عشر قصائد
علي جازو
ستنسى حياتك
ستنسى الصباحَ الذي فيه أحببْتَ يدَ أمِّكَ،
ستنسى أوراقَ شجرة التوت المجاورة عيونَ المساء،
ونتوءات الحائط الأصفر القديم،
ستنسى الرصيفَ الضيق وعتبةَ الباب وكلامَ الظلال الباردة،
ستنسى غصَّة الوادع المستمرة، ووحشة الأمنيات العذبة،
ويأس الوعود الغاضب،
ستنسى ذهب الأحلام الطويلة الباكية.
ستنسى حياتك.
نضارة
صعدتَ أدراجاً حجرية،
وسمعتَ صوتَ مياه المجاري المعتمة،
رأيتَ العجزَ الذي يصمت،
والنضارةَ التي لا تتكلم.
جماد
لا يردُّ عليَّ شيء.
لا الجدارُ المحاذي كتفي،
ولا هواءُ النوافذ.
تمضي الأشياء في صمت،
فراغاتُ الضوء لا تتحرك،
كما لو أنها أغصانُ جمادٍ لا مرئي.
أمسية ربيع
على هذا القلب أن ينبض أخيراً في أوراق الأشجار
مثلما في أمسية ربيع ، تبلل السنونوات الساهمة،
بياضَ صدرها الناعم بأعالي مياه ثقيلة.
ضياء الغروب
تمنَّ أن يكون نهارك فارغاً كوجه الميت.
أنظرْ انعكاس الشمس على زجاج نوافذ مقفلة.
تمشَّ، وراقبْ سعال الأرصفة الحجرية.
لا تلمْ، لا تسخرْ. لا تصرخْ، ولا تكتمْ.
أملْ رأسكَ قليلاً، ثمة عشبٌ حول سور الحديد.
أنظرْ في عينكَ: سيدة تمرُّ، عيناها دميتان نظيفتان.
تمنَّ أن يطول وداعك للنهار المسافر،
سرْ فيه كما لو كنتَ ريشة تسقط ببطء،
أو عصفوراً يهبط أسفل ضياء الغروب.
عطور ونمال
العطور لا تكذب، لأنها لا تعي الصدق ولا أثقال الواجب.
سواءٌ موت النجوم وحياتها.
النمال والتراب يسحقان مثل جسد مشرد جائع.
في الدم رماد، ومع الطهارة شقاء وخوف.
جمجمة من فم كهف
لا كلمة في هذه الساحة،
كل ما فيها حيوان لا مرئي أكل الكلمات كلها.
محض أصوات تحتك، كما لو تصدر
من قوائم كراس ثقيلة تجرّ من طاولة لأخرى.
الكلام جمجمة تسحب عنوة من فم كهف.
عشبٌ عفن. عيون تود لو لم تر أي شيء.
رماد محبوب
خصلات من شعر فوق الجبهة،
وفخذ تحت غطاء أسود شفاف.
هو ذا رمادُكِ الحبيب.
لا حلم ولا ندم
ليس لك حياة لتحلم،
أو موت لتندم.
غبار نجوم،
صرخة تشبه التسول،
دمعٌ وزهور .
اشربْ دمي المسحور
يا عشب الأماسي الرطبة الغائمة،
سامحني، يا نديم العزلة المتحولة،
فأنا لا أستحق صداقتك،
ولا كلمات قلبك.
أيها العشب المدهش:
اشربْ دمي المسحور،
لا تكنْ قبر لساني الكئيب.
موقع الآوان