اسرائيلالتفاوض السوري الإسرائيليصفحات العالم

جدل “سوري” في إسرائيل

رنده حيدر
أثارت التهديدات المتبادلة بين إسرائيل وسوريا الأسبوع الماضي اهتماماً كبيراً داخل إسرائيل، وأعادت من جديد الى واجهة الاهتمام موضوع المفاوضات السلمية المتوقفة بين البلدين منذ ذهاب حكومة إيهود أولمرت ومجيء بنيامين نتنياهو الى السلطة، وأحيت الجدل الداخلي والانقسام في الآراء بين المؤيدين للتسوية السلمية مع سوريا والرافضين لها.
المراقب لأداء حكومة نتنياهو لا بد أن يلاحظ الازدواجية في توجهات وزارة الخارجية الإسرائيلية التي تبدو أنها تدار من جانب شخصين هما: أفيغدور ليبرمان وإيهود باراك. فوزير الدفاع باراك بالاضافة الى مهماته الأصلية يقوم بالمهمات المطلوبة من وزير الخارجية، أو الأصح يحاول اصلاح الأضرار التي يتسبب بها أفيغدور ليبرمان. فلقد كان هو الذي تجنب الأزمة في العلاقة مع إدارة أوباما، واقترح التجميد الموقت للبناء في الضفة الغربية، الأمر الذي سمح للمبعوث الأميركي بالمضي بمساعيه لمعاودة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين؛ وهو الذي حاول تهدئة خواطر الأتراك بعد التصرف المهين لوزراة الخارجية الإسرائيلية مع السفير التركي في إسرائيل.
وربما الأهم من هذا كله ان باراك هو من أشد المتحمسين داخل الإئتلاف الحكومي لموضوع عودة المفاوضات مع سوريا تدعمه في ذلك هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي. وحتى  الأسبوع الماضي، كان باراك يمثل الجانب “العقلاني” في السياسة الخارجية الإسرائيلية، الى ان أتت تصريحاته التي حذر فيها من نشوب حرب شاملة مع سوريا في حال استمر توقف العملية السلمية، والتي سرعان ما تحولت كرة تصريحات ملتهبة ومتبادلة بين الخارجيتين السورية والإسرائيلية وصلت الى حد تهديد أفيغدور ليبرمان بأن أي حرب إسرائيلية ضد سوريا لن تؤدي فقط الى هزيمة عسكرية لسوريا وإنما الى “نهاية حكم عائلة الأسد”.
يحرص وزير الخارجية أفيغدرو ليبرمان منذ توليه منصبه على لعب دور” الشرير”، فهو من السياسيين الذي يعتبرون الدفاع عن “الكرامة الوطنية” أهم من المصالح الإستراتيجية مع تركيا، والتمسك بإيديولوجيا اليمين في موضوع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية أهم من المحافظة على التعاون الإستراتيجي مع الولايات المتحدة. لا يحب ليبرمان اللغة الديبلوماسية التي يستخدمها باراك، والأرجح انه ايضاً لا يطيق باراك الذي يقاسمه مهماته. هذه المرة يستطيع ليبرمان الادعاء بأن كلام باراك عن سوريا أضر بإسرائيل وأضعف قدرتها على الردع يشاركه في الرأي عدد من السياسيين والمعلقين الإسرائيليين. كما أن المؤيدين لباراك يعتبرون أن كلام ليبرمان عن عائلة الأسد، استفزازي وغير مجد.
في إسرائيل اليوم انقسام واضح في الرأي حول التفاوض مع سوريا. فالمؤيدون يعتبرون أن التسوية مع سوريا”ستغير وجه الشرق الأوسط”، وستخرج سوريا من محور الشر، وتضعف إيران و”حزب الله” و”حماس”. ولكن ثمن ذلك هو الإنسحاب من هضبة الجولان. أما الرافضون، وهم أحزاب اليمين اجمالاً، وبينهم حزب الليكود، فيعتقدون أن عودة المفاوضات غير المباشرة لن تغير شيئاً من تحالفات سوريا الإقليمية وستجعل إسرائيل تقدم تنازلات لسوريا من دون الحصول على مقابل لها.
بين هذين الموقفين المتضادين يحاول بنيامين نتنياهو أن يبلور موقفاً وسطياً مغايراً، ومحافظاً على قدر من الغموض بحيث يكون من الصعب معرفة موقفه الحقيقي. وهو منذ تسلمه السلطة يتحدث عن انفتاحه على السلام مع سوريا، ولكن من دون ان يقوم بخطوة واحدة في هذا الاتجاه. لكن كل المؤشرات تدل على أن موقفه من عودة المفاوضات مع سوريا لا يختلف كثيراً عن موقف ليبرمان ومعسكر اليمين الإسرائيلي. والسبب ببساطة رفض حكومة نتنياهو الحالية التي يسيطر عليها اليمين القومي المتشدد التفكير في انسحابات عسكرية  من هضبة الجولان.
اذا لا يمكن هذا اليمين الذي يرفض ازالة حاجز من الحواجز العسكرية التي تفصل بين مدن الضفة الغربية، ولا يفعل شيئاً لتفكيك البؤر الاستيطانية غير الشرعية  هناك، ويفعل كل ما في استطاعته للتحايل على قرار وقف البناء في مستوطنات الضفة الغربية، أن يُقدم على خطوة كبيرة مثل الانسحاب من الجولان.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى