المسألة الكرديةصفحات سورية

حركة كفاية الكردية

null
سامي يوسف
حين أسس مجموعة من المثقفين والسياسيين المصريين إضافة إلى عدد من الشخصيات العامة الحركة المصرية من أجل التغيير (حركة كفاية) في عام 2006 فأنهم ركزوا في بيانهم التأسيسي على مجموعة من النقاط الرئيسية الهامة وهي بأن الحركة ليست حزباً سياسياً مستقلاً وان ليس لديها برنامجا محددا للإصلاح وأن دورها ينحصر في هز الركود السياسي وانتزاع الحريات المدنية وإيصال صوت الأغلبية الصامتة التي رأت أنها رافضة للأوضاع التي آلت إليها الحياة السياسية والاجتماعية في مصر، وفضح رموز الفساد والمجاهرة بأن مصر لا بد وأن فيها من أبنائها من يصلح لتولي المناصب العامة وعلى أثرها لاقت هذه الحركة انتشارا وقبولا واسعا في مصر، حتى أنها أدت إلى ظهور حركة نوعية وفئوية جديدة مثل “شباب من أجل التغيير” و”طلاب من أجل التغيير” أثرت بشكل أو أخر في الحياة السياسية والاجتماعية في مصر.
في سوريا يبدو أن أحد أحزاب المعارضة الكردية قد قرر الاستفادة من التجربة المصرية ،ولكن بشكل أخر فبتاريخ 22\1\2010 نشرت العديد من المواقع الالكترونية الكردية على شبكة الانترنت بياناً منسوباً لمجموعة من الكوادر الحزبية في الهيئات والقواعد الحزبية لأحد أقدم الأحزاب السياسية الكردية في سوريا وهو الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي بزعامة حميد درويش والبيان يحمل عنوانا مثيرا وهو (نعم للإصلاح والشفافية… لاللتوريث والفساد) والعنوان والمطاليب في البيان المذكور جاءت مشابهة لدرجة كبيرة للعناوين والمطاليب التي تشنها حركة كفاية المصرية ضد تصرفات الرئيس المصري حسني مبارك ومحاولته لتوريث الحكم في مصر، لكنها في التفاصيل تختلف قليلا من حيث اختلاف الأشخاص والدول، فالحملة هنا (وبحسب البيان) موجهة ضد التصرفات العشائرية الخاطئة لسكرتير الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا السيد حميد درويش والذي يترأس الحزب منذ نصف قرن من الزمن و يشغل أيضا موقعاً قيادياً في إعلان دمشق للمعارضة الوطنية ،كما ركز البيان على إدانة الإلية القمعية التي يتعامل بها السكرتير مع أعضاء قيادته في الحزب ومحاولته تهيئة الظروف لتوريث الحكم لأخيه ، وملفات الفساد هنا أيضا ليست غائبة فأحد قيادي الحزب والمؤيد لمواقف المجموعة الإصلاحية (وهو السيد فيصل يوسف السياسي الكردي الجريء والمعروف بمواقفه المناصرة للديمقراطية وحقوق الإنسان لكنه مبعد حالياً من الحزب وبأمر ارتجالي من السكرتير نفسه) يركز على ضرورة فتح تحقيق شامل لمالية الحزب ومراجعة كل الأخطاء التي ارتكبها السكرتير خلال السنوات التي مضت تمهيدا لترسيخ مبادئ الديمقراطية والشفافية في مؤسسات الحزب وعند هذه النقطة بالذات وصلت الأمور إلى درجة لم يعتد عليها السكرتير من قبل فأصدر قراراته النهائية والقاضية بفصل كل أعضاء هذه المجموعة من الحزب وتهديد كل من يحاول التعاطف معهم ليحتدم بين الطرفين خلاف فكري وتنظيمي تاركاً الأبواب مفتوحة على كل الاحتمالات والتوقعات.
وبالرغم من أن الخلاف العلني الحاصل الآن في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي ليس بالجديد على صعيد الأحزاب السياسية الكردية لكنه يحمل الجديد في طياته من حيث تبني المجموعة الإصلاحية لمفاهيم الديمقراطية والإصلاح والتطوير الحزبي بدلاً عن حالة الانشقاقية التي اعتدنا عليها في مثل هذه الحالات ،ولعلني أتفق هنا مع رأي العديد من الكتاب والسياسيين السوريين على أن أحزاب المعارضة السورية عامة تعاني الكثير من المشاكل الداخلية والتنظيمية لدرجة إنها تشكل أحد العوامل الرئيسية للحد من نشاطها وفاعليتها في الوسط السياسي السوري ،لكن أن يتحول قادة هذه الأحزاب إلى طغاة في وجه مفكريها ومناضليها الشرفاء فهذا ما لم نألفه من قبل وهي سابقة خطيرة تحتاج إلى وقفة جدية من قبل كل أطياف المعارضة السورية أحزابا سياسية كانت أم مثقفين وشخصيات وطنية، ودراسة هذه الظاهرة السياسية الغريبة بموضوعية وحياد ووضع كل الآليات اللازمة لسبل مواجهتها والتصرف حيالها، وما فعله أعضاء هذه المجموعة الحزبية في سوريا خطوة جريئة تستحق التقدير لأنها قد تمهد لنشر أفكار جديدة بين أحزاب المعارضة السورية عامة ، مبنية على أسس العدالة ومبادئ الديمقراطية والشفافية ونقد الذات الحزبية والتي تفتقدها معظم أحزابنا المعارضة .

*كاتب كردي سوري
المصدر:سامي يوسف
المرصد السوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى