هل صحيح أن حجاب الملوحي حجب أقلام المدونين عن نصرتها؟
حسنا . . منذ مدة دارت أحاديث عديدة عن ركود حركة التدوين وغياب التفاعل فضلا عن غياب المشاكل والخلافات الفكرية – وهي ملح الحياة التدوينية- بين المدونين وها هي ذا الفرصة الذهبية متقنة الصنع ترسو على المرفأ متعدد الطروحات وتنادي خذوني 🙂
وبعيدا عن مقدمتي المازحة – ورغم تفهمي وتقديري لدوافع الأخ عمر فيما كتب – إلا أنني أختلف معه كليا على كافة الصعد، سواء بطريقة الطرح وأسلوبه أو بلغته ومضمونه إلا اللهم فكرة التساؤل العلني الممزوج بالنقد و العتب حول استنكاف المدونين عن الإشارة إلى اعتقال طل الملوحي مع أن الجواب عليه قد يبدو من البداهة بمكان لا يحيج سوى إلى إشارة عابرة ضمن موضوع يتناول المسألة بمضامين أخرى.
فبداية الأخ عمر يتسائل عن سبب صمت المدونين عن الحديث عن طل الملوحي بالذات ليصل إلى استنتاج جاهز مسبق ووحيد وهو لأنها محجبة وذات توجه إسلامي! أما إحتمال ” السهو” فهو احتمال شكلي لا أكثر، لا ينال من يقينية الإستنتاج الأول بالنسبة له.
طبعا التساؤل والإستنتاج غير صحيحين، لأن المدونين – الذين يبدو أنهم يعاملون كحزب أو جمعية نقابية متماسكة- لم يصمتوا عن طل الملوحي وحدها فقد سبقها المحاميان البني والحسيني وأيضا الكاتبة رغد الحسين كما أشارت طباشير والمدون السوري الذي اعتقل في السعودية وربما غيرهم ممن لا تحضرني أسماؤهم. وبالتالي ليس هناك انتقائية في الصمت والحديث كما أشار الأخ عمر. رغم أن كثير من هؤلاء المدونين انضموا إلى مجموعات دعم الأسماء السابقة والمطالبة بإطلاق سراحهم على الشبكات الإجتماعية.
النقطة الثانية، الإستنتاج بأن حجاب الملوحي وإسلاميتها هما سبب الصمت يحتاج إلى وقفة مطولة حقا – رغم أنه استنتاج فاسد لفساد المقدمة التي بني عليها كما بينت أعلاه- لن أقفها بالطبع إلا أنه لا يسعني إلا التعبير عن عدم استساغتي لكل الطروحات التي تبنى على مفاهيم ” المظلومية ” و ” المؤامرة “، فالتيارات الإسلامية كثيرا ما كانت تحاول زيادة جماهيرتها بالتركيز على فكرة استهداف الإسلام وظلم المسلمين، ويحضرني في هذا الصدد تسجيل صوتي سمعته لأحد المشايخ الذين تحدثوا عن إعدام المفكر سيد قطب، وأن عبد الناصر رفض العفو عنه فقط لأنه يقول ” لا إله إلا الله” بالفعل لا إله إلا الله والله أكبر على هالكلام !
بالعودة إلى حجاب الملوحي وإسلاميتها، عند ذيوع نبأ إعتقالها لم يكن يدري أحد عنها شيئا ولا عن حجابها ولا عن توجهها الإسلامي الذي يبدو أنه لازمة لوجود الحجاب بالضرورة ( لم أقرأ مدونتها وبالتالي لا أدري إن كانت فعلا ذات توجه إسلامي أم لا) وبقي الأمر كذلك لفترة طويلة ولم يكتب أحد وظهر حجابها ولم يكتب أحد أيضا وعليه لا أدري كيف كان حجابها وإسلاميتها هي سبب الصمت؟!
الأمر الآخر، يعقد عمر مقارنة بين عدد الذين دافعوا عن كريم عربجي وعن المدافعين عن طل الملوحي مسقطا من حساباته عدة أشياء، أولها أن كريم عربجي صدف اعتقاله منذ فترة طويلة كانت فيها الإعتقالات الأمنية أقل جموحا واستهدافا لشرائح صغار الكتبة – على وزن صغار الكسبة – من مدونين ومن رواد للمنتديات وكان هناك شعور عام لدى الجميع أن خطر الإعتقال لهذه الشرائح هو في أدنى مستوياته ولا يطال إلا من يتكلم كلاما يتعدى كل الخطوط الزرقاء والحمراء والأرجوانية حتى، فضلا عن أن تلك الفترة كان فيها النشاط التدويني يشهد حماسة عالية على عكس هذه الأيام. أما طل الملوحي فاعتقالها جاء بعد حملة إعتقالات متتالية ومتنوعة لا يستثنى منها كبير السن أو صغيره. بل لم يعد يدري أحد ما هي المواضيع التي يأمن فيها شر الإعتقال طالما أنها تدور في إطار الشأن العام !
ثم لا أدري لماذا أسقط طارق بياسي من بين المدونين الذين نافح عنهم كثير من المدونين؟
أيضا يلقي عمر باللائمة على المدونين المتواجدين خارج سورية ولا يجد لهم عذرا أبدا، ناسيا أن هؤلاء لم يخرجوا خارج سورية إلى غير رجعة ، بل هم يعودون كل عام لزيارة بلدهم وأهاليهم ويضعون يدهم على قلبهم ألف مرة فيما لو ظنوا أنهم تكلموا بكلام سيحيلهم إلى مجرد صورة بائسة على صدر مجموعة من مجموعات الدعم على الفيس بوك.
باختصار . . أيا كان الهدف من حملة الإعتقالات المتنوعة التي بدأت تطال الجميع فهو قد تحقق. وما الصمت إلا دليل على ذلك.
مع تأكيدي مرة أخرى أنني لا أختلف مع عمر حول ضرورة ذكر والتذكير بهؤلاء المعتقلين، فالصمت جريمة لا تغتفر لكن من يجرؤ على الكلام؟
وعلى طريقة بيانات المرصد السوري لحقوق الإنسان أقول:
إن مدونة أعواد ثقاب تطالب بالإفراج الفوري والغير مشروط عن جميع معتقلي الرأي في سورية لأن حرية التعبير كفلها الدستور السوري و المعاهدات والمواثيق الدولية التي صادقت عليها سورية .