صفحات سورية

نظام الاسد في ميزان اسرائيلي جديد

null
علي الامين
عندما هدد وزير الخارجية الاسرائيلية افيغدور ليبرمان قبل ايام بتغيير في حكم العائلة في سورية، كان في قوله هذا يتجاوز المألوف في الخطاب الاسرائيلي حيال النظام في سورية. فليبرمان، الذي عاد ولجمه رئيسه بنيامين نتنياهو، اراد ان يشير الى ان اسرائيل يمكن ان تغير قواعد لعبة الصراع مع سورية. هذا لأن الحكومة الاسرائيلية تدرك جيدا ان احد مصادر قوة النظام في سورية، تكمن في قدرته على جعل دوره حاجة اقليمية ودولية. حاجة اشار اليها كثر سواء من الاوروبيين او في الادارات الاميركية المتعاقبة، وخلاصتها ان اي بديل هو اخطر في حسابات هذه الدول مما هو قائم اليوم.
لذا كانت المواقف الاميركية والاوروبية راسخة منذ احتلال العراق في العام 2003 حتى اليوم ان المطلوب تغيير سلوك النظام في سورية وليس تغيير النظام نفسه. ومرد هذا الموقف، الذي لا تجافيه الدولة العبرية، ان سقوط نظام حزب البعث في سورية سيعني تسيّد التيارات الاصولية الاسلامية، او نظام الفوضى في احسن الاحوال.
وما يزيد من رسوخ النظام وقوته دوليا واقليميا ان اعتى خصومه عربيا، وفي خضم المواجهة مع المملكة العربية السعودية قبل سنوات، لم يظهر ما يشير الى اندفاع سعودى لتغيير النظام، لذلك يمكن فهم غياب اي محاولة عربية لتبني او دعم قوى تغييرية من داخله أو خارجه.
اذا هل كان ليبرمان يعبّر في موقفه عن تغيير في اسلوب المواجهة مع سورية؟ ام انه يوجه رسالة تحذير الى سورية حيال احتمال دخولها في حرب قد تبدأها اسرائيل ضد لبنان؟ او ترويجا للتغيير في سورية دوليا؟
موقف ليبرمان يلوّح بورقة ضغط اضافية على سورية، وورقة تهدف الى اعتبار ان ما قدمته دمشق من تعاون امني مع الدول الاوروبية والادارة الاميركية في ملفات الارهاب، والعراق بشكل خاص، غير كاف في الحساب الاسرائيلي، كما انه ينطوي على رسالة تقول ان اسرائيل يمكن ان تتحرك ضمن المحافظة على خصوصية النظام الحاكم في سورية بدعم التغيير من داخله، اذ يعتقد بعض الدبلوماسيين الغربيين بوجود صراع نفوذ داخل تركيبة النظام، تشكل ايران عنصرا اساسيا فيه.
كما يعتقد بعض المتخوفين، من استعدادات اسرائيل للحرب لبنانيا، ان اسرائيل تعمل على خلق مناخ دولي واقليمي يغطي عدوانها على لبنان، وتحاول من جهة ثانية تظهير اي مواجهة في لبنان او في غزة باعتبارها مواجهة مع اذرعة ايران في المنطقة.
اما المواقف التي يعلنها رئيس الحكومة سعد الحريري امام من يلتقيهم من رؤساء دول ومسؤولين وصولا الى جمهوره، ومفادها ان لبنان سيقف صفا واحدا لرد اي عدوان اسرائيلي عليه، وان كانت تلقى صدى ايجابيا لدى قيادة حزب الله، الا انها في المقابل لم تخترق قواعد واسعة لدى الجمهور. قواعد لا تزال تعتبر ان الحرب المقبلة، اذا حصلت، فهي ليست معركة اللبنانيين، بل حرب مصالح اسرائيلية – ايرانية.
الحرب المستبعدة إذا، في ادبيات حزب الله السياسية اليوم، هي قائمة وبوسائل قد تبدو اشد خطرا من الحروب السابقة. انها معركة تتسم بالعزل، ولعل ابرز وجوه هذا العزل يتمثل في تراجع القدرة على ايجاد شرخ في الجبهة الدولية التي تسعى اسرائيل الى تشكيلها حول خياراتها، وعجز الدبلوماسية اللبنانية وحزب الله عن التأسيس لشرخ فيها.
ربما، في الحسابات الإسرائيلية على الأقل، آن أوان تغيير في النظام في سورية، نظام الأسد على الأقلّ أيضا. أي تغيير “العائلة الحاكمة” وليس بالضرورة النظام السوري بشكل عام. “التغيير في سورية” عنصر جديد يقحمه الاسرائيليون في معادلة حربهم في لبنان.
البلد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى