صفحات سورية

المصالحة السورية اللبنانية أنجزت. المطلوب المصالحة مع الشعب..

null
منصور الأتاسي
تابعت فئات واسعة من شعبنا ونشرت الصحافة العربية والعالمية أخبار المصالحة بين الحكومتين السورية واللبنانية والتي توجت بزيارة الحريري رئيس الوزراء اللبناني إلى دمشق مؤخراً ، بعد صراع واتهامات وقطيعة استمرت حوالي أربع سنوات.
وتمت المصالحة بعد اعتراف غالبية أطراف الحكومة اللبنانية بسلاح المقاومة, المسألة التي كانت مجال جدل لبناني- لبناني واسع , وأحد عناصر التوتر مع سورية لاتهامها بتهريب السلاح إلى حزب الله , وبعد الاتفاق على ترسيم الحدود، وبعد الاتفاق السوري اللبناني ، الخ.. , ولم تستطع الاستنابات القضائية أن تؤثر أو تحد من نجاح المصالحة وتعكس هذه المصالحة أيضا الأجواء السائدة في العلاقات بين الحكومة السورية والعربية السعودية التي كانت تعتبر زعيمة دول “الاعتدال” , هذه الدول التي أجازت لإسرائيل حرب تموز التي شنتها على لبنان , ووافقت على العدوان الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة . وهي التي تساهم اليوم (مصر) في إحكام الحصار على الشعب الفلسطيني بغزة , وبدأت تبني سور فولاذي بالتنسيق الكامل مع إسرائيل وبتمويل من الولايات المتحدة الأميركية التي تصنع قطع الجدار لمنع وصول الغذاء والدواء والسلاح وقد يكون الهواء إلى القطاع , ومنعت مؤخراً دخول قافلة المساعدات (غزه 3) إلى القطاع إلا بعد موافقة إسرائيل , ثم اعتقلت بعض المشاركين, وأعلنت أن جورج غالاوي عضو مجلس العموم البريطاني غير مرغوب بوجوده في أراضيها.
وبكل الأحوال فإن المصالحة مع الحكومة اللبنانية , والتي تعكس تغير في مواقف العربية السعودية , قد تكون إحدى نتائج صمود المقاومة أو انعكاس للإرباك الأمريكي في المنطقة.
من جانبنا فقد كنا و ما نزال نرفع شعار التضامن العربي القائم والمبني على أسس واضحة , منها دعم المقاومات الرافضة للاحتلال , والتأكيد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من حق العوده إلى أرضه التي أخرج منها , وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس , وحقه في مقاومة الصهاينة, ودعم هذه المقاومة باعتبارها مقاومه مشروعة, وتحرير كامل الجولان.
وهكذا فإن المصالحة قد ساهمت بالإضافة لتطوير العلاقات الحسنة مع تركيا , وتجاوز محاولات التأزم المصطنعة مع الحكومة العراقية , بالإضافة لتحسين العلاقات مع السعودية, وما رافقه من تقارب مع أوروبا ، الخ… كل ذلك ساهم في إنهاء حالة الحصار على سورية .وهذه التبدلات أنهت الحجج التي كان يطلقها المتضررون من الانفراج الداخلي , والذين كانوا يعتبرون أن الأجواء المحيطة بسورية لا تسمح بالانفراج وتحقيق المصالحة مع الشعب . طبعا ، نحن وكل القوى الوطنية والمثقفين الوطنيين كنا نرفض هذه المقولة , ونؤكد دائما أن استمرار نجاح الموقف الوطني وتثبيته يتطلب تطوير الوحدة الوطنية التي تنطلق أساسا من تحقيق الانفراج الداخلي.
والجميع يعلم أن المقاومة استطاعت بفعل الانفراج النسبي , والديمقراطية المتاحة في لبنان وغزة ومناطق الحكم الذاتي الأخرى تحقيق العديد من الانجازات التي لم تستطع تحقيقها الجيوش العربية النظامية. وإذا كان تحرير الجولان لازال على رأس قائمة مهامنا فإن المطلوب الانطلاق نحو الحل الممكن والوحيد والمجرب وهو إطلاق المقاومة والتي لا يمكن أن تنجح إلا بإطلاق الحريات السياسية , أي أن جولاننا سيبقى محتلاً بدون إطلاق الحريات السياسية , ودعم المقاومة. وأيضاً فقد أثبتت السنوات الماضية أنه لا يمكن تحقيق أي إصلاح سياسي أو إداري, ولا يمكن محاربة الفساد ولا يمكن تأمين تطور اقتصادي متوازن دون إطلاق الحريات السياسية وتحقيق المصالحة مع الشعب. ومطلب المصالحة والانفراج وتعميق الوحدة الوطنية أصبح مطلباً وطنياً تطالب بتحقيقه كافة الأحزاب السياسية والفعاليات النقابية والفكرية والاقتصادية المتواجدة في الوطن بغض النظر عن موقعها في السلطة أو المعارضة , مما يؤكد على أهمية الإسراع في تنفيذ الانفراج السياسي, وضيق الفئة المتضررة من الانفراج والتي لم تعد تستطيع الاستمرار إلا بزيادة القمع وتضييق الحريات.
يتحدث ويكتب عددا من الأتباع والمستفيدين من قمع الحريات عن وجود الحريات ويستغربون المطالبة بها.
نحن نرى أن هناك مؤشرات توضح وتحدد مدى علاقة السلطة بالشعب منها وجود قانون طوارئ مفروض منذ عشرات السنوات , استمرار العمل بأحكام العرفية , تعليق العمل بالدستور, عدم وجود قانون للأحزاب ، الخ…
إطلاق الحريات السياسية تتطلب أولاً إلغاء العمل بقانون الأحكام العرفية وحصر وتحديد العمل بقانون الطوارئ بمناطق العمليات العسكرية , وبالكوارث الطبيعية , وإصدار قانون الأحزاب ،الخ… من الأمور المعروفه وبدون اعتماد سياسة تنسجم و وتنفيذ هذه المطالب وتقوننها فإن العلاقة مع الشعب وقواه السياسية ستبقى تحددها الأحكام الاستثنائية السارية.
إن المصالحة مع الشعب لها أشكالها الدستورية والقانونية وبدونها لا وجود لهذه المصالحة، وسيبقى الوضع على حاله زيادة في الفساد وزيادة في تعميق العلاقات ما قبل السياسية , وزيادة في التخلف والتأخر التاريخي. نحن نعرف أن القوى المتضررة من تحقيق الانفراج السياسي لازالت تتمتع بتأثير كبير داخل مراكز القرار , ولكننا متأكدين أن التطور التاريخي الحتمي لبلادنا هو الوصول لتحقيق الانفراج السياسي الذي يستحقه شعبنا بكل جدارة . وإنه بقدر ما نسرع في الوصول للانفراج بقدر ما نخفف من الآلام والكوارث والهزائم التي سيعاني منها شعبنا وننطلق نحو الأفاق الأرحب . طريق اليسار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى