صفحات الشعر

تشرنوفيتس 1920- باريس 1970

null
باول تسيلان
ترجمة: عبدالرحمن عفيف

الحياة التامّة

شموس نصف النّوم زرقاء مثل شعركِ
ساعة قبل الصّباح.
أيضا هي تنمو بسرعة مثل العشب على قبر
طائر.
هي أيضا يدعوها اللعب الذي لعبنا كحلم على
سفن الشهوة.
عند صخور كلس الزّمن تلتقي هي أيضا بالخناجر.

شموس النّوم العميق هي أكثر زرقة: هكذا كانت طرّة شعرك
فقط لمرّة واحدة:
أمضيت وقتي كريح ليلة في الحضن القابل للشراء
لأختكِ؛
تدلّى شعرك من الشّجرة فوقنا، لكنّك لم تكوني هنا.
كنّا نحن العالم، وكنت أنتِ عشبة أمام
البوابات.

شموس الموت بيضاء كشعر طفلنا:
صعد من الطوفان، حينما نصبتِ خيمة على الكثيب.
أشهر علينا سكّين السّعادة بأعين
منطفئة.

ضوء الشّحم

الرهبان بأصابع مشعرة فتحوا دفّتي الكتاب:
إنّه سبتمبر.
الآن يرمي ‘جاسون’ بالثّلج على البذرة التي تفتّحت.
قلادة من الأيدي أعطتكِ الغابة، تسيرين هكذا
ميّتة على الحبل.
أزرق داكن يصير من نصيب شعرك، وأنا أتحدّث
عن الحبّ.
أتحدّث أصدافا وغيوما خفيفة، وقارب يتبرعم
في المطر.
مهر صغير يركض على الأصابع المورقة-
أسودَ ينفتح الباب، وأنا أغنّي:
كيف عشنا هنا؟

بلا فائدة

بلا فائدة ترسم قلوبا على النّافذة:
دوقُ الهدوء
يجنّد العساكر في باحة القلعة.
يغرز بيرقه في الشّجرة- ورقة، تزرقّ له، حينما
يحلّ الخريف؛
أوراق عشب الكآبة يوزّعها في الجيش وأزهار
الزّمن؛
بأطيار في شعره يمضي ليغرق السّيوف.

ترسم بلا فائدة قلوبا على النّافذة: إله يقيم
بين الطوابير،
مغطّى بالمعطف الذي ذات مرّة انزلق من على منكبك
فوق الدّرج، أثناء الّليل،
مرّة، حين كانت القلعة غارقة في اللّهب، حين تكلّمتَ
مثل البشر: يا حبيبتيô
إنّه لا يعرف المعطف ولم ينادِ النّجم ويتبع
الورقة تلك، وهي تتطاير إلى الأمام منه.
‘ أوّاه يا ورق العشب’ يظنّ أنّه يسمع، ‘ أوّاه يا زهرة الزّمن’.

الوصمة

لم ننم بعد، لأنّنا كنّا في جهاز ساعة
الكآبة
وطوينا العقارب مثل قضبان
وهي تسارعت إلى الوراء وساطت الزمن
حتّى الدّم،
وأنتِ تحدّثتِ متنامية الغسق،
واثنتي عشرة مرّة قلتُ ‘أنتِ’ لليلة كلماتكِ،
وهي فتحت نفسها وبقيت مفتوحة،
ووضعتُ عينا في حجرها وضفرت لكِ الأخرى
في شعرك
وتمايل بين الاثنتين الفتيل، الشريان
المفتوح-
وبرق فتيّ سبح نحو الدّاخل.

أنا

إنّني وحيد، أضع وردة الرّماد
في الكأس المليئة باسوداد ناضج. أيّها الفم الأخت،
إنّك تتكلّم مفردة تستمرّ في العيش أمام النّوافذ،
وتتسلّق بلا نأمة، ما حلمته، عليّ إلى الأعلى.

أقف في باقة من ساعات يبست
وأوفّر صمغ شجر لعصفور متأخّر:
إنّه يحمل ندفة الثّلج على ريشة في أحمر الحياة؛
حُبيبة الجليد في منقاره، يأتي خلال الصّيف.
القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى