صفحات الشعر

قصيدتان لسيزار باييخو

null
ترجمة: ميسون بوعدي
سيزار أبراهام باييخو مندوزا، ولد في سانتياغو دي شوكو بالبيرو في السادس عشر من مارس 1892، وتوفي بباريس في الخامس عشر من أبريل سنة 1938، كتب الشعر والرواية والمسرح والمقالة الصحفية. يعتبر من أهم مجددي الشعر في القرن العشرين. وهو بحق شاعر الوجع الإنساني الذي غيرت أعماله الشعرية طبيعة الإبداع الشعري.
في هذه الترجمة نقدم قصيدتين من الأعمال الشعرية الكاملة لسيزار باييخو التي نشرتها دار alianza tres سنة 1995 بمدريد في طبعة تاسعة بعد الطبعة الأولى سنة 1982، والقصيدة الأولى جزء من ديوانه الأول ‘تباشير سوداء’ 1918، أما القصيدة الثانية فهي مقتبسة من ديوانه الأخير ‘إسبانيا، أبعدي عني هذه الكأس’ ‘الذي كتبه سنة 1937 قبيل وفاته.

غَــائِــبٌ

غَائِبٌ! فِي الصَّبَاحِ الَّذِي سَأَرْحَلُ فِيهِ
إِلَى مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنَ الْبُعْدِ، إِلَى الْغُمُوضِ،
كَأَنَّكَ تَتْبَعُ خَطًّا لا مَهْرَبَ لَكَ مِنْهُ،
سَتَزِلُّ بِكَ قَدَمَاكَ إِلَى الْمَقْبَرَةِ.

غَائِبٌ! فِي الصَّبَاحِ السَّاكِنِ فِي شَاطِئِ
بَحْرِ الظِّلِّ وَفِي الإِمْبرَاطُورِيَّةِ الصَّامِتَةِ،
كَطَائِرٍ جَنَائِزِيٍّ سَأَرْحَلُ،
وَسَيَكُونُ أَسْرُكَ مَقْبَرَةً بَيْضَاءَ.

سَيَكُونُ اللَّيْلُ قَدْ حَلَّ فِي نَظَرَاتِكَ؛
وَسَتَتَعَذَّبُ، حِينَهَا سَتَخْتَارُ
نَدَمَا مِنَ الْبَيَاضَاتِ الْمُمَزَّقَةِ.

غَائِبٌ! وَفِي أَوْجَاعِكَ الْخَاصَّةِ
يَجِبُ أَنْ يَمُّرَّ وَسَطَ ‘بُكَاءٍ ‘مِنْ نُحَاسٍ
ِسرْبُ كِلابٍ مِنْ عَذَابِ الضَّمِيرِ.

جُمُوعٌ غَفِيرَةٌ
فِي نِهَايَةِ الْمَعْرَكَةِ،
جَاءَ رَجُلٌ نَحْوَ الْمُحَارِبِ القَتِيلِ
وَقَالَ لَهُ:’لا تَمُتْ، أُحِبُّكَ كَثِيرًا’
لَكِنَّ الْجُثَّةَ آهٍ! وَاصَلَتْ مَوْتَهَا.
اقْتَرَبَ اثْنَانِ آخَرَانِ وَرَدَّدَا:
‘لا تَتْرُكْنَا! أَيُّهَا الشُّجَاع! عُدْ إِلَى الْحَيَاةِ!’
لَكِنَّ الْجُثَّةَ آهٍ! وَاصَلَتْ مَوْتَهَا.

قَدِمَ إِلَيْهِ عِشْرُونَ، مِئَةٌ، أَلْف، خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفٍ،
مُتَوَسِّلِينَ إِلَيْهِ ‘حُبٌّ هَائِلٌ وَلا نَسْتَطِيعُ شَيْئاً حُيَالَ
الْمَوْتِ!’
لَكِنَّ الْجُثَّةَ آهٍ! وَاصَلَتْ مَوْتَهَا.

أَحَاطَ بِهِ مَلايِينُ الأَشْخَاصِ،
بِرَجَاءٍ وَاحِدٍ:’ ابْقَ يَا أَخِي!’
لَكِنَّ الُجُثَّةَ آهٍ! وَاصَلَتْ مَوْتَهَا.

عِنْدَئِدٍ، جَمِيعُ رِجَالِ الأَرْضِ
أَحَاطُوا بِهَا؛ رَأتَْهُم الْجُثَّةُ الْحَزِينَةُ، مُتَأَثَّرَةً؛
اسْتَوَتْ بِبُطْءٍ، وَعَانَقَتِ الرَّجُلَ الأَوَّلَ؛ وَشَرَعَتْ فِي الْمَسِيرِ…
مترجمة من المغرب
القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى