1+1 = 3
يوسف شيخو
حين تقدمي لإحدى المسابقات الخاصة بالدخول الى قطاع “الفساد” اقصد قطاع العموم، سئلت من لجنة الامتحان الشفوي عن المركز الذي آل إليه منتخبنا الوطني على المستوى الكوني، السائل من اعضاء لجنة المسابقة أدرك ارتباكي، ولانه هو ذاته لم يعرف الاجابة التي يسال عنها، حاول اسعافي بالقول: مرتبتنا بالرياضة هي نفسها في الفساد”…وضحك الى ان زاد الحد حده.
هنا بودي الاجابة عن سؤال المسابقة التي رسبت فيها بامتياز، فمرتبة سوريا في الرياضة هي 91 ضمن تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم، أما ترتيبنا في الفساد الذي بات جزء “لا يجوز” ويستحيل ان ينفصل عن خبزنا اليومي، فهو 126 من أصل 180 دولة، وفق تصنيف منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي لعام 2009 .
المقدمة الآنفة اقتبستها من قصة حكاها لي صديق “شفاف”، وكي لا نخلط الحابل بالنابل، يسرني الذهاب (زماناً ومكاناً) الى قائل”البيروسترويكا” لاسأله عن ماهية الشفافية.
الغلاسنوست (الشفافية) سياسة أطلقها ميخائيل غورباتشوف الأمين العام للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي العام 1985، ليراد منها تفعيل المصارحة والمكاشفة و والمقاربة بالفهم من دون تغطية وفبركة وإطناب.
وباعتباري من محبي ميكافيلي ومحترميه، سابتعد عن الشفافية ببعدها السياسي، لانطلق من نفسي مع “نفسي”، هل أنا شفاف مع ذاتي؟، هل أحترمها؟، هل هي راضية عما أقدم عليه؟، ورغم اعتقادي بإنه إن قلت “نعم” فهذه ليست شفافية، وإن قلت ” لا” ساعود الى لعبة اللاشفافية، يسعدني الحديث وان مروراً على جسر المصطلح اللاموجود في برنامجنا اليومي.
قالها أحدهم ، اتعرف ان شركة نيسان – لوجود عطل بسيط-، سحبت ثلاثمائة ألف سيارة من الاسواق، وتكبدت في سبيل ذلك خسائر طائلة “فقط” لتكسب ثقة المستهلك. ثم من أبلغكم ان الاصابة بانفلونزا الخنازير في الولايات المتحدة وصل الى مليون شخص، ألم تكن “اني شوتشات” مديرة المركز الوطني للمناعة والامراض التنفسية التابع لمركز مراقبة الامراض، والسؤال هنا ماذا قالت لنا وزارتنا؟، “لا توجد إصابات ونحن مسيطرون على الوضع”، ليبقى التصريح نفسه الى ان اكتشف المواطن مصيبتين، أما الاولى فهي في عدد الاصابات الذي تجاوز التصريحات، والثانية هي تمويه الوزارة ورمادية تصريحاتها، ما انعكس على تعميق “اللاثقة” الموجودة أساساً.
شركة مرتديلا “هنا” كانت كبش فداء شركات صنع المعلبات، فخبر واحد كان كفيل بازالة “أسم” استمر زهاء سنوات، خبر واحد عن الشركة أدار ظهور المستهلكين عنها ، دون ان تحرك ساكناً ” باستثناء بعض المحاولات الخجولة على اللوحات الطرقية، وهي تأمرالمستهلك” قلنا مضمونة يعني مضمونة”.
خبرعن أربع اساتذة يرتشون عن إحدى المقررات – بينهم أسم كبير- هز أوساط الحريصين على اللغة العربية، والقارئ بدوره ليس مستعداً ليستمع لمحاولات الاساتذة أولئك، وهم يدافعون عن أنفسهم، لغاية التبرئة.
في المحصلة، ما ذنب المواطن وهو لا يدرك ان الفيروس انتشر-آنذاك- ليحترز، وما ذنب شركة ” هنا” ان لم يكن الخبر دقيقاً، ثم ماذا عن الاساتذة ان كان أحدهم بريئاً.هنا قد نكون أمام ضحية وشائعة، شائعة عرفت طريقها عبر مناخ ملائم ، وضمن مجتمع متعطش للخبر الاصفر، دون إدراكه لحقائق الامور غالب الاحيان.
المثالب عديدة واشدها علة وضرر، يكمن في غياب الاعتراف بالخطأ، وكذا استبعاد استمالات التخويف عند الضرورة، ذلك في وقت لا تستطيع الحقائق المكوث في الصناديق المغلقة لدى إدارات الشركات العامة منها والخاصة، لتبلغ حين تسربها وخروجها من المغلقات ضعف تأثيرها لدى المتلقي.
حين استدعي أبو العلاقات العامة ” ايفي لي” الى احدى الشركات الامريكية الضخمة، طلبوا منه تحسين صورة مدير الشركة، الذي كان يُنظر اليه على انه بخيل ومتعجرف، رغم خلوه من هذه الصفات بل على العكس، فطلب منه “لي” إظهار صفاته الحقيقية للجمهور، وقال له” انت كريم فاظهر ذلك للجمهور، وانت متواضع فبين ذلك، عندها حاول صاحبنا (مستعيناً بنصائح لي) تبيان ما لديه من صفات ايجابية، ما ادى الى تغيًر نظرة الشارع الامريكي لهذا الرجل.
“لي” استُدعي الى الشركة ليظهر الصورة الحقيقية لشخص لم يحسن إظهارها، اما ” الليات” الموجودون لدينا فمهمتهم تنحصر في إظهار ما هو غير موجود، محاولين طمس الحقائق، والأغرب انهم مصرون على اتِباع ذلك رغم إدراكهم بان الجمهور غدا صحفياً غيرمدرسي.
وكي لا أطيل….
قلت لصديقي الراسب في امتحانه الشفوي..يا عزيزي، فاسد يسألك عن الفساد دون أن يدرك ترتيبنا في الفساد، وهو أحد المساهمين في تقدمنا ضمن قائمته..هل هناك فساد أكثر من هذا الفساد.
الفساد لا يتجاوز الاجابة عن سؤال 1+1 بـ 3 ؟
شاكو ماكو