زوج ( فتحية )..!؟
جهاد نصره
يصف أفندية الشيوعية والقومية الليبراليين العلمانيين العرب بالجدد..! يقصدون أن سلاسل تشبه سلسلة السيد ( بلير ) تتدلى من رقابهم..! وهو توصيف مضلل وظالم لأن معظم هؤلاء كانوا يحاولون باستمرار أن يقولوا إن ما يعنيهم من الليبرالية هو القيم وحرية الإنسان على رأسها وأن ما يعنيهم من العلمانية هو مسألة فصل الدين عن الدولة وليس إيمان الناس وأن كل ما عدا ذلك يبقى رهن النقاش والمراجعة الدائمة وأنهم ليسوا نسخة مستنسخة كما كان الشيوعيون أيام الرفاق السوفييت..! والذي جرى أن الأسر الحاكمة الأكثر عداءا للحرية استطاعت اجتذاب الكثيرين منهم لعرض انشغالاتهم الفكرية المختلفة من خلال ساحات إعلامية مختلفة لم يبخلوا في تخليقها وردفها بميزانيات باذخة..!؟ وكان من البديهي أن يتجاهل أهل اللبرلة والعلمنة أجندات أصحاب المنابر الذين لا يساومون على مسألة استمرار هيمنة الثقافة السائدة في بلدانهم باعتبارها الركيزة الأساسية التي تقوم عليها ديمومة سلطتهم المطلقة وذلك بالنظر لافتقادهم لمنابر أخرى الأمر الذي شكَّل مفارقة أتاحت الفرصة للغمز واللمز من ذلك أن الليبراليين العلمانيين الديمقراطيين ضربوا خيامهم في الواحات النفطية الأسرية حيث المراعى والفيء..!؟ والذي شجَّع على بلبلة آراء الكثيرين في أوساط القراء والمتابعين أن أصحاب نتاجات اللبرلة والعلمنة مضطرون لتجاهل أجندات أصحاب هذه الواحات الإعلامية والمناورة في مسألة أنه في حقيقة الأمر إعلام إسر حاكمة تعادي الحرية أشدَّ العداء وهي لم تساوم يوماً على مسألة استمرار هيمنة ثقافة الرعية من حيث أنها الركيزة الأساسية التي تقوم عليها ديمومة توارثهم رعاياهم..! ثم إنهم مضطرون للتغاضي عن كثير من الحقائق المتعلقة بأصحاب هذا الإعلام وملاكه وأولها أنهم لا زالوا يجندلون من يمسكونه في بلدانهم متلبساً ( بجرم ) العقلنة والعلمنة وطلب الحرية ويمسحون به أرض زنازينهم هذا إذا لم تصل المسألة إلى حد التكفير والجلد..! وثاني الحقائق أنهم إنما أتاحوا هذه المساحات خارج بلدانهم لهدف تبيِّيض سيرة أنظمتهم والتعمية على حقائق مسيرتهم فالتنوير لم يكن يوماً من أهدافهم ولقد نجحوا في ذلك أيما نجاح فصار إعلامهم الأكثر حضوراً وليس ( تأثيراً ) في الرأي العام..! وعلى هذا يرى كثيرون أن مساهمة النخب المتقدمة في هذا الإعلام قدمت مثالاً فاقعاً على النفاق الثقافوي من واقع تعلق المسألة بالمصداقية وهي مقدمة لازمة لضمان الإقناع والتأثير..!؟
وهكذا، فمن يتابع هذه الأيام ما يقوله أهل اللبرلة والعلمنة والعقلنة في خضم الحديث المتأجج عن الحرب الوشيكة في المنطقة يجد أن الخسارة الثانية بعد خسارة الشعوب ستكون من نصيبهم ذلك لأن الحروب ذكية كانت أم غبية ستخلق ارتدادات ماضوية تعزز ركائز الثقافة الموروثة وتستنهض ما خبا فيها وخصوصاً أن هذه الثقافة التي تشكِّل فضاء الرأي العام العربي ظلَّت دائماً وراء انصراف الجمهور بعيداً عن النخب قريباً من الدعاة وهو صار أكثر انصرافاً اليوم بعد أن فقدت هذه النخب كما أسلفنا بعض مصداقيتها..!؟ ثم ونعم، وحتى لا يكون في الحديث تعسفاً من أي نوع لا بد من تسجيل أن المجتمع الدولي ولقيطته المسماة هيئة الذمم خذلا أيضاً على طول الخط أهل التنوير والحريات الأمر الذي قد يتطلب التوقف من جديد على مفترق المراجعات الفكرية فهل نرى بعضها قبل الحرب أم تأتي متأخرة كالعادة…!؟
لقد صار حال أهل الليبرالية الديمقراطية العلمانية كحال نادل المطعم الذي ابتلى بزبون يحضر يومياً وكلما سأله عاوز تاكل إيه..؟ يأخذ الزبون فوطة النادل ويشمها ويقول: أنتم عندكم النهاردة سمك فيليه وأرز وسلطة وهكذا كان الزبون يعرف كل يوم قائمة الطعام من رائحة الفوطة ولما احتار النادل في أمر هذا الزبون أخذ الفوطة إلى المنزل وطلب من زوجته ( فتحية ) أن تستحم وتجفف جسدها بالفوطة وفي اليوم الثاني أخذ الزبون الفوطة كالعادة وبعد أن شمّها قال للنادل: هو أنت جوز فتحية…!؟
خاص – صفحات سورية –