إعلام حافة (الخازوق) بين الوزير بلال و منتظر الزيدي ويعرب العيسى
سامي يوسف رجب
غصة جديدة تنقلنا الى مساحات من التصحر والخواء والبؤس والقمع في مجال الحريات. كارثة وطنية بكل ماتحمله الكلمة من معنى اذا كان ما أوردته كلنا شركاء حول أن وزير الإعلام محسن بلال و في عشاء ضم مجموعة من الصحفييين والإعلاميين السوريين هدد رئيس تحرير صحيفة الخبر يعرب العيسى بالسجن متهما إياه بخيانة بلاده فقط لأنه يكتب بجرأة ويتحدث عن الفساد الذي يعشعش في مفاصل الإدارة السورية وفي كل التفاصيل تقريبا.
لم أصدق ان وزيرا برتبة طبيب ينحدر الى مستوى التهديد و(البلطجة) وامام الناس وعلى الملأ من السادة (أصحاب الأقلام ) المكسورة للأسف والتي ارتضت أن تكون تحت البسطار تسبح بحمده وتشكره على النعم التي يسبغها إعلانات وامتيازات ورواتب وغير ذلك من الميزات التي تفتقت عنها عبقرية الإدارة الإعلامية السورية التي حولت الإعلام السوري بغالبيته الى إعلام مرتزق مأجور ببغائي لاقيمة فيه للفكر ولا للإبداع. فقط هناك التأليه والتأليه فقط لسياسات أقل مايقال فيها أنها خاطئة في جوانب كثيرة منها ولاسيما تلك السياسات الداخلية التي حولت سوريا الى غيتو لملايين المواطنين المجبرين على وضع شريط لاصق معنوي على افواههم التي لم تعد تستخدم إلا للأكل وهي بهذه الوظيفة أصبحت مشابهة لدبر البشر تقريبا لان مايفرق الدبر عن الفم هو اللسان الذي يتكلم به الإنسان والذي فقد هذه الوظيفة في بلادنا المنكوبة بوزير مثل الوزير بلال .
كنت شخصيا من الذين شعروا بالغيظ الشديد وأنا أرى وزيرنا الهمام بلال يتأبط ذراع الصحفي العراقي منتظر الزيدي بعد خروجه من السجن لرشقة بالحذاء رئيس اكبر دولة في العالم على الهواء مباشرة وكم كانت غصة في قلبي وعقلي وكل ما تبقى من بدني المنهك أن أرى ذلك الإستغلال الرخيص لقضية الزيدي للترويج لصورة الإعلام السوري الكئيب والمنكوب ؟.
كنت اود من منتظر الزيدي ان يسأل وزير إعلامنا الذي لايعرف من الإعلام أولياته وأبجدياته عن السبب الذي يدفع به الى الاحتفاء بصحفي عراقي مغمور لسبب وحيد وهو انه قذف بوش بالحذاء اوليس لوزير إعلام سوريا وظيفة اخرى غير تشجيع ثقافة الصحافة (الحذائية ) اوليس من واجباته ان يحصن الإعلام السوري لنقتنع نحن معشر السوريين المحشورين في كل شيء بأن (بلدنا بلد صمود وتصدي وحرية ) وليس بلد هزيل يسخر منه الناس عندما يتم الحديث عن حرية التعبير والصحافة التي هي في افضل الأحوال تحت حذاء الوزير بلال والمعجبين به .
أليس من المخزي ان يبقى منتظر الزيدي في السجن بضعة اشهر بسبب موقعة الحذاء المشهورة التي تكاد في عقولنا نحن العرب المضحكين السخفاء تضاهي موقعة ذات الصواري بينما يزج بالصحفيين السوريين في غيابات السجون على الشبهة وعلى موضوعات لم تنشر او نشرت ولم تعجب السلطات وان يحكم شيخ بالسجن لمجرد ظهوره في قناة تلفزيونية تصنف أساسا على انها تحابي سوريا وحلفائها (المقاومين الإسلاميين الشيعة والسنة ).
هل من المصادفات أن تمتنع معظم وسائل الإعلام السورية الرسمية وغير الرسمية عن ايراد عبارات التهديد التي تفوه بها وزير خارجية إسرائيل أفيغدور ليبرمان ضد سوريا والرئيس بشار الأسد شخصيا رغم ان كل وسائل الإعلام في العالم اسهبت في تفسيرها والإضاءة عليها وطبعا السبب معروف لأن إعلامنا مخصي غير قادر على التحرك لأنه دوما على حافة الخازوق وهذه براءة اختراع تسجل للوزير الطبيب الغضنفر الذي لم يجد وسيلة لإقناع صحفي سوى بتهديده بالسجن .
كنا نتمنى ان يخرج صوت عاقل واحد يرد على ليبرمان بلهجة تطمئننا نحن معشر السوريين كنا نقبل بالوزير بلال لو انه يجيد ابجدية الكلام وابجدية السياسة التي تطمئن المواطن وكنا نرضى برئيس الوزراء لولا ان كلامه جاء أقل مايقال فيه (أنه جاء يكحلها فعماها ) وحتى وزير دفاعنا عندما كان في حفل بإحدى السفارات لم يعرف بماذا يتحدث فكان ان قال ان افضل رد على شخص مثل ليبرمان هو عدم الرد… واعتقد ان وزير الدفاع محق تماما في عدم رده فبماذا يجيب اذا كانت كل إدارات الدولة السورية عاجزة عن الاستجابة للتحدي الذي طرحه شخص متطرف مثل ليبرمان لايتحدث باسمه فقط ولكنه يتحدث باسم كيان يحتل اراضي سورية منذ عشرات السنين. علما ان وزير الدفاع في بلدنا يخضع للمستوى السياسي في كل شيء ولايمكنه التصريح دون الرجوع الى هذا المستوى الذي غالبا مايكون في الرئاسة أو وزارة الخارجية وبدرجة اقل وزارة الإعلام.
بالمناسبة هل يطلع الوزير بلال على الإعلام الإسرائيلي او على الأقل الترجمات التي لاتبخل جميع الصحف العربية في نشرها بشكل شبه يومي وهل يلاحظ مدى الحرية التي يتمتع بها الصحافيون الإسرائيليون وهل يتابع التلفزيون الإسرائيلي ؟! بالتأكيد لايتابع واذا تابع لايملك القدرة على الإرتقاء الى مستوى التحدي الذي يجعله يفكر بطرح خطة للتوازن الإعلامي مع اسرائيل وهو التوازن الذي يتطلب شرط موضوعي اساسي وأول وهو الحرية التي يبدو أن الوزير بلال لايعرف عنها شيئا او لايريد أن يعرف وبناء عليه ليسمح لنا الوزير بلال بالضحك حتى البكاء وبانتظار ان يحظى بالتوفيق برد مناسب على ليبرمان ننصحه بمتابعة (مناغشاته )مع مذيعات وجميلات التلفزيون وغير التلفزيون ونأمل ان يتم في الوزارة المقبل تأسيس وزارة جديدة باسم وزارة السجون تسند الى الوزير بلال فهي تليق به اكثر من وزارة الإعلام .
كلنا شركاء