صفحات الناسمحمد ديبو

نساء سوريا ..والانتماء إلى حرية “الأنثى”

null

محمد ديبو
في احتفال موقع نساء سورية بعيد ميلاده الخامس, ثمة شيئان متناقضان جديران بالتأمل, هما شعور الحزن وشعور الفرح اللذين يهيمنان عليك لحظة بلحظة, فيقلقان توازنك اللا متوازن أصلا.
شعور الحزن يأتي, من أن المرأة في بلدنا مازالت بحاجة إلى موقع كمرصد نساء سوريا, يطرح قضاياها ويدافع عنها..المرأة مازالت بحاجة إلى متكأ ما, أوسند أو “رجل” يحمل قضيتها, لانصافها من رجل آخر أو مجتمع يرزح تحت عاداته وتقاليده و”شرفه” الذي يخدشه مجرد حديث امرأة مع شاب ترى فيه مستقبل أيامها, ويرى فيها سماء روحه اللاتحد.
ويزداد شعور الحزن عندما ترى ماصارت إليه المرأة, وما آلت إليه بعد بعد ماكتبه محمد عبده وطه حسين وقاسم أمين وعلي عبد الرزاق..وغيرهم من النهضويين الذين انكفؤوا تحت سيوف الفتاوي التي يطلقها “شيوخ” ارضاع الكبير, الشيوخ اللذين يمنعون “الضلع القاصر” من الحديث مع محرم, ناهيك عن الاختلاء به.
الحزن يأتي من أجمل ماخلق الله” المرأة” مازال يرزح تحت نير أسوأ ماخلق الله ” الظلام بكل ثقله ووحشيته”.
أما الفرح فيأتي من أن موقع نساء سورية والقائمين عليه, يعرف واقعه جيدا, ويعرف الأرض التي يعمل عليها, ويدرك مدى ما تسمح به حدود هذا الواقع, فيسعى للعمل ضمنها, واضعا في الحسبان عدم الرضوخ لحدودها بل توسيعها قدر الامكان, مستخدما أفضل وسائل العمل المدني, ليغدو عمله مع الأيام بحجم مؤسسة عجزت عنها وزارات دولة بكل ما لها من مال وعتاد وخبراء وموظفين..
الفرح يأتي من وجود نساء مقاومات, لايرضخن لذل “الذكور” المقيت, نساء امتلأن بهواء الحرية إلى حدودها القصوى, نساء يحملن راية “مي زيادة” وقاسم أمين” وفرح أنطون” و”هدى شعراوي”, غير عابئات بكل الخوف الذي تبثه فتاوي الجنون الهادرة لدمائهن في كل لحظة على الملأ.
والأهم أن الفرح يأتي : من أن موقع نساء سورية, جعلنا نؤمن بقدرتنا على الفعل, بقدرتنا على التغيير, بقدرتنا على القول “لا” لمشروع كاد يدمر حياتنا, بعد أن أدمنا قول “نعم” لكل من أخذ “أمنا” فصار “عمنا”.
وتجلى هذا الأمر في قدرة مرصد نساء سوريا على توعية حتى المثقفين منا بأهمية العمل وشحذ هممهم لشن حملة على قانون الأحوال الشخصية الذي يعيد المرأة إلى عصر الحريم, عبر استخدام مفردات تنتمي إلى عصر بائد, مفردات أقل ما يمكن القول عنها أنها مخجلة بحق انسانيتنا وكرامتنا.
الفرح يأتي من ذلك الفرح الذي يغمرك وأنت تنتمي بكامل جوارحك إلى عائلة “نساء سوريا”, فتشعر من اللحظة الأولى أنك في بيتك وأهلك الذي يأخذونك بحبهم وعفويتهم إلى حدود المستحيل لترقص عليه وتعود حالما بحزن أقل وفجر لا تحتاج الأنثى فيه إلا لأن تكون أنثى بكل ما تحمله الأنثى من شغف المستحيل وتفاصيل الجنون وسماء الهوس.
الفرح يأتي من وجود شخص اسمه “بسام القاضي” استطاع أن يكون مؤسسة في زمن قلت فيه المبادرات وركن فيه الناس لأحلامهم وخيباتهم وانكساراتهم فاستطاع ان يقصي كل هذا, ليعطيك يقين العمل, وأن الفعل ممكن في زمن أصبح فيه “اللافعل” هو الفعل الوحيد الممكن.
الفرح يأتي من رقص أخذنا بين جنباته إلى حدود “أناث” يعرفن كيف يتقن روح الحرية التي تغسلك من درن الذكور القاتل, إلى أن تصيح :
ياليتني كنت أنثى!!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى