عدنان العودة: لم يكتفوا بسرقة جهدنا وعدم تعويضنا فسرقوا مشروعنا
أنور بدر
عدنان العودة أحد الشباب الذين اعتمدت عليهم أمانة احتفالية دمشق عاصمة الثقافة، في الاعداد والتحضير لحفل الافتتاح، وهو أحد الشباب المعنيين ببرنامجها من أجل التنمية المستدامة
والاهتمام بأنشطة الفنانين السوريين الشباب في مجالات الثقافة المتباينة، وهو قبل ذلك من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية- قسم الدراسات النقدية عام 2000، وله أكثر من نص مسرحي مطبوع والعديد من نصوص الدراما التي قدمها كاتباً درامياً متميزاً ضمن جيله.
تبدأ قصة عدنان العودة ـ كما يرويها ـ من بداية أيلول (سبتمبر) من العام المنصرم، حين اتصل به صديقه المخرج عمر أبو سعدة، ناقلاً اليه خبر تكليفه من قبل الدكتورة حنان قصاب حسن أمينة احتفالية دمشق عاصمة الثقافة بالاعداد لحفل الافتتاح، طالباً منه التعاون في كتابة مشروع حفل الافتتاح.
ويتابع العودة قائلاً: بعد أسبوع قدمت لعمر أبو سعدة فكرة مشروع حفل الافتتاح مع تصور للمعالجة الدرامية والفنية معاً في ورقتين، تمّ عرضهما علي أمانة الاحتفالية وحظي المشروع بالموافقة الأولية، وقدمت اول مسودة كاملة للمشروع بتاريخ 15/9/2007 حيث أبدت الدكتورة حنان قصاب حسن عليها بعض التحفظات، وتكرر العمل أكثر من مرة حتي أنجزت الصيغة النهائية في بداية الشهر العاشر، وحصلنا علي موافقة نهائية للمشروع، وبدأت ورشة العمل.
تقوم البنية الفكرية للعمل علي تقديم دمشق كما رآها الرحالة والأدباء والمثقفون العرب والسوريون ضمن حيز مكاني وزماني مفتوح، وعلي هذا الأساس تمّ اختيار سبعة نصوص وفقاً لسبعة أبواب:
الباب الأول: أدباء خلف المدينة، الباب الثاني: دمشق عاصمة الدنيا، الباب الثالث: الأوابد، الباب الرابع: المدائح، الباب الخامس: الأعلام، الباب السادس: المهاجرين الباب السابع والأخير: الشاميات.
وقد أخذنا في هذه الأبواب مجموعة نصوص تعبر عن محتوي الفكرة التي قصدناها، وبدأنا بنص اسلامي ذي طابع ميثولوجي مع نص آخر عن بولس الرسول وخلق المدينة. كما أخذنا نصاً عن الجامع الأموي قمت بتجميعه من عدة مصادر، وكتبته بصيغته النهائية، وهناك نص آخر للشاعر محمود درويش عن خروج عبد الرحمن الداخل من دمشق الي الأندلس. كما اعتمدنا علي نصين عن خراب المدينة أحدهما لابن خلدون والثاني لابن اياس. واعتمدنا كذلك نصاً عن الصوفية لابن جوبير الأندلسي وآخر شعري لابن عربي. وهناك نص لخليل سركيس عن زيارة غليوم الثاني لدمشق، والحديث عن النسيج الاجتماعي والاثني في المدينة. كما اخترنا ثلاثة نصوص شعرية لسعيد عقل ومظفر النواب وآخر نثريا لنزار قباني في دمشق. واخترنا كذلك نصاً لمحمد كرد علي يحكي فيه عن الدمشقيين.
واعتمدنا كحل اخراجي علي فكرة الطوفان، حيث يبدأ العرض من طوفان نوح عليه السلام، ونشاهد كل الأحداث السابقة ونحن علي سفينة النجاة أو سفينة نوح، نتتبع ما يجري.
وأبدت الدكتورة حنان قصاب حسن حماساً للمشروع، وكان لديها لجنة استشارية أيضاً أعطت موافقتها، وعند هذا الحد انتهي دوري كمعد وكاتب، وبدأ عمر أبو سعدة عمله مع بيسان الشريف لرسم سينوغرافيا العرض، كما اتصل بكنان العظمة واستدعاه خصيصاً من أمريكا ليؤلف موسيقا العرض، كما اتفق مع فرقة سمة للرقص المعاصر بادارة علاء كريميد لتقديم التشكيلات المسرحية للعرض، واستعان بسؤدد كعدان من خريجي المعهد العالي كمساعدة اخراج و لصنع فيلم أوبروميشين عن الجامع الأموي، وكان خيارنا أخذ احدي النجمات السوريات في حقل الدراما كراوية وبطلة للعرض.
ويضيف السيد عدنان العودة:
بتاريخ 10/11/2007 اتصل بنا المدير المالي لاحتفالية دمشق السيد عماد جلول للاتفاق علي الأجر وتوقيع العقد، فطلبت مبلغ (500) ألف ليرة سورية أسوة بما يدفع في هكذا احتفالات داخل سورية، لكنني فوجئت بصديقي عمر أبو سعدة يتصل بي بعد يومين ليخبرني أنّ الدكتورة حنان قصّاب حسن ردت علي الأجور التي طلبناها بتحفظات علي النص، لم تكن موجودة أصلاً حين منحتنا موافقتها علي المشروع.
من هذه التحفظات العديدة التي خرجت الينا علي سبيل المثال:
1 ـ التحفظ الأول أنّ النص مفكك درامياً، مع العلم أنّ نص الافتتاح يقوم علي مشاهد أو لوحات ليس لها بنية درامية متصلة أساساً.
2 ـ الأجور المطلوبة عالية، علماً بأنّ هكذا أجور دفعت في افتتاح مهرجان دمشق السينمائي.
3 ـ أبلغتنا اعتراضها علي نص بولس الرسول ، علماً بأنّ أهم مزايا مدينة دمشق كونها مركز انطلاق المسيحية الي العالم كله.
4 ـ اعترضت علي اختيار نص عن دمار المدينة لأنها تريد أن تقدمها بصورتها المشرقة، علماً بأنّ هذا النص وضع لنقول أنّ مدينة دمشق كالعنقاء تنهض من رمادها باستمرار، ولا تزال واقفة رغم كل ما مرّ عليها.
5 ـ كذلك تحفظت علي مشهد لراقصين في الهواء ضمن مشهد صوفي، متخوفة من امكانية انقطاع الحبال ووقع الراقصين، علما بأنها وافقت علي نفس المشهد مع الشركة الايطالية في عرض الافتتاح الشعبي الذي قدمته في ساحة الأمويين، رغم أنه لم يكن موظفاً في السياق الذي اعتمدناه ضمن النص.
بعد ذلك وبناءً علي الحاح عمر أبو سعدة بشأن تعويض فريق العمل علي جهود شهرين بذلت بالاتفاق مع الأمانة، اتصلت بنا دينا الدهان من أمانة الاحتفالية، واجتمعت بنا عمر وبيسان الشريف، ومصمم الرقص علي كريميد ومساعدة المخرج سؤدد كعدان، وأنا واعتذرت نيابة عن الدكتورة حنان، واقترحت علينا تأجيل برنامج الاحتفال الذي أعددناه ليكون في حفل الختام للاحتفالية بدلاً من حفل الافتتاح، الا أننا رفضنا، واتفقنا علي الحصول علي نسبة 25% من الأجور التي طلبناها كتعويض عمل شهرين متواصلين لفريق العمل كاملاً، لكن الآنسة دينا الدهان سوفت لمراجعة الموضوع مع الدكتورة حنان قصاب حسن، وحتي تاريخه لم يصلنا أي خبر.
***
يتابع السيد عدنان العودة:
مع ذلك فوجئنا بعرض الافتتاح الذي قدم بحضور السيد رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد ووفود عربية ودولية رسمية واعلامية، بأنّ أمانة الاحتفالية لم تكتف بسرقة جهدنا وعدم التعويض، بل قامت بسرقة المشروع أيضاً، ونورد القرائن التالية:
1 ـ بنية كلمة الدكتورة حنان مبنية ومأخوذة من التفاصيل الرئيسية لمشروع عرض الافتتاح الذي قدمناه.
2 ـ أما العرض الذي قدم بتوقيع الدكتورة نائلة الأطرش كمخرجة، فاذا استثنينا نشيد الأطفال المقحم علي العرض، وكذلك عزف الفرقة السيمفونية لمعزوفات لا علاقة لها بالثقافة العربية، وركزنا علي متن العرض الأساسي، سنكتشف أنه قائم علي نفس الفكرة الأساسية التي قدمتها لأمانة الاحتفالية بصفحتين، مع ذات الحلول الاخراجية والفنية، اذ يقوم علي تقديم مجموعة من النصوص غير المترابطة درامياً ـ حسب احتجاج الدكتورة حنان ـ لمجموعة من الأدباء العرب والسوريين.
3 ـ الأهم من سرقة الفكرة العامة للعرض، هو استخدام نص عن الجامع الأموي، كنت سبق وجمعته من العديد من المصادر والمراجع، وقمت بكتابته واعداده، وهو غير منشور سابقاً، وقد أخذ حرفياً وقدم في حفل الافتتاح باعتباره كأي نص لنزار قباني أو كاتب ما، وأنا أتحدي الدكتورة حنان قصاب حسن أو المخرجة نائلة الأطرش أن تفصحا عن مرجعية هذا النص، ان لم يكن لي.
4 ـ المسألة الأخيرة، وأقولها بصراحة أنّ فجيعتنا لم تكن في كل تلك التفاصيل علي أهميتها، بل كانت في أنّ الدكتورة حنان قصاب حسن والدكتورة نائلة الأطرش هما من طاقم التدريس وقد تعلمنا علي أيديهما في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكنا ننظر اليهما بمودة واحترام لا نعرف كيف أضاعتاه في تفاصيل كلتاهما أكبر منها، كما نفترض.
أنور بدر : القدس العربي