باقة من الورود البيضاء لفداء حوراني ولكل المناضلات في سورية والعالم
فلورنس غزلان
رسمتِ ورود المحبة فوق أشجار الياسمين والفل حول النواعير، غرفتِ من ماء العاصي رشفة لتشكلي منها دوائر تحمل أسماء الحرية، وكتبتِ فوق أغصان الحَور ذاكرة حماة وقصائد العذاب ، رافقتِ فِتيةً عاهدوا على النهوض من أزقة الفقر والشقاء لاكتشاف بهجة الحرية ومعاني المُواطنة، سِرتُم معاً في وعورة الصخور وعبر انهيارات زرعتها الفتنة وصورتها كوابيس لتبعدكم عن طريق الحلم..سطرتم كتاباً يُعلن مبدءاً للخَلق وخطوطاً لمرآة تحمل صورة الحقيقة البشعة ، كنتم صادقين مع الوطن ومع الذات…صادقين مع الإنسان ، وبشفافية أرواحكم النقية…اخترقتم حصار الكتائب المعدة لاصطيادكم…حملتم دماءَكم فوق كف المحبة وصلبانكم فوق أكتاف عانت شقاء العسف والظلم من” مُحتلٍ يدعي أنه من ذوي القربى”!، أشعلتم سراج الحلم وأوقدتم شموعاً تكتشف الخطأ..ولا تندم على إندلاع لهيب الحب في شرايين جفت ضروع الماء الحي والدم الحر فيها منذ عقود…أدركتم مرارة الواقع ووهم التشكيل المزيف للوطن والقائم على تشظي الأخوة ، فتحتم صنابير الماء لغسل الجراح ، كنتم على استعداد للغفران وفتح نوافذ الحوار من أجل لملمة الطوائف وحروبها وماخلفته من مواجع، لكن عسس السلطان كانوا لكِ وللأحرار بالمرصاد…هيأوا كُراسة الأسماء ذات اللون الزاهي وأصحاب الصوت المسموع واليراع الصادق، فأعدوا لكِ ولهم مقصلة تندلق من أطرافها خرافات الكذب وشهوة القتل والقنص بخناجر تصطاد الظهر وتخشى المواجهة…جربوا كل أحابيل الحواة وألعاب البهلوانات…عكروا ماء الحب والحياة في بردى والعاصي والشهباء وينابيع الصفاء واختلقوا فقاعات تلهي المتفرجين المحشورين في مسرحهم الكبير…تحرسهم قطعان من أجهزة الموت، وتراقبهم عيون من حديد تنتظر إشارة الانقضاض على من يُخفي جمرة المكبوت ويوقظها من تحت الرماد…
عيدُكِ …وعيد النساء يافداء…عيدكِ وعيد من التحقن بركبك اليوم من نساء سوريا ومناضلات الكون…تقفن بشموخ وكبرياء…بوجه طغاة لايعترفون بالمرأة كمناضلة، ولا يعرفون معنى حب الوطن…لأنهم يرون الوطن فيهم ويعتقدون أنهم يملكون القدرة على غسل ذاكرة التاريخ…يَرثون الأرض لكنهم لايرثوننا…نرثيهم ونرثي حالهم البائسة المحبوسة في قفص المرض والعُزلة…عزلتهم عن محيطهم…عزلتهم عن الانسان فيهم…” إن كان بعد فيهم شيء منه”..
أن نطلق الحناجر من أجل المرأة الحرة في يوم الحرية…أن نزرع دروبهن وروداً بيضاء تعني السلام لهن وسلامهن الذي سعين إليه، كل هذا قليل وضئيل وقاصر….لأن مشوار الحرية شاق وطويل في عالم الكآبة الديكتاتورية…في عالم استغلال الحق وتحويله لسلعة في بورصة الأسواق الدولية والعربية…أو عالم البازارات الفارسية..والمزاودات السلفية والمذهبية وتقسيمات الوطن وتفريخ الجدران الفولاذية الباردة بين الجار وجاره والمواطن وأخيه…كيف يمكن لحفنة شكلت كتلة وطنية أن تحدث شرخاً في بناء استوطن قلعة التاريخ وانتحل صفة الألوهية..؟ زرع الأحقاد وحمل الأصفاد وزَّوَرَ أوراق وسجلات العهود والمواثيق، ثم ارتدى قفطان التشريع واحتل عرش إمارة الإيمان…وأمسك بعصا سليمان…واتخذ لنفسه عسساً تتقن لغة الجان…فنشروا الإرهاب والخوف…مع هذا فقد أفلحتم رغم أنكم حفنة من صُناع الحقيقة وحَمَلة القانون العادل وتنوع الأصول في مُواطنة تجمع ولا تفرق…لهذا دبت الخشية في قلوبهم…لهذا رغم قلة عددكم…رغم أنكِ كنت الزهرة الوحيدة بينهم…والقنديل الذي يمنحهم دفء ونور اليقين…فقد هززتم بايمانكم عرش الزيف والخداع…
ماذا نقول للمرأة السورية وأنت يافداء قرنفلتهن الأبية…ووجههن الساطع…تلحق بركبك ثلة من رفيقات المحبة وحاملات كتاب الحق والحرية…فلم تعودي وحدك …اطمئني يابنة النواعير…فهاهي تهامة، ورغدا، وطل، ونادرة…تسيران في درب الشوك…في طريق الجلجلة…لكن أبداً لن تصلب الحقيقة ولا حملتها…أبداً وعهداً…نقطعه أمامكن وأمام العالم….لن تصلب الحقيقة…فسورية ..مهما أُذلت ومهما خافت ومهما عانت وعُزلت عن العالم …مهما حاولوا أن يعيدوها لعبادة الأصنام…وعبادة الطاغوت….فسوف تنهض كما الفينيق
لنحتفل بكن…ولندعو نساء الأرض وأحرارها…لعيد الحرية القادم.. دون شك.. عيد الانتفاضة من غفوة التاريخ…إلى نور الحرية وشعلة الديمقراطية
ــ باريس 7/3/2010
خاص – صفحات سورية –