صفحات ثقافية

مشرف ندوة أدونيس لإيلاف: ما يحدث في الجزائر عودة لمحاكم التفتيش

null
بعد إقالة مدير المكتبة الوطنية بسبب إستضافة الشاعر السوري
فهد سعود- الرياض والجزائر- هاتفيا:  لم تمضِِ عدة ساعات على قرار وزيرة الثقافة والإعلام الجزائرية، بإقالة مدير المكتبة الوطنية بالجزائر الدكتور أمين الزاوي من منصبه على خلفية الأزمة التي أثيرت
الشاعر المثير للجدل أدونيس
مؤخرًا، بعد زيارة الشاعر السوري أدونيس للجزائر بدعوة من المكتبة الوطنية حتى تصاعدت الأحداث بين أوساط الأدباء والمثقفين في الجزائر سريعًا، واستنكر الشاعر الجزائري (نجاري جيلالي)، مشرف ومعد الندوّة التي استضافت الشاعر أدونيس هذه الإقالة، واعتبرها تراجعًا كبيرًا لحرية الرأي والفكر في الجزائر.
وأضاف في اتصال هاتفي مع إيلاف: “على الرغم ممّا حدث من ردود فعل واسعة حول ندوة أدونس، إلا إنني لا أزال عند إيماني، بأن الجزائر هي البلد الوحيد الذي كان يملك القدرة والجرأة على استضافة المفكر والشاعر العربي أدونيس، ومناقشته في أفكاره، وآرائه، والمكتبة الوطنية كانت ولا تزال منبرًا للحكمة والحكماء من خلال الأسماء الثقافية والأدبية التي استضافتها خلال مسيرتها الأدبية”.
وأكد لإيلاف انه خلال الأربع والعشرون ساعة المقبلة، سيكون هناك موقف حازم من قبل الكتاب والمثقفين والأدباء والشعراء، في الجزائر تجاه ما حدث، عبر إصدار بيان صحافي لرفض ما إعتبره وصاية على الفكر واستنكار ورفض لإقالة الزاوي، لأن ذلك، بحسب حديث جيلالي، يخالف الديمقراطية وحرية الرأي والفكر، والكلمة، مضيفًا أنه خلال الأسبوع الماضي كان هناك الكثير من الأصوات التي تشجب وتستنكر تلك الهجمة ضد المكتبة الوطنية واستضافتها لأدونيس.
وأكمل: ولم يتوانَ مثقفو الجزائر عن الكتابة والدعم لهذه القضية، فقد كتب الشاعر الجزائري أزراج عمر، في صحيفة العرب الدولية، منتقدًا ما يحدث من تراجع خطر في مستوى النظرة تجاه الأدب، وأنا شخصيًا كتبت مقالاً في صحيفة ( المحقق)، وأعلنت موقفي الرافض تمامًا لهذا التراجع ولهذه الحملة، التي تجعلنا نشعر وكأننا عدنا إلى محاكم التفتيش في الجزائر بالنسبة إلى النوايا وحرية التفكير.
وختم جيلالي حديثه لإيلاف بالقول إنه يأسف كثيرًا للحال التي وصلت إليه الجزائر بعد تلك الأحداث التي تلت ندوة أدونيس، معتبرا أنه شخصيا تأثر بهذه الإقالة، حين بلغه الخبر، لأنها مؤشر خطر ولا بد من تدخل رسمي لإنصاف المثقفين والأدباء.
وكانت وزيرة الثقافة خليدة تومي قد رفعت تقريرًا إلى الرئيس الجزائري بوتفليقة تتبرأ فيه من مسؤولية “الانزلاق الفكري الذي حدث أثناء محاضرة الشاعر السوري أدونيس”، وحسب جريدة الشروق فقد ذكر الزاوي بأن شعورًا بالإرهاق منعه أمس من التنقل إلى مكتبه ، قبل أن يتم إعلامه رسميًا بأن وزيرة الثقافة خليدة تومي أمضت قرار إقالته .
ما قاله أدونيس من المسلّمات لدى دارسي الأديان…
من جانبها وفي تصريح لوكالة أنباء الشعر العربي أعربت الشاعرة والأكاديمية الجزائرية المعروفة نسيمه بوصلاح عن أسفها الشديد لإقالة الزاوي وقالت بوصلاح للوكالة : “لحد الآن لا أستطيع أن أفهم محور الجدل القائم حول زيارة أدونيس للجزائر، ولم أتابعها لأنني كنت على سفر وعدت للجزائر والقيامة قد قامت”.
أمين الزاوي
وأضافت: ” إن كان المثير لردات الفعل العنيفة هذه هو أدونيس، فأدونيس موجود وكائن مذ أراد له الله أن يوجد ويكون، وإن كانت أفكاره، فأفكاره وتوجهاته العلمانية نعرفها جميعا، وتصلنا أول بأول بل وتدرس في الجامعة لطلبة الليسانس في اللغة العربية وآدابها، والقليل يسلم للكثير، والقطرة تقود للنبع، الكلام هنا موجه للبرلماني الذي يستعد لمساءلة الوزيرة، وللوزيرة التي رفعت تقريرًا تتبرأ فيه من دعوة “البعير المعبد” أدونيس”!
وأكملت: “وإن كانت زيارته للجزائر هي التي أثارت هذا الجدل، فليسمح لي القارئ الكريم بأن أنفعل قليلاً، قليلاً فقط… لأن عصر تكميم الأفواه أعطانا عمره. يستطيع هذا المحترم ألا يزور الجزائر مطلقًا، وتصلنا كتاباته بسرعة الصوت، وبالقوة نفسها، ولا أعتقد أن الأمر يتعلق بتدنيس بقعة مقدسة، الرجل ليس دنسًا إلى هذا الحد الذي يجعلنا نتعامل معه بمضادات حيوية، وقفازات والبقعة ليست طاهرة إلى حد لفها في ووضعها في السيلوفان… ووضعها في قبة الزجاج بالتعبير القسنطيني” .
ومضت قائلة: “أنا أسأل الآن سؤالاً أصفه بالبريء، ولكم ألا تصدقوا براءتي الكاذبة، بعد أن أعفي جمعية العلماء المسلمين من الإجابة، لأنها في انقلابها على أدونيس كانت تمارس مهنتها الأزلية لا غير. سؤالي الذي لو كنت برلمانية لما طرحت غيره على الوزيرة هل كان ” الانزلاق الفكري الذي حدث أثناء محاضرة الشاعر السوري أدونيس” خطر فعلاً، وأخطر من الانزلاقات التي يمارسها القائمون على الثقافة عندنا على قشر الموز مرة وعلى واحدة ونص مرات؟؟؟ أم أننا أصبحنا فعلاً أناسًا حضاريين لكي نولي الفكري أهمية تفوق الممارساتي”.
وختمت: “عليه فلتسمحوا لي أيها الطيبون بتنقية الجدل القائم حول الأفكار التي طرحها أدونيس، والتي باتت من المسلمات لدى دارسي الأديان على اختلافها في مدى العلاقة الجدلية بين الدين والسياسة”.
محاضرة أدونيس وموقف جمعية العلماء المسلمين منها..
وكان أدونيس قد أثار الكثير من المسلمين بسبب مضمون محاضرته التي ألقاها بالمكتبة الوطنية يوم 14 من الشهر الجاري، إعتبر فيها أن  ”العودة إلى الإسلام تعني انقراضنا الحضاري”. اعتبر أدونيس في المحاضرة التي ألقاها بمكتبة “الحامة” بأن هناك مشكلة كبرى في المجتمعات الإسلامية تتعلق بـ”إخضاع الوحي للتأويلات السياسية والمذهبية بدوافع قبلية، ومذهبية، وإيديولوجية، وسياسية بدافع البحث عن السلطة”، مضيفًا أن أزمة الفكر الاسلامي أزمة تاريخية، وقديمة وليست جديدة.
وفي مقارنة له بين المجتمعات الغربية، وبين المجتمعات العربية – الإسلامية كما نقلت عنه صحيفة “العرب اللندنية” أوضح أدونيس بأن الأولى قد حققت الحداثة والديمقراطية بعد فصل الكنيسة عن الدولة. أما المجتمعات العربية الإسلامية فقد فشلت في تحقيق ما أنجزته الدول الغربية بسبب تحويل الوحي إلى مؤسسة سلطوية تخضع لثقافة الإلغاء، والإخضاع للفرد، وتهميش الرأي النقدي المخالف للسلطة أو معاقبة أصحابه.

وعارضت جمعية العلماء المسلمين استضافة الشاعر أدونيس بالجزائر، ووصف الشيخ عبد الرحمن شيبان، وهو وزير سابق للشئون الدينية،  تصريحات أدونيس بأنها “أراجيف وقحة من شاعر ملحد وإباحي يدعى بغير اسم ولقب ويكتب شعرا بلا روح ولا نغم”، معتبرًا كلامه في الندوة الصحفية بالحامة “تطاولا على الإسلام وعلماء المسلمين في أرض الجهاد والاجتهاد، أرض المليون ونصف المليون شهيد وفي رحاب المكتبة الوطنية ذاكرة الأمة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى