صفحات الشعر

قصائد للسلام، ضد حرب العراق وحدها الأذرع تجذّف.. وحدها الأذرع

null
ترجمة وتقديم فوزي محيدلي
أيهما أعلى صوتاً طبول الحرب الثاقبة للآذان أم القصيدة المفاجئة، بل المدهشة للوعي؟ لا أحد يختلف بشأن عبثية الحرب التي شنّت منذ عام 2003 على بلاد الرافدين، العراق.
ذات يوم كل ما أرادته لورا بوش هو إجراء قراءات شعرية في البيت الأبيض. وقد قررت في 12 شباط 2003 إقامة ما يشبه الندوة عن “الشعر والصوت الأميركي” حيث دعت العديد من أهم شعراء أميركا لزيارة البيت الأبيض، لقراءة الشعر، ومناقشة أعمال ثلاثة من الشعراء الأكثر تأثيراً: إميلي ديكنسون، وولت ويتمان ولانغستون هيوز.
الرد لم يكن كما توقعت السيدة الأولى. البعض مثل أميرة الشعراء السابقة ريتادوف والشاعر ستانلي كانيتز صمما على عدم الحضور كاحتجاج صامت على تنامي الحرب ضد العراق. أما آخرون من مثل مؤسس دار “كابر كانيون” سام هاميل، فقد قرروا انتهاز الفرصة لإصدار بيان سياسي مباشر ضد الحرب. كتب هاميل: “أعتقد أن الرد الوحيد الصحيح والمنطقي على فكرة مفلسة أخلاقياً هو إعادة إحياء حركة “شعراء ضد الحرب” التي نُظِمت لإعلان الصوت ضد حرب فيتنام”.
وكان رد السيدة بوش بإلغاء فكرة الندوة وإصدار بيان عن طريق مكتبها يقول: “فيما تحترم السيدة بوش حق كل الأميركيين في التعبير عن آرائهم، لها هي أيضاً آراؤها، وتعتقد أنه من غير الملائم تحويل حدث أدبي الى منبر سياسي”. من جهته قال شاعر مشهور في ورسيستر هو طوني براون “أتساءل إذا كانت بوش قد قرأت أياً من أعمال هؤلاء الشعراء”. يشير براون الى أن ويتمان كتب انتقادات لاذعة لوحشية الحرب الأهلية، وكتب هيوز بحرقة عن معنى أن يكون المرء أسود في القسم الأول من القرن العشرين. (من جهتها أظهرت ديكنسون ضمن حدود معينة كرهاً للسياسة).
وقد أدى إلغاء الندوة الى إطلاق شرارة تنظيم قراءات شعرية سريعة في طول البلاد وعرضها على أن تقام في اليوم نفسه أو التاريخ الذي اختير من قبل بوش (12 شباط) للندوة. وقد صرّحت فرانسين داليسندرو، التي نظمت قراءات ضد الحرب في ورسيستر: “إنه لأمر محبط معرفة أن البيت الأبيض يعطي أذناً صماء لأولئك المعارضين للحرب على العراق. كان على لورا بوش ومستشاريها أن يدركوا أن مناقشة أعمال الشعراء الثلاثة (ديكنسون، هيوز، ويتمان) ستحرك مسائل ضد الحرب، ثمة أناس متشوقون ليُسمع صوتهم المناهض لكل أنواع العدوان. العديد من الناس هم بكل بساطة ضد هذه السياسة للبيت الأبيض فيما يتعلق بالعراق. ولا شك أن بعض الأشخاص يتوقون للتأكيد على حقهم بحرية التعبير من خلال الشعر”.
فيما يلي مجموعة من القصائد المناهضة للحرب ضد العراق والتي يبدو أن ثمة من استمع إليها.
بالمناسبة يمكن القول إن قصيدة آن ماكنوتن “باكراً في الأول من كانون الثاني” شكلت بذرة لمجموعة من القصائد التي ستلي، والتي عملت على تجميع أصوات الشعراء في كورس كبير من أجل السلام.
[باكراً في الأول من كانون الثاني
أصافح يد
وزير الدفاع
عند طرف طريق سباق لإحدى قرى الهنود الحمر
قائلاً له، سنة سعيدة،
تردد وجيز منه، وجه تلفزيوني ساحر
من ثم تنفتح يد داخل قفاز نفيس
عام سعيد يقول، ثم يبتسم
القمة الثلجية فوق حيطان الطين تنكشف فجأة
بواسطة الشمس الجديدة
التي تغلق غيم العاصفة

من تلك البقعة حيث تُغنى رقصة السلحفاة
لا يزهر رأس الموت عند رؤوس الأشجار
فوق السنابل الحمراء لريش الببغاء الأميركي
فوق دعسات الكاتشينا غير المقنع
فوق الخشخشات
فوق شجرة البيسية
فوق تقافز أذناب الثعالب
وريش الطيور على وبرها
فوق الرجال الوسيمين الذين يطلقون الحناجر مغنين

ألا ليت السلام يحل علينا
عام سعيد
(آن ماكنوتن)
[قصيدة ضد الحرب
قرب صف من فراغات القذائف ثمة أشجار دردار
زرعت كرمى لعيون أبطال حرب منسية.
تخلق الأشجار ظلالاً كثيفة.
شيء بديع، لا ينمو العشب هنا.
درب ضيق تطرقه أقدام المتريّضين
الذين يمرون غير مبالين أبداً ببلاطات
الشواهد المليئة بالأسماء.
قد يقول صبي أن هذا المكان مسكون.
بيد أني لا أشعر سوى بأسى حزن المكان.
حزنه على الشبان الذين قاتلوا وقضوا
غير مدركين معنى أن يحيا الإنسان.
أتمشى هنا كل يوم.
أستعجل الخطى عند قلب المكان الداكن.
(كارين كاربويتش)
[سلام التحول
يستيقظ ذات صباح
يدرك أن الله حباه
هبة السلام
ويفهم أن الأمر يتطلب أكثر من الشجاعة
للنظر في عين جندي،
وأن يضع زهرة في ماسورة
بندقيته
من أن يطلق النار عليه.
(لاري جاف)
[قالت
لدينا مفهومنا الخاص حول
من نكون. كان عليّ إخماد إبر القلق.
إبتسمتُ، وبطريقة ما حضّرت الكلمات:

نعيش فوق عين إله.

تتحرك العين باضطراب ضمن مسار رؤيتها
ووحدها المحيطات تتدبر إزاحة الدمع عن سطح العين.

المدن الغرانيتية، عنيفة ومفاخرة،
ما هي إلا حبيبات غبار. هي تطفو
لكنها صغيرة جداً لكي تُلمس.

إذا صدف ذات يوم وغدت حبات الغبار كبيرة جداً،
ترف عندها عين الإله.
(بوب جوود فيرانت)
[ آلت إلى
تحوّلت الحرب الآن
الى قنابل ذكية، قتل نظيف
وكل أنواع التركيبات الأخرى الغبية،
أو هل نقول
آلت الى
الابتعاد عن بكاء الأبرياء
وصراخ
أرض اقتيدت صوب اليباب.
ربما امتلك الجواب
السكان الأميركيون الأصليون
حين أرسلوا زعماءهم
الى المعركة
يالسهولة الجلوس
ومراقبة الإحصائيات تتدحرج
كما أسهم البورصة

وأطلقنا عليهم رغم ذلك نعت المتوحشين.
(إليزابيت فاريل)
[الناس
أدفع الضرائب، عن مدخولي، مبيعاتي وملكيتي.
أنا مغتبطة بخصوص تركتي
كما هم راكبو الموج الشتامون الغيارى على رياضتهم،
واثقة بالمحيط، أعتبر حرياتي المكتسبة أمراً مفروغاً منه.

أنا الشخص البوتقة، وعاء الانصهار،
أتحدر من ضلع قالعي البطاطا،
عمال المناجم، العمال غير المهرة، الغجر واليهود.
الكلمة لا تبارحني. إني مشوشة الفكر.
(ستازيا ماكفارين)

الكلمة الفظيعة التي تبدأ بحرف “ح” حين ترد في الأخبار
تلوح مثل “الخيالة الأربعة”
التذكر قابع داخل حامضي النووي.
أنا أميركية. إني مرتبكة، مشوشة الفكر.
(ستازيا ماكفادين)
[أحلم بالحرب
أحلم بالحرب. أحلم بشعراء يبقون شعراء
حتى على ضفة نهر خلال الحرب. ليس أمامهم هناك كتب، ولا جوائز،

يقومون بتوضيب الطعام في صناديق: حبوب قمح، ذرة، رز
فاكهة مجففة، خبز، فاصوليا، كل ذلك داخل كيس بلاستيكي،

لأن عليهم التجذيف عبر النهر للتجمع سوياً، عليهم
ترك أسوارهم الحجرية الثلاثية الجدران مفتوحة على اليابسة

بعيدة عن الماء، مفتوحة على السماء. هم بلا أحلام
في الحلم بل ساهرون للتجذيف يومياً. حين ينحنون

لملء صناديقهم أو كنس الأرض الجرداء تختفي تعابير وجوههم،
ووحدها الأيدي والأذرع هي ما يجذف، وحدها الأيدي

تفتح الراحات صوب الأعلى لقراءة الهواء. إذا كنت واحداً
منهم وبقيت في الخلف، ينكشف لك النهر البني العريض

وكذلك يظهر أخيراً وجه ما عبر النهر، أصغر من أن يكون
حتى لطفل، ويمر وقت قبل سماعك

صوت أيد غير ملطخة بالدم، وتصفيق يطلق الأغنية.
(جيمس سرفانتس)
[صلاة للسلام
لا أرى منفعة الآن من الأحلام.
أو من أن أقسم أن الشمس قد تسطع غداً.
لمن نوجه الشكر لإرسالها أشعتها؟
من ذا الذي يملأ الآن القمر بالأسى؟

لا يمكنني الرؤية فيما وراء قربان
ذاك اليوم، رعب أحلامنا.
الحيوات التي اعتقدنا أننا لن نخسرها
فقدت للأبد… في سماء شديدة الزرقة.

نهر الرعب يفيض الآن
تجنيد نوح للمخلوقات نُقِض تقريباً.
رياح الله الباردة التغييرية هبّت الآن.
ما الدرس القديم الذي سيعيد المولى تعليمه من جديد؟

لا تسألني، إذن، عن الأحلام والخطط.
هي غير مهمة، بطريقة ما.
وإضافة الى حلول السلام، في بلدان أخرى،
صلي لوضع حد لكل الحروب الآن.
(ريتشارد بارلي)
المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى