغلبهم أكراد. تضمّ السجون التركيَّة 117061 معتقلاً، بينهم، 45 سجيناً، مصابون بامراض خبيثة، ترفض السلطات اطلاق سراحهم، أو توفير العلاج اللازم لهم”. هذه خلاصة رصد جمعيّة حقوق الإنسان التركيَّة “İHD”، ذات الصدقيّة، والعلاقة الوطيدة بالفيدراليَّة الدوليَّة لحقوق الإنسان، ومنظمة العفو الدوليّة، ومنظمات دوليّة هامّة، ذات صلة. هذا هو تقريرها، فقط لسنة 2009. وإذا أضفنا، هذه الاحصائيّات، إلى ما جرى، خلال فترة حكم حزب العدالة والتنميّة، الممتدّة من 2002، ولغايّة 2008، بالتأكيد، أننا سنصل إلى ما يدعم، كلام داوود أوغلو، حول الاصلاح الداخلي، الذي مهّد للانفتاح الخارجي. دون أن ننسى أنّه في فترة حكم العدالة والتنميّة، تمّ حظر حزبين كرديين قانونيين هما، حزب الديمقراطي الشعبي DAHEP سنة 2005، وحزب المجتمع الديمقراطي DTP من قبل المحكمة الدستوريّة، كدليل على الإصلاحات التي قامت بها حكومة أردوغان، للحؤول دون حظر الحزبين الكرديين!. وحملات الاعتقال، في الأيّام القليلة الماضية التي طالب المئات من المواطنين الاكراد، ضمنهم سياسيين وصحفيين ورؤساء بلديات، تمّ انتخاباهم بشكل جماهيري واسع في انتخابات آذار 2009، وحملة الاعتقال التي تطال الحزب الكردي الجديد، حزب السلام والديمقراطيَّة BDP. ناهيكم عن مئات حملات التمشيط العسكريّة في المناطق الكرديّة، جنوب شرق تركيا، والاجتياحات المحدودة لكردستان العراق، واجتياح واسع النطاق، يوم 20/2/2008. والقصف الجوي والمدفعي العنيف للأراضي العراقيّة، لعشرات المرّات. ومحاولة تصفيّة عبدالله اوجالان بالسمّ، في سجنه الانفرادي…الخ!. ويمكن أن نضيف إلى هذا السياق العرمرم من الإصلاحات لحكومة داوود أوغلو، الدستور المدني، الذي لوّح به حزب أردوغان، ولا زال معطَّلاً. إلى جانب رفض حكومة أردوغان، وضع ملفَّات الجرائم التي قامت بها عصابة أرغاناكون التركيّة، بحق الأكراد، على طاولة المحكمة المفتوحة بحقّ هذه العصابة الإرهابيّة، وعدم حصر محاكمة أرغاناكون فقط، في محاولة الانقلاب علي حكومته!!. وأمّا المداهمات الاخيرة، لمقرّ دائرة “الحرب الخاصّة” في الجيش التركي، من قبل القضاء، لم “يتقصر” على التحقيق في محاولة اغتيال نائب أردوغان، بلند أرنيج، بل شمل التحقيق في ما اقترفته هذه الدائرة بحقّ المدنيين الأكراد، طيبة فترة الصراع بين الجيش التركي والعمال الكردستاني!. وعليه، فعلاً، معالي الوزير داوود أوغلو، محقّ تماماً، عن الإصلاحات الداخليّة التي قامت بها حكومته، لوقف نزيف الدماء الكرديّة والتركيّة، أيّاً كان الثمن. ولم تدخل حكومته في صفقات مع العسكر، هنا وهناك، لتمرير أجندته الحزبيّة، على حساب استنزاف تركيا. والسؤال هنا: هل تركيا، تعيش حالة من الأمن والاستقرار؟!. وعليه، فلتفت تركيا، لأمنها، بعيداً من منطق وذهنيّة التصفيّة، واعتماداً على الحوار المباشر والانفتاح الجادّ على الجانب الكردي. فعندما تفاوضت إيرلندا مع “الشين فين”، لم تشترط عليها، وصف “إيرا” بالإرهاب، ولا ان تلقي السلاح!. وحين تفاوضت إسبانيا مع “إيتا”، لم تشترط عليها إلقاء السلاح. وعندما تفاوضت إسرائيل مع منظمة التحرير الفلسطينيّة، لم تشتطر عليها، إلقاء السلاح، والتخلِّي عن ياسر عرفات، كما تطالب تركيا من حزب العمال الكردستاني، بالقاء سلاحه والاستسلام، وان يتخلّى عن زعيمه اوجالان!!
ما كان لافتاً في مقال داوود اوغلو، قوله: “… وأودّ بالمناسبة لفت الانتباه إلى أننا لم نلمس أي تقدّم في غزة على رغم مرور سنة على اندلاع الأزمة”!!. لقد تجنّب داوود أوغلو وصف ما جرى في غزّة قبل عام بـ”الحرب”، ناهيك عن كونها كانت حرباً وحشيّة وهمجيّة، ارتكبتها آلة الحرب الإسرائيليّة!. وألم يكن الاجدى بداوود أغلو الانسجام مع معطيات وحقيقة ما جرى، وأقلَّه، الانسجام مع تقرير “غولدستون”، وعدم مغازلة تل ابيب، بوصف ما جرى في غزّة بـ”الأزمة”!؟. وقول داوود أوغلو: “تقوم علاقاتنا مع إسرائيل على غرار علاقاتنا مع كل البلدان في المنطقة على التفاهم الذي يناسب مصالح شعوبنا ويساهم في إحلال السلام والازدهار والاستقرار في المنطقة”. لا يجانب الحقيقة والواقع مطلقاً. ولا يتحاج للكثير من الأدلّة، لتفنيده. أقلًّه، لا يمكن ان تكون على تحالف استراتيجي مع فريقين متعاديين، في نفس الوقت. والعلاقة مع تل ابيب، واللوبي الصهويني، عريقة وتاريخيّة، وتحالفيّة، واستراتيجيّة، أمّا علاقة تركيا مع الدول العربيّة، لا زالت طازجة، وفي طور التنامي، ولم ترتقِ بعد الى مستوى علاقاتها مع إسرائيل. دون أن نغفل إمكانيّة تطور العلاقات التركيّة _ العربيّة، الى مستوى التحالفات الاستراتيجيّة، وبالضرورة سيكون ذلك، على حساب علاقات تركيا مع إسرائيل، ويستحيل حدوث حالة من التوازن التام، والمساواة التامّة بين علاقة أنقرة بتل ابيل، وعلاقتها بالعواصم العربيّة، إذا لم يتحقق سلام عادل وشامل، ينهي الصراع العربي _ الإسرائيلي.
الجانب الأمني، هو الأساس، في تبلور علاقة تركيا مع سورية، والعراق. وليس عسيراً فهم، استعانة تركيا بدمشق وبغداد وأربيل وطهران ويريفان وأثينا، الى جانب واشنطن وتل ابيب، في حرب تركيا ضدّ العمال الكردستاني الذي مضى عليه أكثر من 25 سنة. وقصارى القول: الأنسب لتركيا، أن تستفيد من خبرة داوود أوغلو، في الانتفاح على الخارج، وتصفير مشاكل تركيا مع محيطها، بالحوار والانفتاح الهادئ والعقلاني، وتسلِّمه حقيبة الداخليّة ايضاً، كي يقوم بتصفير مشكال تركيا الداخليّة، أيضاً بالحوار الهادئ، والانفتاح الجادّ، وطيّ صفحة الماضي، واحترام التنوّع الثقافي والقومي والإثني، لا بالحديد والنار، ومنطق الحرب والتصفيّة، والاستنجاد بالخارج، لتثخين جراح الداخل!.
كاتب كردي
ايلاف