صفحات العالممحمد ديبو

البرادعي خيار مصر..أم الكحل أحسن من العمى

محمد ديبو
إلى محمد حلمي عبد الوهاب
مهما خرجت منا مصر لا نستطيع نحن العرب أن نخرج منها, وعلى الاخص نحن السوريين الذين تربطنا معها ومع شعبها لحظات فيها من الحلو والمر والأمر الكثير ..بدءا من العدوان الثلاثي وانتهاء بعبد الناصر وكاريزماه إلى الوحدة التي كانت حلما فتكسرت على صخرة الواقع إلى الهزيمة المشتركة في 67 إلى حرب اكتوبر بكل مآلاتها التراجيدية, إلى السلام المصري والاسرائيلي والانكسار التاريخي في العلاقة المصرية العربية و المصرية السورية والمصرية المصرية..وما استتبع ذلك من سياسات وجدنا “مصرنا” تنجرف إليها, مما جعلنا نرفع سيوفنا وشتائمنا أحيانا في وجهها ولكن قلبنا مغموس بهمها, على مبدأ قلوبهم معك وسيوفهم عليك ,وإن كان المثل لا ينطبق هنا تماما.
انطلاقا مما سبق يبقى الهم المصري حاضرا فينا, إذ لايكاد خبر صغير يتسرب حتى يرتقع منسوب عروبتنا لنعود نتابع مايحدث هناك بشغف الاطفال الذين يتطلعون لرؤية أباهم وقد جلب الحلوى لهم.
من هنا تأتي متابعتنا لما يحصل على الساحة المصرية بعد دخول البرادعي معركة الرئاسة, التي لم يدخلها أحد في هذا العالم العربي إلا وخرج منها إما إلى القبر أو إلى السجن.
ولكن يبدو أن هذه الانتخابات تحمل في طياتها الكثير, فهي تترافق مع حملة شعبية متواصلة, مع فوران شعبي كسر جدران الخوف, ونزل إلى الشوارع حاملا صورة ” المخلص”, بل إن مطار القاهرة كان بمثابة عرس لحظة وصول “المخلص” كما فهمت من صديقي المصري,الباحث والكاتب و المعارض الابدي لنظام مبارك محمد حلمي عبد الوهاب.
ولكن رغم ذلك, تساءلت ومازلت أتساءل, هل فعلا يشكل البرادعي الخيار الحقيقي للشعب المصري ؟
كان الرجل حتى الامس القريب ليس معروفا سوى بمنفذ لما تريده الدول الكبرى, ارتبط اسمه بالهيئة الدولية للطاقة النووية التي لم تسطتع أن تفعل شيئا سوى ترك النووي الاسرائيلي يعربد في سماء منطقة العرب, وبملف العراق النووي وو..
أسئلة كثيرة تغيب عن الشارع المصري : ماهو البرنامج السياسي المطروح, ما هي الاجراءت التي يعد بها الرجل؟
يبدو لي أحيانا, أن الشعوب تهرب من قدرها باتجاه أي قدر هربا من قدر ابتليت به, ولم تعد تجد من يريحها منه فيصبح أي قدر مهما كان هو “الخلاص”.
نخشى ما نخشاه, أن يكون الاستبداد الذي أرهق الشعب المصري على طول سنوات,هو السبب الوحيد لهذه الاندفاعة باتجاه البرادعي!
البعض يقول أن التغيير اي تغيير قد يكون أفضل من السكون القاتل, ولكن دروس التاريخ تعلمنا دائما, أن هذا الخيار ليس صائبا تماما..العراق مثلا..الاتحاد السوفياتي مثلا..
التغيير حتى يكون صحيحا و”في محله” كما نقول بالسوري, يجب أن يكون مقترنا مع وعي شعبي يعمل ويدفع باتجاه التغيير السياسي, لنجد أنفسنا نسأل : هل هذا موجود في مصر التي أرهقتها السنوات العجاف!
ماسبق بالتأكيد, ليس دفاعا عن مبارك, وليس تخويفا من مستقبل غامض قد تنجرف مصر إليه, ولكنه دعوة لقراءة ماذا يريد الشعب المصري من البرادعي؟ ودعوة لقراءة التاريخ وضرورات الواقع وماتمليه؟
نخشى ما نخشاه أيضا أن يكون الهرب من مبارك هو الدافع الوحيد للاتجاه نحو البرادعي, على مبدأ أن الكحل أحسن من العمى؟
ولكن ماذا لو كان الخيار هو بين العمى والعمى!؟
شوكوماكو

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى