صفحات ثقافية

تحاليــل دم ثقافيــة

null

منذر بدر حلوم

على غرار التحاليل التي تجرى، دوريا، لمراقبة الكوليسترول والشحوم والسكر وغيرها تلافيا لاستفحال ما يعبّر انحرافُ معدلاتها عنه من أمراض، فمن المفيد أن يراقب الانسان، وبالدرجة الأولى المشتغل في حقل الثقافة، في قوله وفي سلوكه نسبة العنصرية والطائفية والمذهبية والعشائرية والاستبداد والعنف والإلغاء والادعاء والتعالم والاستعلاء والزيف والخداع،
ويراقب معها مؤشرات موقفه من العمل المنتج ومن الفاعلية الحقيقية وليس الوهمية ومن قيم الحرية والعدالة وموقفه كواحد من ذكور الثقافة من المرأة، معيار فحولة المثقفين وخصائهم ـ ألم يسقط (حبيبنا) كافكا في اختبار نظرته إلى المرأة، فما إن وجّهت له صديقته، أو قل حبيبته، هيدفغ نقدا على طريقة تفكيره وموقفه من الديموقراطية حتى راح يشير بانتقادات لاذعة إلى ما ترتديه من ملابس! ـ على المثقف أن يحلل دمه الثقافي ومنفوثه الثقافي بما يقيه الإيغال في ما لا معنى للارتداد اللفظي عنه، إلا معنى استغفال الآخرين واحتقار عقولهم وربما خداع الذات. وأمّا الكذب، على اختلاف مسمياته، فلا تستقيم مع اعتناقه ثقافة، وما أكثر معتنقيه!

«لم يكذب يوما !» قيل أمس (26ـ1ـ2008)، في معرض الاحتفال بالذكرى السبعين لولادة الشاعر والممثل الروسي فلاديمير فيسوتسكي، وكان قد قضى في أوج عطائه عام ,1980 بعد أن تألق بتفرد صوته مسرح الحرية، مسرح (نا تاغانكا)، وطغت شهرته على مجايليه ومن جاء بعده ممن كذبوا، فمنهم من تلاشى مع ما كتب إلى لاشيء، مع زوال سلطان الاستبداد، ومنهم من قضى نحبه بين ركام من شعره ونثره الذي لا طعم له ولا رائحة، إلا طعم ورائحة السكوت عن الحقيقة وتجميل وجه الطغيان بالكتابة عن الأشياء التافهة وتجاهل آلام الناس الحقيقية. أليس في تجاهل آلام الناس نحو أشياء لا تفرّق بين قاتل ومقتول، تواطؤ مع القاتل؟

(لم يكذب يوما!) ليست دعوة إلى صدق مطلق لا وجود له حيث البشر يتوافقون على قواعد الكذب والرياء والخداع المتبادل، وحيث الثقافة تعيّن حدود الكذب الممكن والمقبول لعامّة الناس ولأبنائها المثقفين. وقد لا تكون المعضلة في الكذب وعدمه، بل في وعي ممارسة الكذب والضلال وفي القيم المحمولة على الكذب وعلى الأقنعة التي تخفيه وعلى منطقة الفصام بينهما بوصفها حاضنة للادعاءات: ادعاء الصدق، الحقيقة، العدالة، الكرامة، الحرية، الجرأة، البطولة، النزاهة، الاخلاص لقيم الثقافة: ثقافة الحرّية وليس ثقافة الاستبداد.. الادعاءات التي تتحصن خلف سور من الالغاء والعنف المعنوي المتزامن معه بحق كل من يشف صمته، ناهيك بقوله، عن مثال يعرّي هذه الادعاءات.

الدعوة إلى الصدق في مواجهة الذات قبل مواجهة الآخرين، ليست دعوة من باب الأخلاق، إنّما هي أقرب إلى الطب منها إلى الأخيرة، وليست من باب القول بالكذب والادعاء والتعالم والإلغاء، ناهيك بالفصام الثقافي، أمراضا نفسية، تستوجب العلاج كغيرها من أمراض البدن، التي لا تعلي الثقافة من شأنها كسابقتها، بل ومن باب آليات الكشف والعلاج وأدواتهما.

للأسف، وربما ليس للأسف ـ فقد لا تقوم ثقافة من دون جيش من آحاد الطامحين إلى ألوهة أحدية لا تعترف إلا بذاتها، كل على طريقته وبما لديه من لسان يطلقه على الآخرين، وحبر ينزل به من عليائه عليهم طامسا ملامحهم، قاطعا عنهم ما استطاع سواد حبره الهواء ـ ومع ذلك فللأسف ليس هناك مختبر يمكن أن يلجأ إليه المثقف لاجراء التحاليل الدورية لاكتشاف أمراض الفشل الثقافي أو نقص التروية الثقافية أو تضخّم الذات أو غيرها من الأمراض القاتلة قبل استفحالها. أم أن هناك كثيرا من هذه المخابر، لكننا نغمض أعيننا عنها لأنّها لا تكذب، فإذا بنا أضعف من أن نواجه حقائق أنفسنا.

أجَل! هي موجودة، لكننا لا نريد أن نراها، مرآة ترينا ما نكون عليه وليس ما نتقنّع إليه من دون محاباة. هناك مرآة تنتظر أن تحطّم على يد لا تروق لها الحقيقة، كمرآة حكاية بوشكين الشعرية (الأميرة الميتة والسبعة الأبطال) التي لم تتردد بقول الحقيقة للقيصرة الشريرة، القيصرة التي لم تقبل أن يكون هناك من هو أفضل منها، فإذا بها حين أخبرتها المرآة بوجود الأميرة الأكثر حسنا ولطفا حاولت قتل الأخيرة ما استطاعت، ولما لم تفلح بقتلها حطّمت المرآة، متوهّمة القضاء على مصدر الحقيقة. كانت القيصرة الخاسرة رهان المنافسة كلما نظرت إلى المرآة وسألتها الحقيقة تنتظر حقيقة بعينها، الحقيقة المرائية المنافقة وليس حقيقة أخرى، حقيقة تقوَّل ولا تقول. لكنّ المرآة، غير آبهة بالعنف المبطّن خلف السؤال، راحت تفصح عمّا عميت عنه عينا القيصرة المضببتان بأوهام العظمة والتفوق، راحت تفضح الوجه المختبئ تحت القناع، كما راحت صورة دوريان غراي تفضح خبايا الوجه الذي رُسمت عنه.

عند أوسكار وايلد الفن ينتصر على الزيف، الفن يشف عن الحقيقة. والصورة ـ المرآة لا تعود إلى صفائها إلاّ بزوال مصدر العكر، منبع البشاعة. فقد حاصرت روح الفن غراي واضطرته إلى أن يقتل نفسه البشعة كي يقتل صورته، صورة القاتل، قاتل خالق الصورة، التي راحت تُظهر ما أخفاه صاحبها وراء قناع كاذب تجمّل به. الفن لا يطيق الزيف! هذا ما أكّده سولجينيتسن، أيضا، في كلمته المعدّة لحفل تسلّمه جائزة نوبل عام 1972 النظام: «المستبد قد لا يطلب من تابعيه أكثر من أداء قَسَم الكذب، من المشاركة في الكذب. ومع ذلك فثمة شيء ممكن، خطوة بسيطة من إنسان بسيط يتحلى بالرجولة: عدم المساهمة في الكذب، وعدم مساندة الأعمال الكاذبة… وأمّا الكتّاب والفنانون فبيدهم ما هو أكثر من ذلك: الانتصار على الكذب، ففي صراعه مع الكذب انتصر الفن دائما».

ومع الإعلاء من شأن الفن والاعتراف بعظيم قدرته، فما زلنا بحاجة إلى مرآة عجيبة ترينا وجهنا الحقيقي وتسمعنا صوتنا الحقيقي وتكشف لنا عن ملوّثات دمنا ومخبوآت لاوعينا، وتمدّ يدها صوبنا بقلم آخر وصوت آخر وألوان أخرى تليق بما تخفيه أقنعتنا، وكم هي قريبة منا هذه المرآة. فقد يصلح انعكاس خطابنا في أفهام الآخرين غير المحابين لجعلهم مرآة من هذا القبيل تكشف ما يجمّله الرياء والزيف والمصالح الشخصية الضيّقة وغير ذلك من أشياء نغمض عنها أعيننا. وقد يكفي أن ننظر إلى الآخرين فإذا رأينا وجوههم ملوّثة سارعنا إلى غسل وجوهنا مما طفح به القناع. كما في رواية باولو كويلو (الظاهر) حيث يغسل الرجل النظيف الوجه وجهه حين «يرى وجه زميله مغطّى بالأوساخ، ويقول لنفسه: لا بد من أن وجهي وسخ أيضا. ومن الأفضل أن أغتسل». وسيتأفف شيوخ ثقافتنا من الاستشهاد بكاتب يرون في شهرته وعظمة عدد قرّائه، كما في قلّة عدد قرّائهم، دليلا على انحطاط ثقافي مريع. طوبى لمن يعرف كيف يجد لنفسه الطمأنينة! لكن هل نقول، هنا، مرحى للثقافة التي لا ترى إلا ما تريد؟

وليت الأمر يحلّ بغسل الوجه أو بمسح المرآة أو كسرها، فثمّة قبو للشخصية لا بد من أن يهوّى يوميا وينظّف، فما إن يزول العفن من هناك حتى يزول عن الوجه. قبو الشخصية الذي تحدّث عنه الفيلسوف الراحل أحمد حيدر، في محاضرة مضى عليها قرابة ثلث قرن، يكشف مضامينه مقلوب الخطاب. يكفي أن يغفل مدّع عتيد لحظة واحدة عن ذلك القفل الخبيث الذي لا أمان في سحب المفتاح منه، حتى ينفتح قبوه وتفوح منه رائحة عفن لا يفيد في تخفيف نتانتها حتى قطاف غرنوي لأجساد أجمل العذراوات. فحتى لو «تجمّل المقرف بعبق الورد فأصبح، تقريباً، مثيراً، وغريباً». فمن شأن المقرف فيه أن يعبّر عن نفسه في غفلة منه. وحتى لو كان ممن يتربعون على كرسي ربوبية الثقافة، فالرب نفسه في لحظة المواجهة مع الشرير غرنوي «كان مستكينا صغيرا نتنا. فإما أن يكون قد خدع أو أن يكون هو نفسه مخادعا، مثل غرنوي، لكن بصورة أسوأ كثيرا من غرنوي!». ليس غرنوي عند زوسكيند مثقفا، ولكن ثقافتنا تعاني فصاما بين تمجيد أمثاله، وبين الاستكانة له والسجود لشروره بوصفها تجليّا للجانب المظلم من الرب، أو من معبودهم الدكتاتور. وعلى خلاف الإعلان الصريح عن الشر وطلب تمجيده، الأمر الذي يفعله المستبد ويطلب من الثقافة تجميله، تحدّث الفيلسوف حيدر عن الأشياء التي تفتضح من خطاب أعدّ لإخفائها، حين يتناهى صوت اللاوعي من شقوق لم تحسن ثقافة الادعاء إغلاقها، إن كان لأحد أن يغلقها. وما دمنا في منطقة اللاوعي الفاضحة يحضر تلقائيا قول هنري غودار في كتاب (سيلين فضيحة) الذي لمّا تنشر ترجمة غازي أبو عقل له بعد: «ينبغي أن تحسب العنصرية في عديد البراهين عن وجود اللاوعي. ولهذا اللاوعي عدة أنبياء، كما الله، ولكل منهم لسانه وخطابه». ولمّا كنا خارج سياق الحديث عن اللاسامية ـ التي يعنيها غودار ـ والتي نتهرّب من الحديث عنها بوصفنا ساميين ولاساميين في آن، يمكننا استبدال الطائفية أو العشائرية أو العائلية أو غيرها بكلمة العنصرية، فإذا برسول ما من رسل لاوعينا يقرأ باسم الطائفية، أو العشائرية، أو مذهب أو عقيدة ما سياسية أو دينية اعتنقناها إلغاء لكل ما عداها، يقرأ ما أعلن الوعي المنتخب نحو قناع بعينه ألفا نقيضه، وإذا بـ (ما أنا بقارئ) محط مديح، حيث الثقافة تفوح منها رائحة منفرة بما هي حاضنة إلغاء كل أحد لمصلحة واحد أحد ليس هو الله.

وثمة أشياء لا تحتاج إلى تحليل دم أو مرآة! فكم من المثقفين من يدّعي معارضة الاستبداد، ويتجمّل بادعاء استهداف المؤسسة الأمنية له، وكم منهم من يتجمّل بالبطالة والعطالة بدعوى حرمانه من العمل، باحثا عن معنى في تضاد ظاهري مع النظام المستبد، وهو لا يني يهاجم كل من طالتهم يد الاستبداد ويشوّه صورتهم ويسوّد نواياهم ويطاول في إلغائهم عائلاتهم وأنسابهم وأنسالهم وقراهم وبلداتهم، ومع ذلك فهو لا يرى في قوله أو فعله ما يخلّ بمبادئ معارضة الاستبداد. أحسبني خرجت هنا من منطقة فضائح اللاوعي إلى مائدة الفصام الثقافي وربما غير الثقافي، حيث ينزل الأرباب أسباب ربوبتهم في حضرة الخمر. أم أن للخمر علاقة ببوابات اللاوعي! لا حاجة بنا هنا إلى مرآة بوشكين، كما لا حاجة لنا بها حيث يُكتَسب المعنى المعرفي بتزبيل (من الزبالة) معرفة الآخرين، وبتقديس البطالة والعطالة وإعادة إنتاجهما بوصفهما شكلا من أشكال المعارضة المحمودة، حيث يمكن توهم الفعل قدر ما تشاء!

المعرفة والجهل والغرور والتواضع.. أشياء قد لا تحتاج لأدوات معقّدة للكشف عنها ولا إلى مخابر لتحليل نسبتها في الدم. قيل بلغات عدة وبصياغات متنوعة: كلما عرفت أكثر اكتشفت أكثر مقدار جهلي فازداد تواضعي وشكي بما أعرف. ادعاء معرفة كل شيء إعلان جهل صريح أو دلالة مرض نفسي لا تفيد معه الثقافة بمقدار ما يفيد معه الطب. ومع ذلك فثمّة من لا ينظر في عيون الآخرين بوصفها مرآة كاشفة، كما لا ينظر في دلالات صمتهم الآسف. كم أدينت مقولة (من ليس معنا فهو ضدنا) و(إذا لم يستسلم العدو يقتل) والعدو هنا هو الآخر المختلف الذي لا يعترف بنا منبعا للحقيقة ومصدرا للقيمة والمعنى نكسبه من نشاء وننزعه عمّن نشاء! وكم أدين ماياكوفسكي وغوركي! ومع ذلك فلا يرى من يعاني فصاما ثقافيا ضيرا في قولٍ وفعلٍ من طبيعة ما يدين. يخيّل إليّ أن هيئة مثقفي الإلغاء أشبه بمحاكم تفتيش تعمل تحت عنوان (كل من لا يعترف بنبوغنا وبجودة رديئنا جاهل وغبي) وهنا تحضرني عبارة من حوار جاء في المسلسل الإنكليزي ? murders Midsomer:« أخطر حيوان في الأدغال هو الكاتب الفاشل».

وبعد، فهل يحتاج إلى تحليل دم أو مرآة عجيبة كشف الموقف من الحرية وبالتالي من الاستبداد؟ أليس يكفي دلالة هذا الصمت المريب، الذي لا يرى فيه عيبا أصحاب الأقلام الشهيرة والأقل شهرة، عن سجن ميشيل كيلو وعارف دليلة وسجناء الرأي الآخرين وكل جريمتهم القول، وعلى القول المتشبّه بالفعل يعيش المثقفون الصامتون؟! أوليس ذا دلالة كافية أيضا تدوير الزوايا وإلغاء الفروق، فإذا بالظلم سمة كل الأنظمة وإذا بالاستبداد قائم في البلدان جميعها ومثله الفساد واحتقار العقل وتخريب التعليم والقضاء وتقديم مبدأ الولاءات على مبدأ الكفاءات! أم أنّ تطابق هذا الخطاب مع خطاب المؤسسة الأمنية لا يعني أكثر من صدفة من غير اللائق تحميلها أبعادا أخرى؟ وإذا بادعاء عدم حاجة الإبداع إلى حرّية، بل بالقول بازدهاره في حاضنة الاستبداد لا يعني أكثر من رأي برئ في الثقافة، وإذا برسالة بولغاكوف إلى ستالين صادرة عن رجل قليل الموهبة، يبحث عن عذر في ضغط الرقابة عليه وعلى مسرحه! ولمن نسيه، أو لم تتح له فرصة الاطلاع عليه، أورد ما كتبه بولغاكوف لستالين: اللجنة المركزية لمراقبة النصوص المسرحية تربي مدّاحين، وخدما مرعوبين. إنها تقتل الفكرة الإبداعية. تقضي على التأليف المسرحي السوفياتي وستقضي عليه… فالنضال ضد الرقابة كائنة ما تكون، وتحت أي سلطة كانت، هو واجبي ككاتب، كما هو واجبي الدعوة إلى حرية النشر. وأنا عابد شغف لهذه الحرية، وأفترض أنه إذا فكّر أحد ما من الكتّاب أن يعلن يوما أن هذه الحرية ليست ضرورية له، فإنه سيكون كمثل سمكة تعلن على الملأ، أنها ليست بحاجة إلى الماء…». ومع ذلك ولأسباب يتعذّر فهمها يطالعونك بعدم حاجتهم إلى الحرية. ألا ينطوي ذلك في أحسن حالاته على توهم أصحاب النتاج الابداعي الذي بين أيديــنا والذي لم يعان أصحابه حاجة إلى الحرية لخلقه هو أفضل الممكن، وهو نتاج استنفذ أقصى أسباب الابداع فبلغ ذراه؟

وأمّا أخيرا، فمواجهة الذات بحقيقة ما تنتهي إليه تحاليل الدم الثقافية فتقتضي غير قليل من الرجولة، ذلك أن المرء قد ينتهي إلى ما انتهى إليه بطل غريشكوفيتس (في رواية القميص)، حين أمسك برأسه وضغط عليه قائلا:« ما أصغر هذا الوعاء، وما أكثر الخراء الذي فيه!»، أو ينتهي إلى ما انتهى إليه بوشكين حين قفز فرحا مع رسمه الحرف الأخير من رائعته (يفغيني أونيجين): « آه يا بوشكين، آه يا ابن الكلب!».

(كاتب سوري)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى