صفحات من مدونات سورية

عشر أحجار في مياه (التدوين السوري) الراكدة !

قذف الصديق ياسين حجرا في مياه التدوين الراكدة عندما تحدث عن رؤوس أقلام حول التدوين السوري ، معبرا فيها عن رأيه الشخصي حول بعض شؤون التدوين السوري ، مثيرا بعض النقاط المهمة في هذا الإطار .
ورغبة مني في إثراء هذا المحور ، حيث كانت هناك بعض الأفكار حول التدوين السوري تتجول على شواطئ تفكيري منذ فترة وها قد حانت الفرصة لكي تبحر نحو المرفأ .
سوف أتحدث حول نقاط عامة ومتعددة وأخص بها التدوين السوري دون غيره لأنه هو محور اهتمامي وقضيتي الأولى ومركز تفكيري في عالم التدوين .
أولا : لا شك أن التدوين السوري بدأ متأخرا عن بقية الدول العربية ، ورغم ذلك فقد أثبت نفسه بقوة من خلال بعض الأنشطة التدوينية والمجتمعات التدوينية المتميزة ، والتي ساهمت في انتشار التدوين وتوسيع رقعته . ورغم قلة عدد المدونات السورية بشكل عام إلا أن تأثير بعض المدونات السورية وبعض الأنشطة التدوينية السورية واضح وجلي في عالم التدوين العربي .
ثانيا : يمر التدوين السوري – شأنه شأن أي نشاط إلكتروني – بفتور عام ناتج عن أسباب عديدة منها :
1- ضعف النشاط التدويني لكثير من المدونات لأسباب مرتبطة بالحياة والعمل والدراسة
2- قلة الأنشطة التدوينية الجماعية (الحملات التدوينية) والتي تعطي نوعا من النشاط والحراك في التدوين
3- كثرة الخطوط الحمراء التي يضعها المدون السوري لنفسه حين يمارس هواية التدوين ! وهذا نتاج عهد الظلم والاستبداد والدكتاتورية الذي يجثم فوق صدر هذا الشعب منذ أكثر من 40 عاما ! ولذلك يعيش المدون السوري – وخاصة داخل سورية – حالة من الخوف والفزع من أي تدوينة أو كتابة يخطها .. لأن النظام قام بعمليات قمع وإرهاب وسجن لبعض المدونين أراد منها تخويف الجميع وإسكات الأقلام التدوينية .. وهذا ما حصل !
4- عدم الجرأة في فتح ملفات حساسة خلال ممارسة التدوين .. وهذا الأمر أيضا ناتج عن حالة القمع والكبت الذي يعيشه المواطن السوري لسنوات طويلة أفقدته حاسة حرية التعبير ، فبات يسكنه الخوف والقلق والفزع من أي كلمة يتفوه بها ! وهذا المرض يعالجه الزمن وانقشاع غيمة الاستبداد وممارسة الجرأة في التعبير والطرح بشكل مستمر .
5- ضعف الحوار بين المدونين أنفسهم .. فكل يغني على ليلاه ! فالعلماني يطرح – غالبا – قضايا من منظور علماني ، والإسلامي يطرح – غالبا – قضايا من منظور إسلامي .. والبقية مواضع تقنية وادبية متنوعة لا يحدث فيها أي حوار أو مطارحات نقاشية .
وهذا يعني أن قضايا الوطن المشتركة بين الجميع تغيب عن ساحة التدوين والحوار بين المدونين ، وهذا يضعف الساحة التدوينية بشكل أساسي ، لأن التدوين رغم تركيزه على تدوين الأفكار الذاتية مهما كان شكلها ولونها .. لكنه ساحة للحوار وتبادل الآراء التي تثري العقل الفردي والجماعي .
6- عدم التعامل مع التدوين أنه (رسالة) وأداة مفيدة ومساعدة في عملية التغيير ! فأكثر المدونين يتعامل مع التدوين على أنه تسلية وتفريغ بعض الهموم والخواطر .. وهذا فعلا أصل التدوين .. ولكن مع التطور الثقافي والفكري والتقني للنظريات الاجتماعية والسياسية .. أصبح التدوين عاملا مهما من عوامل التغيير .. أو أقل ما يقال فيه أنه حلقة مهمة مساعدة من حلقات التغيير على الواقع .. والأمثلة كثيرة على هذا الأمر .
إننا لا نحمل التدوين أكثر مما يحتمل عندما نجعله (رسالة) وهم حقيقي نتعامل معه أنه أداة مساعدة لنا في تغيير أنفسنا وواقعنا ! كما ساعدة الشبكات الاجتماعية في بعض التغيير النفسي والثقافي والاجتماعي .. فالتدوين له نفس الدور إن لم يكن أكثر !
ثالثا : حقيقة لا أعترف بوجود (تدوين أنثوي أو نسائي) فالتدوين اداة مشتركة بين الجميع ويمكن للجميع معالجة وطرح جميع القضايا بغض النظر عن ذكوريتها أو أنثويتها ! بل قد تكون هناك مدونات يطرحن تدوينات لا يقدر عليها بعض المدونين الذكور !
لكن الذي يجب أن نعترف به أن هناك غيابا للتدوينات التي تعالج مواضيع المرأة والأنثى بشكل عام ! وهي غائبة عن المدونين والمدونات في نفس الوقت ، نحتاج إلى فتح ملفات المرأة من كلا الطرفين ومن مناظير فكرية وثقافية واجتماعية .
وانا عندما أتصفح مدونة ما .. فأنا أنظر واهتم بالمحتوى بغض النظر عن جنس صاحبها .. لأن الفكرة هي الفيصل في الموضوع !
رابعا : انشغال الكثير من المدونين بالتفاعل مع الشبكات الاجتماعية الأخرى مثل الفيس بوك وتويتر وغير ذلك ، وهذا الانشغال مهما كان حجمه فهو يلهي بعض الشيء عن التدوين ، فلا بد من التوازن في التعامل مع هذه الأدوات والتركيز على الأهم فالمهم .
خامسا : تتركز اغلب المدونات السورية في مجالي التقنية والأدب ، مما أفقد بقية المجالات الاهتمام والمتابعة والتوسع ، فأكثر المدونات السورية متخصصة إما في التقنية أو الأدب او الخواطر العامة ، وبقية المجالات من سياسية وفكرية واجتماعية تكاد تكون غائبة عن ساحة التدوين السوري إلا بعض المدونات المتناثرة هنا وهناك .
سادسا : ربما كان الانتشار في بداية التدوين السوري للمدونات باللغة الانجليزية بسبب عوامل متعددة كون أكثر المدونين مغتربين ، ولكن تغيرت الأمور بعد ذلك وأصبحت الغلبة للمدونات باللغة العربية ، كما أنه من النادر أن تجد مدونة سورية باللغة الانجليزية تهتم بالشأن السوري الداخلي أو الخارجي ، فأكثرها مدونات عامة أو متخصصة دون الخوض في الواقع السوري الذي من المفروض أن تنتسب له .
لكن مع ذلك عامل اللغة ليس مهما عندي لأن البقاء للأفضل ، وما دامت المدونة تخدم قضية التدوين السوري فهي مهمة بغض النظر عن لغتها .
سابعا : أزعم أن المدونين السوريين لم يخوضوا تجربة حوار حقيقية حول ملفات حساسة تهم الوطن وقضاياه .. إلا تجربة سابقة يتيمة هنا على صفحات المرفأ حين تم الحوار حول واقع ومستقبل المعارضة السورية ! ولذلك من الصعب الحكم الآن على مدى رقي الحوار بين المدونات السورية وهل سوف تكون هناك حفلات اتجاه معاكس بينهم أم لا !؟
لذلك لا بد من خوض غمار هذه التجربة حتى لو كانت النتائج سيئة فلا من التجربة حتى نتعرف على مكامن الخلل ونصححها .
ثامنا : من يتابع المدونات السورية يكتشف أن هناك شبه تكتلات (غير مقصودة) للمدونين ! بمعنى أن المدونين أصحاب الاتجاه العلماني يعلقون على تدوينات بعضهم البعض .. والمدونين أصحاب الاتجاه الإسلامي كذلك نفس الشيء .. ومن لا يحب أحد الطرفين لا يعلق عليهما !
وهذا ناتج إما عن خوف من الحوار أو كره للطرف الآخر وعدم تقبل رأيه .. برأيي لا بد من كسر هذا الجدار وتبادل الزيارات مهما كانت الخلفية الفكرية للطرف الآخر . فهذا يعطي بعدا إيجابيا للحوار وسماع الرأي الآخر .
تاسعا : مازالت المعارضة السورية غائبة عن المجتمع التدويني تماما ، ما عدا بعض المدونات المتناثرة هنا وهناك والتي تعمل بدون خطة ومنهج ، وذلك فإن تأثير المعارضة ضمن هذا المجال ضعيف جدا ، مع أن المدونات وسيلة مهمة لإيصال الصوت والفكرة للمجتمع السوري .
عاشرا : يبقى التدوين وسيلة تقنية مهمة في التعبير عما يجول في أذهاننا من خواطر وأفكار ، لا يحتاج الأمر إلى تعريف .. دعوا أقلامكم تسير على صفحات المدونة .. وهذا هو تعريف التدوين . كل ما في الأمر أن هناك من يستطيع استغلال التدوين وتسخيره لأفكاره وأهدافه .. وهناك من يتعامل معه أنه وسيلة تسلية .. وهناك من يراه تفريغ لهمومه وخواطره .. وكل يراه بعين طبعه !
أخيرا .. أتمنى كل من لديه معلومات أو تقارير أو نقاط وأفكار حول التدوين السوري أن يزودني بها .. لأنني أعمل على دراسة حول التدوين السوري ومستقبله .

http://www.almarfaa.net/?p=798

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى