مقالة للنشر رجاءً
فينوس فائق
يرد إلى بريدي يومياً و بشكل منتظم عشرات الرسائل الألكترونية التي تحمل عنوان (مقال للنشر رجاءاً)، هذا الشيء الذي في البداية كان محل إستغراب عندي، كيف أن كاتباً يكتب مقالة يصرف وقتاً و جهداً كبيراً حتى ينهيها بهدف النشر فيرسلها إلى عنوان أو عناوين لا تعد و لا تحصى و من بينها بدون شك عناوين لأناس لا يعرفهم، و دون التأكد أو متجاهلا أو عن قصد لا يهمه إن كان أولاً: يسيء إلى مقالته بقصد أم بدون قصد، و يسيء إلى إسمهم أيضاً بقصد أم بدون قصد عندما يتمادى في هذه العادة الألكترونية الغريبة، و ثالثاً ربما يزعج أناساً إما كانوا يحترموه سابقاً و يحترمون مقالاته، و الآن و بسبب فعل التكرار و الإرسال المستمر الرخيص لمقالاته إليهم يجعل من مقالاته في طيات رسالاته الألكترونية مصدر إزعاج و نفور لأصحاب العناوين الألكترونية.. هذا و دبون شك عدى عن أنه ربما يتلقى ردود عجيبة غريبة فعل ناجمة عن إنزعاج أصحاب العناوين الألكترونية الذي يتلقون رسائله ملحقة بمقالاته الغزيرة التي لا تنتهي.. و أحيانا ردود غاضبة من عملية الإرسال هذه بشكل عشوائي إلى عناوين يختارها صاحب المقالة عشوائياً في قائمة العناوين في صندوقه البريدي الألكتروني.
يبدو أن التكنلوجيا قد نجح في إضعاف ذاكرتنا، خصوصاً ما يتعلق بالأعراف الصحفية و الأصول الأدبية في النشر و إحترام الفكر و الإبداع والكلمة الرصينة. بحيث صار الكاتب يرسل بمقالته قبل نشرها إلى عشرات المواقع الألكترونية، عدى عن عناوين لأناس لا يمتلكون لا مطبوعات و لا مواقع ألكترونية..
أتمنى على أصحاب مثل هذه الرسائل المحملة بمثل هذه المقالات أن يفكروا للحظة في أصحاب العناوين الأكترونية، و كمية عبارات الضجر و السأم و التأفف التي يتفوهون بها حال رؤيتهم لرسائل مثل هؤلاء الكتاب.. عن نفسي وضعت جميع هؤلاء و بدون إستثناء في خانة الرسائل غير المرغوب بها، لكنني للأسف الشديد علي الذهاب بين حين و آخر و أنظف حتى خانة الرسائل غير المرغوب بها..
ما أريد الإشارة إليه الآن هو أنه يصاحب المد التكنولوجي المخيف عادات و ممارسات ألكترونية غير مرغوب بها خلقت –بضم الخاء- خارج مناخ أدبي و أخلاقي رصين، بحيث مع تزايد الإقبال على الخدمات التي يوفرها الإنترنت، هناك تزايد أكثر على المجالات الواسعة التي يوفرها الإنترنت للممارسات المزعجة و الخارجة بطبيعة الحال عن كل الأعراف الصحفية و الأدبية و تتجاوز الإحساس بالمسؤولية و إحترام أذواق القراء و المتابعين..
من هنا أرجوا من كل أصحاب تلك الرسائل و المقالات أن يعيدوا النظر في أنفسهم ككتاب و أصحاب فكر و رسالة أدبية و ثقافية.. فما من ضرر من إرسال مقالة نشرت، أي بعد نشرها إلى بعض العناوين، و أؤكد على كلمة (بعض) العناوين. بمعنى إلى بعض الأصدقاء المهتمين و المتابعين لمقالات الكاتب، حتى تحتفظ كتاباتهم بقيمتها الأدبية و الثقافية، و أن يستمتع القاريء بعملية البحث عنها، و يستمتع هو أيضاً عندما يراقب القاريء و هو يتابع بنفسه (أي القريء) كتاباته، بدلاً من إزعاجهم بها قبل النشر..
ايلاف