لاجئون، نازحون، والآن….مهجَّرون ومنتزه باريسي باسم “بن غوريون”!!
فلورنس غزلان
انصبوا خياماً جديدة ” للمهجَّرين”…نعم إنه الاسم الجديد للقادمين من فلسطين.. لا لم تخرجهم الحرب ولا هم بحرب مع إسرائيل، ولم يخرجوا طواعية أو يهاجروا طلباً للرزق…لقد أراد لهم نتانياهو وليبرمان أن يغادروا…والسبب؟!..ما أسهل الأسباب وطرق وجودها وما أبسط المبررات وسهولة الحصول عليها…اخرجوا فهذه الأرض لم تعد لكم، ولم يعد لكم فيها مقام…ومن يقيم هنا يقيم بإذن من دولة إسرائيل إذا تكرمت عليه وأثبت حسن سلوكه ستمنحه ” بطاقة إقامة”!…غادروا فقد أصبحتم عبئاً ديموغرافياً على إسرائيل في دولتها اليهودية، وعلى العالم أن يتعلم من الآن فصاعداً أن إسرائيل ستكون دولة لليهود فقط…وفي كل مرحلة تشبه هذه المرحلة من الهوان العربي…ستضرب إسرائيل ضربة مشابهة وتبعد من أرض الضفة أو القطاع…أو أي بقعة يتواجد فيها شعب يسمى فلسطيني آلافاً جديدة…إلى أن تحقق حلمها بنقاء عرقها!.
كيف لا ونحن نعيش عصر الذل والعار عصر الهزيمة ، مالذي سيردع إسرائيل عن ارتكاب كل الخروقات الكونية ومناكفة كل المواثيق الدولية دون أن تُفرض عليها الطاعة أو الالتزام، بل تلقى الترحيب والاحترام؟!، مَن هم من طينتنا وأبناء جلدتنا العربية ، نسيوا ويتناسوا كل يوم قضية فلسطين ، وعلى منبر قمتهم الأخير اعترفوا بأنهم أصحاب كلام لا فعل..وعادوا دون أن يحققوا سوى الخيبات متكررة، أما العالم الرحب الوسيع صاحب المواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية في محافل هيئتها في نييورك العظيمة، فإنها لاتملك من أمر نفسها إلا ما يضمن أمن وسلامة إسرائيل بفعل مَن يتحكم بكل قرارات مجلس الأمن أو الجمعية العمومية وما دار في صلب قراراتهما، وتنافس السادة على الدعم الخيالي لاسرائيل ، فالبعض منكم يعتقد أن دولة أوباما وحدها تشكل العائق وتملك امكانية الضغط وخيوط الحلول والربط ، لكني سأطلعكم كمثال فقط على آخر مستجدات الصادر عن الدار الفرنسية” بلد الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان”!!
منذ يومين حاولت بعض الأحزاب اليسارية والعديد من منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان أن يرفعوا عريضة وقعوا عليها يعترضون فيها على قرار اتخذه مجلس عمدة باريس السيد” دولانوييه” وسيقوم بتدشينه يوم الخامس عشر من الجاري بحضور رئيس دولة إسرائيل شمعون بيريز، والموضوع يتعلق بتسمية متنزه سيطلقون عليه متنزه ” بن غوريون” تكريماً وتخليداً منهم لباني ومؤسس دولة إسرائيل!!، في العريضة المرفوعة حاولت الأحزاب والمنظمات الموقعة ويفوق عددها الثلاثين منظمة وحزب ومن أهمها ( الحزب الشيوعي الفرنسي، حزب الخضر، التروتسكيين وحزب العمال، وكافة الأحزاب اليسارية الصغيرة ومن أشهر المنظمات منظمة المراب “).ـــ.هذا دون أن ننسى أن عمدة باريس ينتمي للحزب الإشتراكي الفرنسي وقد طرح اسمه أكثر من مرة كمنافس لساركوزي في الانتخابات الرئاسية القادمة!ــ وقد شرحت العريضة ما اقترفه المُكَرم ” مؤسس دولة إسرائيل من جرائم بحق الشعب الفلسطيني وما ارتكبته قواته من مذابح ومن تشريد لمئات الآلاف من الفلسطينيين من بيوتهم ، وكيف قام بتدمير 500 قرية فلسطينية ليبني فوق آثارها مستعمراته الإسرائيلية ويقيم دولة اليهود على أنقاض شعب طُرد من أرضه، أهذا هو من يستحق التكريم؟، ولم يكن الأول في القائمة الصهيونية بالطبع فقد سبق وسميت شوارع باسم ” تيودور هرتزل وآخر باسم اسحق رابين” وحين طالب الحزب الشيوعي الفرنسي الحكومة أن تعمل بالمثل وتسمي شارعاً باسم الراحل ياسر عرفات باعتباره رجل سلام وكونه تقاسم جائزة نوبل مع إسحق رابين نفسه،وكي تبين فرنسا للعالم العربي خاصة أنها لاتكيل بمكيالين!، لكن الطلب قوبل بالرفض ولم تثمر مساعي الحزب الشيوعي!!!هذه هي فرنسا بلد الحرية والديمقراطية وبلد الانفتاح على سورية الممانعة !…لكنها بلد حماية أمن إسرائيل قبل كل شيء!.
من خلال هذه المصالح وهذه السياسات عليكم أن تجدوا لكم مخرجاً، فياشعب فلسطين العظيم والمنكوب، نكبتك تاريخية عالمياً وعربياً كما هي فلسطينياً، فلم تكتفي عناصر اللعب بورقات فلسطين وفقرائها خاصة بأن عَقَّدت امكانية الحل وامكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، بل زاد عليها قادتها شرذمة وتفتيتاً قدم أكبر الخدمات لنيتانياهو ودولته، فحين تقيم حماس دولتها في القطاع ويقيم عباس دولته في رام الله ويتصارع الأخوة من أجل كرسي يخفي تحته قنبلة موقوته يدمر القضية ويدمر بيوت الفقراء ، ويجعل من أرض الضفة والقطاع مُنخلاً تكثر فيه شبابيك المستعمرات وتحيل الترابط بين القرى الفلسطينية مستحيلاً، وإنشاء دولة على هذا الأساس من عاشر المستحيلات فعلى ماذا تتصارعون؟ وعلى من تتكلون؟ على القذافي ؟ حين يستخدم النفط والأموال بالمليارات المودعة بالبنوك السويسرية انتقاماً لكرامة هانيبعل ابنه رمزه ورمز الوراثة القذافية، لكنه يعترف بتقصيره في القمة وبنفس الوقت يخترع كتباً بلون مختلف يحل فيه معضلتكم فيطرح على إسرائيل أن تقبل بدولة واحدة يسميها” إسرافلين”!!…فلماذا لاتعملون بنهجه وتسيرون على درب خطته، لكن المشكلة كيف نقنع إسرائيل بالحل القذافي؟!! أما النفط والغاز فلا يستخدمان إلا لخدمة أبناء الزعماء..وأصحاب النفط أخوته…ضاقوا ذرعاً بالمقدسات في القدس وغيرها..وفي فلسطين برمتها…لكنهم يعترضون ويصرخون بوجه إسرائيل ويرفعون عرائض الاحتجاج إلى هيئة الأمم..ويكتفي مؤمنو العرب بهذا القتال…دون أن ننسى كيف يصرخ بطل الممانعة بأنه سيستعيد الجولان بالقوة ، وأن المقاومة ستكون خياره…لو فشل السلام…وكأن أربعة عقود ونيف دون أن نطلق طلقة واحدة مقاوِمة باتجاه إسرائيل لاتكفي لحشد ماتتطلبه المعركة الحاسمة!! علماً أن المواطن السوري مازال يدفع عند إجراء كل معاملة في الدوائر الرسمية ضريبة من أجل التسليح والمعركة! ومازال يقدم أبناءه لخدمة العلم ، والتي تعتبر مدتها من أطول المدد في العالم ، كل هذا من أجل حشد الطاقات للمعركة!، متى ستأتي المعركة؟ عندما يأتي الوقت المناسب!!، لكن صوت الممانعة صار اليوم أقوى بفضل صواريخ شهاب والنووي المزمع انتاجه إيرانياً…والمثل يقول ” القرعة تتباهى بضفائر ابنة خالتها “، مع أن ابنة الخالة لها أجندة غير أجندة الممانعة السورية …ولو صَدَقت بأنها ستحرر القدس ولهذا لديها كتائب خاصة بالقدس، وأن قلبها على العرب وقضيتهم!!….لكن قلبها يذهب بعيدا جداً عن الخليج ينبض هناك ولا ينبض في الجزر الخليجية المحتلة، ولا يريد إعادتها بل يطالب بغيرها ويمنع كل طيران يدخل أراضيه من النطق باسم الخليج العربي أو العربي ــ الفارسي…وعليه أن يلتزم بالقرار الإيراني الفارسي، وهذا يعني أنه لايعترف بعروبة البلدان التي تقع غرب الخليج….ومع هذا يحلف ويقسم أغلظ الإيمان أنه سيحارب إسرائيل ويمحيها من الوجود!!
كل هذه الحِكم ولم نتعلم أو لم يتعلم الفلسطيني بعد!، فإلى متى وكيف؟
اعتمدوا على أنفسكم ولا تدعوا الآخر كائناً من كان أن يملي عليكم طروحاته وخططه، فلكل غاية في نفس يعقوب، دعوا غاياتكم السلطوية جانباً وعودوا للمقاومة والبناء…ابنوا مدارسكم وتنحوا عن السلطة فالمحتل مُجبر بكم بمدارسكم وكهرباءكم وغذاءكم…ابنوا وطناً تحت ظل الاحتلال حتى يقوى ساعدكم…وتفرضوا عليه حريتكم …
لكني مقتنعة أن ما أقوله يذهب أدراج الرياح، فكل يغني على ليلاه ، وكل يحمي مؤخرته والكرسيالاتي تحتها…وجياع فلسطين وبيوتها المهدمة…عليهم أن يصمدوا أن يموتوا كرمى لعيون سلام تريده إسرائيل ومن وراءها ..أو يموتوا ليقال عنهم شهداء ..من أجل قضيتهم…وكأن من ماتوا حتى اليوم لم تكفِ أعدادهم بعد…يطالبونكم بالموت والتضحية والعطاء وهم خلف طاولاتهم وموائدهم يأكلون لحومكم..انتفض ياشعب فلسطين على كل من يحتلك سواء كان منك أو من العدو…قل كلمتك الأخيرة وامضي لتعرف طريقك وتعبده بالأمل والبناء ثم قيام دولة فلسطين.
ــ باريس 14/04/2010
خاص – صفحات سورية –