وانتهت التحقيقات في أحداث سجن صيدنايا!
رزان زيتونة
قدمت الحكومة السورية مؤخرا تقريرها الأول أمام لجنة حقوق الانسان الفرعية التابعة للأمم المتحدة، الخاصة باتفاقية مناهضة التعذيب، والتي صادقت عليها سوريا منذ ست سنوات.
تفاصيل ما جرى في تلك الجلسة، والتي يمكن الإطلاع على بعضها في تقرير منشور على موقع المنظمة الدولية، حافلة بالغرائب والمفارقات.
ومن ذلك، تأكيد ممثلي الحكومة السورية بأن أي شخص لا يبقى رهن الاعتقال في سوريا أكثر من أربع وعشرين ساعة قبل تقديمه للقضاء!
أو من مثل تأكيد الوفد الحكومي على علنية المحاكمات في محكمة أمن الدولة الاستثنائية، وأن باستطاعة أعضاء اللجنة إن جاؤوا إلى سوريا حضورها!
ولعل هيئة الدفاع عن الناشط المعتقل مهند الحسني المتهم من بين أمور أخرى بحضوره جلسات تلك المحكمة، لعلها تستعين بهذا الإقرار الرسمي حول علنية المحاكمة وإمكانية حضورها من قبل أي شخص كان حتى لو أنه لا يحمل الجنسية السورية، ولا صفة المحامي المسجل في قيود النقابة السورية، كما هو الحال مع الزميل الحسني.
لكن ما يلفت النظر في الردود السورية الرسمية أكثر من غيره، هو قضية أحداث سجن صيدنايا صيف عام 2008.
فممثلي الحكومة في ردودهم على أسئلة اللجنة فيما يتعلق بهذا الموضوع ذكروا الأمور التالية:
• ما جرى في سجن صيدنايا هو عبارة عن تمرد
• السجناء أخذوا حراس السجن كرهائن وهددوا بقتلهم إن لم تلب سلطات السجن مطالبهم..وتم قتل بعض الحراس
• لم تستخدم الشرطة القوة ضد مثيري الشغب بداية، لكن فقط، بعد مفاوضات طويلة
• وقع من القتلى حوالي 17
• أجريت تحقيقات وأرسلت مع الأجوبة التفصيلية إلى المفوضية السامية لحقوق الانسان في الأمم المتحدة، وستقدم نسخة مماثلة إلى اللجنة الفرعية.
ولا يقتصر الأمر على أنه أول اعتراف رسمي باستخدام القوة لإنهاء ذلك العصيان، وبوقوع قتلى في تلك الأحداث من السجناء والحراس، وتقديم رواية حول ما حصل حتى وإن كانت من وجهة النظر الحكومية، وذلك بعد نحو سنتين على وقوع العصيان.
لكن الأكثر مدعاة للاستغراب، أن تكون هناك تحقيقات أجريت، وتم التوصل إلى نتائج و”أجوبة تفصيلية” أرسلت إلى المنظمة الدولية، فيما لم يعلن هنا في سوريا عن أية تفصيلة صغيرة عما حصل، ولم نعد نسمع بالتحقيق الذي وعد البيان الرسمي بعيد الأحداث بالقيام به. بل إنه من العجيب أن ترسل أعداد وأسماء القتلى إلى المنظمة الدولية فيما لا تزال عشرات العائلات نهب العذاب اليومي قلقا على مصير أبنائها الذين يُجهل مصيرهم حتى اللحظة.
بالتأكيد، فالتعاطي الرسمي مع المنظمات الحقوقية الدولية فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الانسان في سوريا، هو أمر مهم حتى لو كان لا يزال في حدوده الدنيا، وحتى لو كانت نتائجه شبه معدومة حاليا. ولكن ماذا عن أصحاب العلاقة من السوريين، الذين يتم التعامل معهم من قبل حكومتهم ككائنات لا مرئية، أم أن الرواية الرسمية لا تبدو مقنعة كفاية لسردها على أصحاب العلاقة؟!
ومع ذلك، فلا يضير الحكومة مراعاة فضولية شعبها الزائدة عن الحد، ودس أنفه فيما لا يعنيه مثل قضية أحداث سجن صيدنايا، عبر تذييل ملف التحقيقات المرسل إلى المفوضية السامية ولجنة حقوق الانسان الفرعية، بعبارة صغيرة: “نسخة إلى الشعب السوري”….إلا إن كانت المشكلة تتمثل في عدم إيجاد عنوان إقامته..