صفحات الناس

لا تجوز الشماتة بضحايا هاييتي لأنه قد يكون بينهم مسلمون !!

null
ديمة ونوس
منذ أيام قليلة، كنا جالسين في بيت صديقة لنا. زلزال هاييتي كان من ضمن الأمور التي تمت مناقشتها. أحد الأصدقاء الحاضرين تحدث عن خطبة الجمعة التي استمع إليها عبر الأثير. شيخ وعلامة له شعبية كبيرة خصّص فقرة من خطبته لتسليط الضوء على الحدث الأبرز الذي شهده العالم خلال الأسبوعين الماضيين، أي زلزال هاييتي: «لا تجوز الشماتة بضحايا الزلزال لأنه قد يكون بينهم مسلمون».
قد لا تعكس الجملة هذه رأي جميع الشيوخ ورجال الدين، لكنها أصابتني بالمرارة والحزن. وفي اليوم التالي، رحت أبحث في الإنترنت عن كل ما يمت لهاييتي بصلة. أتنقل بين الجثث والأخبار والتصريحات والمعلومات المنغصة. ثمانون بالمئة من سكان هذا البلد يعيشون تحت خط الفقر ودخلهم اليومي لا يتجاوز
الدولارين أي ما يعادل تسعين ليرة سورية. على حين يعيش خمسة وأربعون بالمئة حالة فقر مدقع ومصروفهم اليومي أقل من دولار واحد. نسبة البطالة وصلت إلى خمسة وستين بالمئة. متوسط دخل الفرد السنوي هو ألف وثلاثمئة دولار أي ما يعادل ستين ألف ليرة سورية. والأنكى من ذلك أن الزلزال كان متوقعاً. وتفادي أضراره الجسيمة كان أمراً متاحاً في بلد آخر.
«اللـه أكبر، زلزال دمّر قصر الرئاسة في هاييتي، اللهم دمّر كل من يعادي دينك وبلاد المسلمين». هذا الدعاء ليس من تأليفي. قرأته في أحد المواقع الإلكترونية التي تعلن صراحة شماتتها بضحايا الزلزال لأنهم من الكفار والمشركين. وحسب الموقع، فإن الكفار هم «غير المسلمين».
أما القسّ الأميركي بات روبرتسون فتجاوز كل التوقعات وكل حدود الخيال. إذ اعتبر أن الزلزال الذي ضرب جزر هاييتي يوم الثاني عشر من الشهر الجاري والذي بلغت قوته 7.3 درجات على مقياس ريختر، ليس سوى «لعنة» أصابت البلاد نتيجة «تحالفها مع الشيطان». جاءت تصريحاته خلال برنامج تلفزيوني يتابعه ملايين الأميركيين. روبرتسون البروتستاني الذي يدين أغلب سكان هاييتي بالكاثوليكية، أضاف: إن الشيطان عرض على سكان الجزيرة التحالف معهم مقابل أن يحرّرهم من الفرنسيين في عام 1791.
أما خطبة الجمعة التي تحدث عنها صديقنا خلال السهرة والتي يستمع إليها الكثير من الناس فشبهت الزلزال بـ«ضوء السيارة الأحمر الذي يتألق، وتألقه ليس تزيينياً وإنما تحذيري»..
وهنا أتساءل: لماذا تعتبر تسونامي إندونيسيا من صنع الطبيعة والسيول في السعودية كذلك والهزات الأرضية في إيران أيضاً، على حين اعتبر زلزال هاييتي غضباً أنزله اللـه على سكان تلك الجزيرة؟
الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى